هكذا حاولت إسرائيل التهرب من مصطلح "الاحتلال"

20 سبتمبر 2016
قاد رابين عملية التزوير بالمحافل الدولية( باتريك كفريق/فرانس برس)
+ الخط -
كشفت صحيفة "هآرتس"، اليوم الثلاثاء، عن وثيقتين سريتين، من أرشيف وزارة الخارجية حول محاولات حكومة إسرائيل بعد حرب الرابع من يونيو/حزيران 67، التهرب من الضغوط الدولية عليها للانسحاب من الأراضي التي احتلتها في الحرب، ولجوئها إلى استخدام تعابير "جديدة" مثل التحرير والأراضي "المدارة" ومنع استخدام تعبير "الاحتلال" خوفاً من ردة الفعل الدولية.

وتضاف هذه المساعي، إلى محاولات أول رئيس لحكومة إسرائيل، دافيد بن غوريون، بتزييف أبحاث أكاديمية لطمس ومحو جرائم الطرد والترحيل، خلال النكبة، والادعاء أن الفلسطينيين "غادروا" وطنهم بمبادرتهم ونزولاً عند طلب القيادات العربية لهم.

وبحسب تقرير خاص للكاتب لتوم بيرغر، في "هآرتس"، فإن الحديث يدور عن وثيقتين سريتين للغاية صدرتا عن وزارة الخارجية الإسرائيلية عام 1968، بعد عام من الحرب المذكورة، تظهران كيف سعت حكومة إسرائيل للتهرب من تطبيق وفرض سريان وثيقة جنيف على الأراضي المحتلة عام 67 (الضفة الغربية وقطاع غزة وهضبة الجولان السوري).

ويعترف موظفون رسميون في وزارة الخارجية الإسرائيلية، بحسب ما تورد الوثيقتان، بقيام الحكومة الإسرائيلية بانتهاك وخرق وثيقة "جنيف" واستخدام العنف تجاه السكان الفلسطينيين، وامتناع إسرائيل عن تعريف نفسها دولة احتلال بهدف تفادي الانتقادات الدولية.

وتتضمن الوثيقة الأولى، وهي عبارة عن برقية رسمية أصدرها في مارس/آذار عام 1968 الدبلوماسيان الإسرائيليان ميخائيل كومي، الذي كان آنذاك مستشاراً سياسياً لوزير خارجية إسرائيل أبا إيبن؛ وثيودور ميرون، الذي كان مستشاراً قضائياً لوزارة الخارجية؛ توجيهات للسفير الإسرائيلي في واشنطن يتسحاق رابين (رئيس الحكومة الإسرائيلية لاحقاً)، لكيفية منع الأميركيين من فرض معاهدة "جنيف" على الأراضي المحتلة.

وجاء في البرقية، التي صنفت على أنها "سرية للغاية"، "إن موقفنا المثابر، كان ولا يزال التهرب من أي مناقشة مع أطراف أجنبية عن الوضع في المناطق المدارة وفقاً لمعاهدة جنيف. إن أي اعتراف بسريان معاهدة جنيف سيبرز مشاكل قاسية في ما يتعلق بالمعاهدة خاصة مسألة تفجير البيوت، والطرد والاستيطان وغيرها، زيادة على ذلك ففي الوقت الذي ينبغي لنا فيه الاحتفاظ بكل الخيارات مفتوحة أمامنا بشأن الحدود، فإنه يمنع علينا أن نعترف بأن مكانتنا في المناطق المدارة هي مكانة حكم احتلال".

وباختصار، فإن سياستنا تجاه "المناطق المدارة هي محاولة منع تناقض واضح مع معاهدة جنيف دون الخوض أصلاً في مسألة سريان المعاهدة من عدمه".

ويعترف الاثنان في البرقية المذكورة بإشكالية الموقف والمكانة الإسرائيلية في كل ما يتعلق في القدس، إذ إن الحكومة باشرت العمل فيها (في القدس) بشكل مناقض للمعاهدة، وبحسب الرجلين، فإن "المشكلة الأصعب هي بطبيعة الحال في القدس الشرقية، لأن في هذا السياق، لو سارت الحكومة على خطى معاهدة جنيف وأنظمة لاهاي (بشأن قوانين الحرب) لما كان بمقدورها أن تحدث تغييرات بعيدة الأثر في مجال الإدارة، والقضاء كمصادرة الأراضي، ومع أننا نحاول في هذا الشأن أيضاً، أن نتفادى أعمالاً سيكون لها صدى دولي، فإنه لا توجد إمكانية للتوفيق بين أعمالنا في القدس وبين المحاذير المنصوص عليها في معاهدة جنيف وأنظمة لاهاي".

ويقول كاتب المقال، إن "الدبلوماسيين المذكورين وجها رابين ودفعاه لأن "يقول للأميركيين إن لمكانة المناطق ولمكانتنا في المناطق جوانب مميزة. فقبل حرب الأيام الستة لم يكن قطاع غزة أراضيَّ مصرية، كما أن الضفة الغربية كانت أراضيَّ تم احتلالها وضمها من الأردن بدون اعتراف دولي، وبالتالي فإنه في ظل وضع جغرافي كهذا غير مُعرف (محدد) وضبابي، فإن مسألة سريان المعاهدة شائكة وغير واضحة لحين التوصل إلى اتفاق سلام يرسم حدوداً آمنة ومعترفاً بها".

ويمضي الدبلوماسيان في توجيهاتهما لرابين قائلين "وبالتالي لا فائدة ترجى من الخوض في جدل علني معهم (أي الأميركيين) حول هذه الأمور، ولكن عليك تسجيل مواقفهم وردودهم".

وكان ميخائيل كومي، أوصى بحسب صحيفة "هآرتس"، بعد أسبوعين من الحرب، نائب مدير وزارة الخارجية الإسرائيلية، يوسيف تكواع، عبر وثيقة صنفت هي الأخرى بأنها سرية، بالامتناع عن استخدام مصطلح "احتلال" وذلك لتفادي تمكين الصليب الأحمر الدولي من حرية التواصل مع الفلسطينيين في الضفة الغربية، وذلك "على ضوء حقيقة كون الصليب الأحمر يحاول المطالبة بحقوق للسكان الفلسطينيين طبقاً لما تنص عليه معاهدة جنيف، لذا يجب توخي الحذر من استخدام تعابير معينة مذكورة في المعاهدة".

واقترح كومي بدلاً من ذلك استخدام تعبير "المناطق الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية" أو "مناطق الحكم العسكري".

وقال كومي، أيضاً، إنه على "وفدنا في الأمم المتحدة وممثلياتنا الدبلوماسية أن تعرف هنا أننا نتهرب من مناقشة مكانة المناطق، مع الصليب الأحمر".

ووفقاً للصحيفة العبرية، فقد تم الكشف عن هاتين الوثيقتين، خلافاً للوثائق الخاصة بملف نكبة عام 1948، بناء على طلب من معهد أبحاث إسرائيلي يدعى "عكفوت" المحسوب على حركات اليسار في إسرائيل.​


دلالات
المساهمون