أحتفل بالظلّ.. أغنمُ بالخسارة
1
طبق الظل البارد
تحت قدميك
تصنعه قبعتك القش
عريضة الحواف
حيث الشمس
تتجمهرُ في مقدمة
سيجارتي
والقمر ليلًا
منفضتي التي لا تمتلئ.
2
ليقطفني الموت عن شجرةِ
العائلة
وليزرعني من جديدٍ
في ترابٍ ما شئتُ لحفنةٍ منه
أن تكون حفيدًا لأبي
خاتمُ عرسي لا يزالُ
في فاترينةِ الصائغِ
وشهوتي التي تتدحرجُ
مثل كُرةِ النار
شاخت في انتظاركِ
قادمة على يديِّ
القابلة.
يطفؤها طبقُ الظل الذي
لا يحبلُ بالندامةِ
أو بما يحنط اسمي.
3
ليلة عرّيتُ قلبي
راح ظلك يبحثُ بلسانهِ
عن الشوكةِ
هكذا تسرقنا قشة صغيرة
من فرحٍ صنعناه
من حواضرِ البيت
بينما الليل، خلف النافذة،
يرقص الفالس مع عابرٍ ثمل.
ليلة تعرّى ظلك
رحتُ أعضّ بأسناني
باطن قدمك
هكذا تسرقني شامة قليلة هناك
من جسد بأكملهِ
بينما حذاؤكِ خلف الباب
يبكي في الممر.
4
يرعبني تصالحي مع الظلال
أبقوها إلى جانب نسخهم
من مفاتيح البيت
زمجرةُ الماء فوق حذوةِ الانتظار المحماة
كلما دسستُ عيني
في علبةِ البريدِ
الروائح التي تتنقل كالأشباح
بما تركوه من ملابس
يرعبني أن أشتهي الدمعة
ولا أنالها
وألا أرى في الأفق غير وجه
قرصان.
5
سأنتقم من كل الذين جعلوني
أشتاق إليهم
ومن الذين جعلوا المساء
قليل الكلام
ومن الذين سرقوا غناء الغلة
في جيوب العائدين
من التعب..
سأنتقم للشجرة
من نجّار المَلِك
وسأنتقم للفقراء
من قَصاصِ السرقة
للورقةِ
من هذه القصيدةِ المشتتة
ولسريري الفارغ
من الباءةِ المستحيلةِ
سأنتقم لجسدك
من طبق الظلِّ وشهوتي.
6
تلك الخسارات
لا تلوي عنقي إلى الخلف..
لا شيء لي وراء كتفي سوى
أثر حذاء/
ونطفة يابسة/
وزجاجة فارغة عند كل منعطف
وذكريات تقفز أمامي
مثل كلب نشيط
ياه لو أنها تشاركني
زجاجة ويسكي
أو فكرة انتحار
لأتخمتني الخسارة بغنيمةِ الخفةِ
ولطوقتُ عنق الفراغ
بخرزةٍ زرقاء.
7
الشمس
تتجمهرُ في مقدمة سيجارتي
والقمر ليلًا
منفضتي التي لا تمتلئ.
والأغنية
وقت محبط
خلف زجاج الساعةِ العجوز
تتقمّصُ تكّاتها:
عبثٌ من الكونِ
أن يسيرَ في هذي
الرتابةِ.
إبداعٌ من المقبرة
أن تصنعَ مثل هكذا
مسرحٍ.
خِسِّةٌ من البشر
ألا يتقنوا مآثِرَ
الذئب.
وعلى الله أن يصافحَ الطبيعة، مجدّدًا،
بكلتا يديه.
هكذا دائمًا أذهبُ إلى النوم
لم يُشأ لنزيفي القليل من القُطنِ والسِّلوان، ورُغمَ قلَّةِ البلل الذي خضَّبَ بهِ المِحفَّة إلا أنَّني أحتاجُ إلى تلكَ الابتسامة، ورُغمَ إغمائي سأرتاح لدموعِكِ، أراها كما فرطِ سُبحَةٍ تتقافزُ جمراتها على قسوةِ من ينالُ منّي الآنَ بنظراتٍ زُلفى، حتى اليد التي انتشلتني كانت مقطوعة أو أنَّ ثقلي الملقى على المِحَفَّةِ انتزعها/
قلبي يتضخمُ كالفُطرِ في الظِّل، فالخميرةُ سقطت في جرنِ حُزني وأصبح غطاء مخبئه قبَّعة، والصباح ليكونَ على شاكِلةِ الأمس، يتدربُ طيلة الليل بعيدًا عن الأقدارِ وعن الصُّدَفِ التي أرتجيها سيرًا على الأحلام. الحظّ لا أعوِّلُ على جهدِهِ ولو كانَ دلوه ينشِلُ من بئرِ المعجزة، والأصدقاء المتعثرونَ خلفَ دجاجةِ الفرح لم يجلبوا لي المَرَقَ والنبيذ/
إلى الأزقَّةِ التي تنام على نفسِها سأترُكُ هذهِ المِحَفَّة، وسألقي باليدِ المقطوعَة إلى زُرافاتِ الكلابِ الضالة.. سأشربُ القطرات من الزجاجةِ التي تركتها واقفة على فمِها، وأستدرِجُ النعاس لأدخل حيًّا في ميتَتي الصّغرى.
أنتِ مربطُ القلب
إلى رام الله
يسحَلُ الضوءُ
عن رَدْمِ الظهيرةِ
ينظرُ طائرٌ إلى الشمس
يزجرُه المغيبُ
بكلماتِ الأمس ذاتها
بعرفِ الديكِ/
بزجاجة العطرِ
المتحطمةِ على حجرٍ
أكلَ الظلّ نصف ضوئِهِ.
لمْ أنهض
وأنا المركولُ هيبة من أسودكِ الخمس
من صحيفتكِ المتخمةِ
بذنبٍ واحِدٍ.
لن أقتربَ من الجرحِ أكثر
وأجسّهُ بإصبعٍ باردٍ
سأدخُلُ من بابكِ الخلفيّ
متلفعًا بذقنٍ طويل
أشربُ الماء من شفقةِ نادلٍ
وفي السرِّ
أشربُ الويسكي
كأيِّ شاعرٍ ما بعد حداثوي.
لم أنهض إلا لأمرّ
من تحت نافذةٍ
قد يطل وجهكُ منها/
أو تطل تلك الصبية
حافية ترتدي الطريق
في قدميها
تشتري الأفوكادو
من الشجرة
بينما الثمرة تقطف يدها
أو تحاولُ ذلك.
مهووسةٌ تلك المدينة
التي كان
يسكنها الله
بصبيتها التي تأهَلُ أطلالهُ
على كتفِ الجبلْ..
بيتكِ ذاك المحمول
على الشهقاتِ
والأحلامْ.
هانِئة بعذابهم الفخيم
تصقلين خلخال اليسرى
بملح دموعهم
خلخالكِ الذي يلمِزُ
بالغوايةِ
يرشُّ على رؤوسهم
الموسيقى..
هنا مربطُ القلب
حيث يدرِكُ الشاعِرُ
أن دبوسَ شعركِ
أعتى من جنازير دبابةٍ
تفرُمُ الهواءْ.
* القصائد من مجموعة "أكلتني الشجرة" التي صدرت حديثًا عن "المؤسسة العربية للدراسات والنشر"