هكذا ثار الغزّيون لأجل الضفّة والقدس

15 أكتوبر 2015
الغزيون معكم قلباً وقالباً (Getty)
+ الخط -
يبدو أنّها المرحلة الحرجة التي يمر بها قطاع غزّة منذ انتهاء العدوان الإسرائيلي الأخير في صيف العام الماضي. ثمّة تفاصيل جرت، ولا تزال تجري، ولكن، بشكل متقطّع ووتيرة أخف على المناطق الحدوديّة، وخاصّة في حي الشجاعيّة الواقع إلى الشرق من القطاع. إذ لم ينفك الشّباب أن يتّجهوا إلى المواقع العسكريّة الإسرائيلية لإلقاء الحجارة والاشتباك المباشر مع جنود الاحتلال.


ربّما كان في اعتقاد بعضهم أن من عاش ويلات حربٍ دامت 51 يوماً، قد استنزفت قدراته في مواجهة الإسرائيلي أينما كان تواجده. بل إنّ خروج الشّباب من المنطقة التي شهدت أكبر عمليّات قتل لساكنيها، هؤلاء الذين سبق واستهدفتهم قذائف المدفعيّة المتمركزة شرق الحي، كان أكثر ما يُثبت روح المقاومة التي تعتلي القلوب تجاه المحتل.

في السياق، يؤكّد "هشام حامد"، وهو أحد المصابين: أن ما دفعه إلى الخروج ومواجهة العدو بالحجارة، هو ما تمر به السّاحة الفلسطينيّة من أحداث غاية في التوتّر والتصعيد، والتي بدورها لا تستدعي إلا الوقوف والمواجهة المباشرة من دون تفكير.

يقول حامد لـ"جيل العربي الجديد": "ما يوجع الضفّة والقدس يوجعنا، بغضّ النظر عن التقسيمات البائسة التي خلقها الاحتلال، إلا أن الأرض قطعة واحدة، وقطاع غزّة جزء لا يتجزّأ من فلسطين. ما قمنا به، لا يتعدّى الواجب تجاه فلسطين والفلسطينيّين على اختلاف أماكن تواجدنا، فالأرض لنا، وهي تطلب أهلها الآن، وعلينا أن نلبّي النداء".

وعلى الرّغم من اعتبار بعضهم أن ضرب الحجارة في قطاع غزّة ليس بالأمر المُجدي، يلفت "أحمد مجدي" إلى أنهم خرجوا ويعلمون أنه ليس بإمكانهم أن يفعلوا الكثير؛ كون قطاع غزّة تحكمه ظروف خاصّة، والخيار الأقوى يبقى بيد المقاومة، إلا أنّه لم يستطع أن يبقى صامتاً إزاء ما يحدث في الضفّة الغربيّة والقدس المحتلّة، فأراد إيصال رسالة بأنّ الغزيّين معكم قلباً وقالباً حتى لو تطوّرت الأمور حدّ الحرب.

هذه الاشتباكات، أسفرت عن استشهاد مجموعة من الشباب، والذين استهدفتهم قنّاصة الاحتلال بشكل مباشر في الرأس والصدر، وأصابت العشرات منهم بجراح متفاوتة. ربّما، يعلم المتظاهرون أن إلقاء الحجارة "غير مجدٍ" إلى حدّ ما في قطاع غزّة، إلا أنّهم قرّروا إيصال رسالة لجنود الاحتلال أنّ الحرب لم ترهبهم، وهم مستعدّون لمواجهتهم دائماً وأبداً، بحسب قولهم.

وكان "جيل العربي الجديد" قد شهد على مشاركة النّساء أبناءهن في المواجهات، إذ أتت إحداهن لابنها قائلة له: "يا بن الكلب طالع لحالك؟ مفكّر رح أمنعك؟ وليش واقف ورا؟ يلا امشي معي اضرب حجار من قدّامهم".

من ناحية أخرى ثمّة من أبدى اعتراضه على خروج الشّباب لمواجهة العدو بهذه الطريقة الخطرة، ويرى معتصم عواجة أن هذه المواجهات ليست مجدية بالقدر المعقول، بل إنّها أقرب إلى الانتحار، وتضييق لمفهوم المقاومة، أو حتّى "التضامن". يضيف: "بكل تأكيد لم يفكّر المتظاهرون في نتائج الأحداث التي سوف تتبع الهجوم على الثكنات العسكرية المصفّحة"، ويشير إلى أن التسهيل الجاري من قوّات الضبط الميداني في غزّة صار من أجل عدم تحويل اتّجاه الغضب إلى عصيان داخلي على حماس، إذ قمعت المتظاهرين ومنعتهم من الوصول إلى الحدود.

وتابع عواجة: "هذا العدد من الشّهداء وهم في عمر الزهور، يتحمل مسؤوليّته الدّاعون إلى هذه المسيرات، من شباب غير واعٍ، أثاروا العاطفة لدى الشّباب الثائر بدون تفكير جدّي"، ويحمّل حكومة حماس مسؤوليّة عدم تصدّيها للمتظاهرين والمسيرات "غير المجدية"، على أمل التنسيق الجيّد والفعّال في الهبّات القادمة.

وبالعودة إلى العدوان الأخير على القطاع غزّة، كان حيّ الشجاعيّة قد تعرّض لمجازر أسفرت إحداها عن قتل أكثر من 60 فلسطينياً وإصابة المئات، كما تهجير سكّان الحي بشكل كامل خلال ساعات الصّباح الأولى من يوم الأحد الأسود - حسبما أطلق عليه الفلسطينيون -، في اليوم الثّالث عشر للعدوان على القطاع.

(فلسطين)
المساهمون