هكذا تلجأ قوات حفتر لـ"تزييف" واقع المعركة جنوب طرابلس

05 ديسمبر 2019
الميدان يعيش حالة مراوحة (محمود تركية/فرانس برس)
+ الخط -
اشتدت محاولات اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر، للتقدم في مناطق جنوب طرابلس، بالتزامن مع إطلاق تصريحات لقادة قواته، قوامها "تزييف" واقع الاشتباكات الجارية، وفي ظل نفي قوات حكومة "الوفاق" تحقيق أي تقدمات مهمة لقواته.

وفي السياق، أعلن "مركز الطب الميداني والدعم" التابع لحكومة "الوفاق"، الخميس، استهداف قوات حفتر لسيارتي إسعاف، خلال الاشتباكات التي وقعت، أمس الأربعاء، جنوبي العاصمة، في أثناء قيام الفريق الطبي بإسعاف الجرحى.

وأفاد المركز، في بيان، أولى ساعات صباح الخميس، بوقوع أضرار مختلفة نجمت عن إصابة السيارتين، مع تأكيد سلامة السائقين والفريق الطبي، في وقت تحتدم فيه محاولات قوات حفتر للتقدم في مناطق جنوب طرابلس، تزامناً مع تصريحات للمتحدث الرسمي باسم قيادة قوات حفتر أحمد المسماري، أكد خلالها أنّ قوات حفتر "تمكنت من التقدم في عين زارة وخلة الفرجان والهضبة".

وفيما دعا المركز المنظمات المحلية والدولية والأمم المتحدة، إلى "اتخاذ التدابير اللازمة لحماية المدنيين في مناطق الاشتباكات وتحييد الأطقم الطبية"، قال سكان من منطقة الخزانات بطريق المطار إنهم عاشوا "ساعات مفزعة"، أمس الأربعاء بسبب اشتداد القصف المدفعي.

وأكد السكان الذين تحدثوا، لـ"العربي الجديد"، أنّ "المنطقة والمناطق المجاورة لها، كالمشروع والخلاطات، شهدت سقوط أكثر من ثلاثين قذيفة مدفعية عشوائية خلال اليومين الماضيين"، فيما قرر بعضهم ترك منزله والنزوح للنجاة بأسرهم.


من جانبه، أكد "مكتب الإعلام الحربي" لعملية "بركان الغضب" التابعة للجيش الليبي بقيادة حكومة "الوفاق"، أنّ وحدات الجيش أحبطت كل محاولات التقدم التي شنتها قوات حفتر في مختلف المحاور.

وأوضح المكتب، على صفحته الرسمية على "فيسبوك"، أن "قوات الجيش بمحور السويحلي نجحت في تدمير مدرعة تايغر إماراتية، وعلى متنها أربعة من مقاتلي مليشيات حفتر، واستهداف تجمع للمرتزقة سقط معظمهم بين قتيل وجريح"، مشيراً إلى أن عمليات صدّ هذه المحاولات كبدت قوات حفتر خسائر، من بينها "استهداف قاعدة لسلاح الكورنيت بمحور الخلاطات نتج منه مقتل الرامي وتدمير القاعدة"، بالإضافة إلى أسر سبعة عناصر من مقاتلي حفتر برفقة دبابة.


وحول إعلان المسماري، خلال مؤتمر صحافي من بنغازي، ليل الأربعاء، تقدم قوات حفتر "في عين زارة وخلة الفرجان والهضبة"، نفى المتحدث الرسمي باسم عملية "بركان الغضب" مصطفى المجعي صحة التصريح، وأكد أنّ "تلك المناطق مناطق اشتباك ونيران، فكيف يمكن أن تتقدم فيها مليشيات حفتر".

وفيما يصف المجعي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، تصريحات المسماري بـ"التزييف الإعلامي"، لفت إلى أنّ "المسماري منذ بضعة أشهر، وهو يصرّح بالتقدم داخل تلك الأحياء رغم صغرها، ولا يمكن أن تحتمل مساحتها الجغرافية الصغيرة كل هذا التقدمات طوال أشهر".

وتجنب المسماري، في مؤتمره الأسبوعي ليلة البارحة، بشكل كبير الحديث عن تفاصيل المعركة جنوب طرابلس، مجتراً الحديث عن "رسالة الجيش لتحرير البلاد من المجموعات الإرهابية كـ"داعش" و"القاعدة""، مرفقاً حديثه بأرقام عن ضحايا التفجيرات الإرهابية طوال الثماني سنوات الماضية.

وتعليقاً على إعلان قيادة قوات حفتر سيطرتها على قلعة السدادة، جنوب شرق مصراتة، أمس الأربعاء، وبثها صوراً وفيديوهات لبعض مقاتليها وهم يتجولون داخل القلعة، أكد آمر المحور الجنوبي العقيد أحمد محمد هاشم، أنّ قوات "الوفاق" موجودة في منطقة السدادة، موضحاً أن قوات حفتر التي دخلت للقلعة "لم تلبث هناك سوى وقت قصير من أجل التصوير".


ويعتبر الخبير الأمني الليبي محيي الدين زكري، أن "لجوء إعلام قوات حفتر وقادتها إلى طريقة التضليل الإعلامي، مرده إلى فشلها في إحراز أي تقدم حقيقي على الأرض"، مؤكداً أنّ "العشوائية في القتال، خلال الأيام الماضية، تؤكد انهيار معنويات المقاتلين، ما احتاج لدعم إعلامي، ولو كان على سبيل التزييف".

واعتبر زكري أنّ "ترويج صور وفيديوهات من داخل قلعة السدادة الخالية أصلاً لا يحقق أي مكسب عسكري، بل يهدف إلى رفع معنويات المقاتلين، بالإشارة إلى وجود قوة يمكنها أن تهدد مركز قوة الجيش، وتحديداً في مصراتة".

ويرى أنّ محاولة الدعم المعنوي للمقاتلين على الأرض "جاءت بعد السقطة الكبيرة للمسماري عندما أعلن سقوط 7 آلاف مقاتل خلال أشهر المعركة الثمانية، ما استلزم إجراءات من مثل ترويج أنباء زائفة"، لافتاً إلى أنّ "تزامن إعلان حفتر لقرار منحه وساماً لأسر قتلى معاركه و100 ألف دينار، يأتي في هذا الاتجاه".

وحول مستجدات الميدان، أوضح زكري أنّ "الميدان يعيش حالة مراوحة عسكرية على الأرض"، وقال: "منذ أشهر لا تزال محاور القتال جامدة في مواقعها الحالية في الخلاطات وفي طريق المطار وعين زاره وغيرها"، مشيراً إلى تغيرات أخرى في مشهد القتال.

وبين أن "تراجع اعتماد حفتر على الضربات الجوية والإفراط في استخدام المدفعية عشوائياً يشير إلى تراجع الدعم الخارجي"، وقال: "معلوم أن الطيران الذي كان يكثف من ضرباته الجوية إماراتي في أغلبه، وتراجع وجوده في سماء طرابلس ومحيطها يعني غياباً نسبياً للدعم الإماراتي". 

ومن جانب آخر، يقرأ زكري لجوء حفتر إلى استخدام المدفعية بشكل مفرط للدفاع عن مواقعه، بأنه "يشير إلى نقص كبير في مقاتليه على الأرض، وربما أيضاً غياباً نسبياً للمقاتلين المرتزقة، في وقت يعاني فيه حفتر من أزمة مالية وعدم تمكنه من دفع رواتب المقاتلين المرتزقة".