كشف تقرير رسمي عن دور لشرطة الاحتلال في تفاقم الجريمة والعنف في أوساط الفلسطينيين بالأراضي المحتلة عام 1948، فاضحًا التقصير الكبير في أداء الشرطة لمهامها، الذي يرى مراقبون أنه مقصود، وأنها لا تكترث لسفك دماء العرب، وتغض الطرف عن عصابات الإجرام.
ووجه "تقرير مراقب الدولة"، يوسيف شابيرا، انتقادات للشرطة الإسرائيلية، ردا على انتقادات من النائبة العربية في الكنيست، حنين زعبي، التي طالبته بالنظر في أسباب زيادة الجريمة في الداخل الفلسطيني وفحص أداء الشرطة، لكن التقرير لم يتعامل مع جميع مطالب زعبي.
وأوضح التقرير أن 1236 شخصاً قُتلوا في المجتمع العربي الفلسطيني في الداخل خلال الفترة من 2000 إلى 2016، وأنه لم يتم تقديم لوائح اتهام إلا في حالات قليلة، كما يؤكد أن معدل حوادث القتل بين فلسطينيي 48 أكبر بنحو مرتين ونصف عن المعدلات في المجتمع الإسرائيلي، وأن نسبة إطلاق النار في الفترة من 2014 إلى 2016 كانت أكبر بنحو 17.5 في المائة، علما أن المجتمع العربي في الداخل الفلسطيني يشكل نحو 20 في المائة فقط من السكان.
وأشار التقرير إلى "قصور كبير في عمل الشرطة في ما يتعلق بجمع السلاح غير القانوني المنتشر، وعلى سبيل المثال تم تقديم 7 لوائح اتهام فقط، من أصل 143 حالة إطلاق نار في أماكن مأهولة بمدينة الناصرة خلال 2015". وما ينسحب على الناصرة، لا يختلف كثيراً عن باقي المدن والبلدات العربية.
تقصير مقصود
وقالت النائبة حنين زعبي لـ"العربي الجديد"، إن "تقرير مراقب الدولة لم يأت بجديد من حيث المعطيات والحقائق المعروفة، ولكنه يؤكد ما ردده المجتمع العربي الفلسطيني على مدار سنوات بشأن تورط الشرطة في الجريمة لعدم توفر النوايا الحقيقية، وربما لنهج مقصود".
وأوضحت أن التقرير "جاء بناء على طلبي قبل نحو عام ونصف العام. الجديد هو الاهتمام بتحويل الموضوع إلى مراقب الدولة، ووضع تعامل الشرطة تحت رقابة رسمية، مما يعبر عن الاعتراف بإشكالية".
وتابعت: "التقرير يؤكد تأكيداتنا أن قضية عدم فك ألغاز الجريمة في مجتمعنا العربي، وعدم جمع السلاح، ليست ناجمة عن ذكاء المجرم العربي، وإنما تقصير وعدم معالجة صحيحة لأسباب مقصودة أو غير مقصودة. ووضع هذا الموضوع تحت الرقابة الرسمية قد يدفع الشرطة إلى أخذ عملها على محمل الجد، وهذا ما علينا استثماره، فصدور التقرير يعني أن هناك أيضاً متابعة، ولا تستطيع الشرطة تجاهله أو التعامل معه باستخفاف، كما أنه يُعطي مصداقية لكثير مما قلناه سابقا".
ولفتت زعبي إلى أهمية بعض توصيات التقرير "وعلى رأسها أهمية زيادة عدد محققي الشرطة، وجمع السلاح غير المرخص المسؤول عن نحو 80 في المائة من جرائم القتل في مجتمعنا".
لكنها انتقدت عدم تطرق التقرير إلى عصابات الإجرام الفاعلة في المجتمع العربي: "هناك مواضيع وضعناها في صلب تقرير سلمناه إياه، على رأسها التعامل مع عصابات الجريمة، والعلاقات المشبوهة بين أفراد من الشرطة والعصابات، ولا نتحدث هنا عن قلة من أفراد الشرطة الذين يقومون بالتغطية على العصابات، بل تصل الأمور إلى استخدام الشرطة للعصابات كمصادر أمنية".
وتابعت: "شدد التقرير على معطيات الجريمة وانتشار السلاح في الشمال، وبعض بلدات المثلث، من دون الخوض في ظاهرة الجريمة في النقب، وتقاعس الشرطة هناك، كما أنه لم يتطرق إلى دور الشرطة في البلدات المختلطة كاللد والرملة، التي تحتوي محطات شرطة مركزية".
وأشارت وزارة الأمن الداخلي الإسرائيلية (الشرطة)، في محاولة للنأي بنفسها عن تحمل المسؤولية، إلى أنها تسعى لاتخاذ عدة خطوات لمحاربة الجريمة وجمع السلاح في المجتمع العربي، كما تطرقت إلى السعي لزيادة محطات ومراكز الشرطة في البلدات العربية، وهو ما ترفضه قيادات الداخل الفلسطيني.
وقال رئيس بلدية سخنين، مازن غنايم، لـ"العربي الجديد"، إن "ادعاءات الشرطة ووزارتها بأن زيادة محطات الشرطة ستخفف الجريمة غير صحيح. لا توجد علاقة بين زيادة عدد أفراد الشرطة وزيادة الجريمة، وقد أثبتنا ذلك بالأرقام، فالبلدات التي لا توجد فيها محطات شرطة لا تعاني من عنف أقل من غيرها. الأمر يحتاج إلى نوايا حقيقية، وإلى خطة واضحة للقبض على المجرمين".
وأضاف: "لماذا ينجح في القبض على مجرمين عند إطلاق رصاصة على شارع يمر به يهودي، ويتم القبض على العربي عندما يصاب يهودي، بينما لا نجد مثل هذا التدخل السريع والناجع عندما يصاب شخص عربي، أو حين يتم إطلاق النار من السلاح غير المرخص في البلدات العربية؟".
وأكد غنايم أن "الشرطة الإسرائيلية تعرف مصادر السلاح، وكما جاء في التقرير، فإن بعضها يأتي من معسكرات الجيش، والتهريب من الضفة ومناطق أخرى، ولكنها في الواقع تكيل بمكيالين في ما يتعلق بالجريمة، فتقوم بمكافحة ناجحة في الوسط اليهودي، وبالمقابل تقصير كبير في المجتمع العربي، بل توفير الأجواء لانتشار السلاح وسفك الدماء العربية دون اكتراث. هذه ليست عنصرية فقط، ولكنها جريمة تساهم بها الشرطة".