هكذا تسلّل كورونا من أرياف إسبانيا إلى أكبر مدنها

04 يونيو 2020
انتقل المرض إلى كافة المدن الإسبانية (Getty)
+ الخط -
في المنطقة الشمالية من إقليم لاريوخا في إسبانيا، وتحديداً في منطقة سانتو دومينغو دي لا كالسادا، بدا فيروس كورونا، وكأنه يتسلل بصمت لينال من سكانها، خاصة أن السلطات لم تكن قادرة على إنقاذ السكان". بهذه العبارات، بدأت ماريا خوسيه دوونياس، قصة والدها الذي كان أسير تلك المنطقة لصحيفة "ذا غارديان" البريطانية.

يعيش في البلدة نحو 6300 شخص، وقد منعوا من الخروج من المدينة، بعدما ارتفع عدد المصابين بالفيروس. لم تكن المدينة مجهّزة بالإسعافات الطبية، كما لم تكن تملك أي أدوات للرعاية الصحية في مواجهة المرض، الأمر الذي تسبب في وفاة العديد من السكان، خاصة كبار السن.

ووفق الصحيفة، فإن هذه المنطقة، كانت أولى المناطق الإسبانية التي انتشر فيها الفيروس بسرعة، وانتقل إلى مناطق أخرى، ولو تمكنت السلطات من حصره في المدينة لما كانت إسبانيا قد عانت من الوباء.

ووفق الخبراء، يعود انتشار الوباء في المدينة، لعدة أسباب، أبرزها: أنها من أكثر المناطق التي يقصدها السياح حول العالم، كونها لا تزال محافظة على طبيعتها الخلابة، وهندستها المعمارية الفريدة، التي تعود إلى القرون الوسطى. ويشير ريكاردو فيلاسكو، رئيس المناطق الصحية المحلية في لاريوخا، إلى أن مدينة دي سانتياغو والتي غالبا ما توصف بأنها أقدم مسار سياحي في أوروبا، كانت المصدر المحتمل لانتشار الفيروس، وانتقاله إلى كافة المدن الإسبانية، خاصة في شهري فبراير/شباط ومارس/آذار.

أعداد كبيرة من الوفيات

يقول معدّ التقرير "لم نتمكن من معرفة عدد الوفيات إلا بعد مرور فترة من انتشار الوباء"، ويضيف "لقد عانى الجميع بشدة، خاصة مدن البلدان الأوروبية الجنوبية، التي يعتقد بأنها كانت السبب الرئيسي لانتشار الفيروس في المدن الكبرى". ووفق التقرير، فإن غياب الرعاية الصحية، وضعف الاهتمام بالأرياف، كان السبب في انتشار الفيروس وتمدده.

وبحسب الصحيفة، فقد أظهرت البيانات الإحصائية، أنه توفي ما لايقل عن 550 شخصاً في هذه المدينة، وهو رقم مرتفع، مقارنة مع معدل الوفيات في المدن الكبرى الأكثر تضرراً في العالم. سجلت لندن 86 حالة وفاة لكل 100.000 شخص بحلول منتصف أبريل/نيسان، كانت مدريد قد سجلت نحو 131 حالة في منتصف مايو/أيار.

في 11 مارس/آذار، قام الأطباء والممرضات - المجهزون بالأقنعة ولكن ليس هناك شيء آخر لحمايتهم - بالقتال لإنقاذ أحد السكان، وهي امرأة تبلغ من العمر 85 عاماً، كانت تعاني من حمى، وضيق تنفس، وما لبثت أن توفيت. وفي غضون أسبوع، أصيب العديد من سكان هذه القرية، خاصة كبار السن في دور الرعايا، بمن في ذلك الطبيب الرئيسي.

وأدى ارتفاع عدد الوفيات في دور الرعايا في هذه المدينة، إلى إرسال السلطات فريقا من وحدة الطوارئ العسكرية للكشف على دور الرعاية، وتبين إصابة جميع سكان الدار، كما تبين إصابة العديد من السكان الذين نقلوا إلى المستشفى الخاص.

وقالت وزيرة الدفاع مارجريتا روبليس للصحافيين في تعليقها على النتائج، إن الوحدات العسكرية تكتشف أن سكان دور الرعاية يموتون في أسرتهم، وليس فقط في الأرياف، ففي مدريد، توفي ما يقرب من واحد من كل سبعة من سكان دور الرعاية - ما يقرب من 6000 شخص، وفقًا لما ذكرته إذاعة الدولة RTVE.

وتشير هذه التقارير إلى أن الإهمال في دور الرعاية، كان سبباً في ارتفاع أعداد الوفيات، وانتشار الفيروس.

لقد أدت حالات الوفاة والإصابات في تلك المدينة إلى تغيير استراتيجية الدولة الإسبانية، إذ تم حظر ممارسة التمارين في الهواء الطلق، ولم يُسمح للأطفال دون سن 13 عاما بمغادرة المنزل لمدة 45 يوماً، في محاولة لتطويق المرض، ونجحت إلى حد ما السلطات الإسبانية في مواجهة الفيروس.