فضحت مقاطع فيديو انتشرت أخيراً قيام مليشيات ليبية باستعباد مهاجرين من جنسيات مختلفة والمتاجرة بهم، وهو ما يتحدث عنه إلى "العربي الجديد" مهاجرون تمكنوا من العودة إلى مالي
يصف مهاجرون، من دولة مالي في غرب أفريقيا، عادوا من ليبيا مؤخراً، ما تعرضوا له خلال إقامتهم فيها بحثاً عن طريق لعبور البحر الأبيض المتوسط باتجاه قارة أوروبا، الإقامة هناك بأنّها أشبه بالجحيم. وأوردوا أنّهم ذاقوا أصنافاً من التعذيب الجسدي والنفسي والإكراه على الأعمال الشاقة من دون رحمة، كذلك جرى احتجازهم أياماً من دون طعام، وتهديدهم بالقتل في كلّ مرة يحاولون فيها أن يرفعوا أصواتهم مطالبين بأيّ شيء حتى لو كان قضاء الحاجة الطبيعية.
يؤكد المهاجرون الذين التقت بهم "العربي الجديد" أنّ مليشيات ليبية تحترف الاتجار بالبشر بتهريبهم وبيعهم من دون أن تتحرك السلطات لردعها، إذ تستغلّ المليشيات حلم المهاجرين بالوصول إلى أوروبا لاحتجازهم وامتهان كرامتهم وبيعهم لاحقاً في أسواق نخاسة لمن يدفع أكثر.
يقول ديابا (23 عاماً) الذي عبر الحدود البرية إلى ليبيا في يونيو/ حزيران الماضي انطلاقاً من النيجر المجاورة لمالي بغية الهجرة إلى إيطاليا: "عانيت من جحيم لا يطاق في ليبيا، وظننت مرات عديدة أنّ حياتي انتهت وأنني لن أتمكن من العودة إلى بلدي... فقد كان الجميع يعاملنا بقسوة كأنّنا بضاعة؛ يحتجزوننا وينقلوننا من مكان إلى آخر ولا يحترمون رغبتنا في العودة".
يضيف: "قطعت الحدود من مالي إلى النيجر ومنها إلى ليبيا من دون أن أمرّ على أي نقطة حدودية. وفي جنوب ليبيا التقيت أنا والمجموعة التي كانت معي بوسطاء يملكون عربات نقل وسيارات عابرة للصحراء واتفقنا معهم على نقلنا إلى بلدة زوارة على شاطئ البحر الأبيض المتوسط (إلى الغرب من طرابلس)؛ لإيجاد وسيلة من هناك من أجل عبور البحر. لكنّ الوسطاء كانوا متواطئين مع عصابات أخرى، فنقلونا من منطقة إلى منطقة وكانوا هم من يحدد المسار بداعي عدم مواجهة سلطات مكافحة الهجرة، إلى أن وصلنا الى بلدة قرب مصراته (إلى الشرق من طرابلس) حيث احتجزنا لأيام وعوملنا كالحيوانات".
يتابع المهاجر المالي أنّ انتقاله من يد عصابة إلى أخرى كان يبدد حلم الهجرة بالنسبة إليه، ويجعل أقصى طموحه هو الهرب من فخ هذه العصابات حتى لو احتجزته شرطة مكافحة الهجرة. أمضى ديابا خمسة أشهر في ليبيا، ويقول: "الأوضاع في أماكن الاحتجاز كانت صعبة للغاية بسبب العنف والضرب وقلة الماء والطعام، بالإضافة إلى عدم وضوح المصير الذي كان ينتظر مئات المهاجرين من جنسيات مختلفة". ويشير إلى أنّ أقصى أمانيه كانت العودة الى بلده، وقد تحقق له ذلك بعدما فرّ من معتقل احتجاز المهاجرين رفقة ثلاثة استغلوا ضعف مراقبة المسلحين إحدى البوابات، ففروا من المعتقل وسلموا أنفسهم إلى مركز محاربة الهجرة غير الشرعية، ومنه نقلوا إلى النيجر بمساعدة مشروع خيري خاص بالمهاجرين في ليبيا.
اقــرأ أيضاً
تكشف شهادات المهاجرين غير الشرعيين العائدين من ليبيا إلى دولة مالي أنّ أعداد العصابات الناشطة في مجال تجارة البشر تضاعفت خلال الأشهر الأخيرة، وانتقل نشاطها من نقل المهاجرين وإيوائهم وتأمين قوارب للهجرة إلى الاتجار بهم والتحكم في مصيرهم وبيعهم للمليشيات من أجل استغلالهم في أعمال مختلفة.
يقول إيفون تراوري (26 عاماً) إنّ العصابات لا ترحم المهاجر الأفريقي بل تسلبه جميع أمواله وتطالبه بالعمل في البناء أو الحراسة بذريعة تأمين ما تبقى من أموال مشروع الهجرة إلى أوروبا. يتابع المهاجر الذي أمضى ثمانية أشهر في ليبيا: "كنا نتعرض للضرب وسوء المعاملة والتهديد بالقتل، فهذه العصابات لا تعرف الرحمة وتستغل حاجة المهاجرين؛ لأنّها تسيطر على نقاط التهريب عبر البحر".
يروي إيفون تفاصيل مروعة عن عميات بيع عشرات المهاجرين الأفارقة كعبيد: "بيعَ العشرات من المهاجرين الأفارقة أمامي مقابل مبالغ تراوح ما بين 700 دولار أميركي و900 للشخص الواحد، ومن يرفض بيعه يقتل على الفور، فلا وجود لقوة تردع عصابات الاتجار بالبشر". يؤكد إيفون الذي فرّ من "السجن" الذي كان يعتقل فيه بالقرب من الزوارة أنّ مراكز تجميع المهاجرين ممتلئة بالكامل وليس هناك من يساعدهم على الخروج من ليبيا. ويشير إلى أنّ القوارب الصغيرة التي تنقل المهاجرين أشد خطورة من بيعهم على الأراضي الليبية. ويقول: "القوارب تعني الموت الحقيقي ومن يصلون إلى أوروبا نسبتهم قليلة. أما بيع المهاجرين فهو مسألة مؤقتة، وبالرغم من أنّ ذلك مشين فإن المهاجرين يحصلون على حريتهم بعد فترة من العمل".
احتجت مالي بشدة على سوء معاملة المهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء، بعد التقارير التي تحدثت عن بيعهم كعبيد، واستدعت وزارة الخارجية القائم بأعمال سفارة ليبيا في باماكو "لرفع احتجاجها الشديد وإدانتها المعاملة اللا إنسانية للمهاجرين التي تشير إلى صفحة مظلمة ومؤلمة في تاريخ أفريقيا". كذلك، استدعت مالي سفيرها في ليبيا من أجل التشاور.
ودعت حكومة مالي المجتمع الدولي إلى إجراء "تحقيق نزيه لتحديد مرتكبي هذه الأفعال الشنيعة وشركائهم وتهيئة الظروف لوصول هؤلاء المهاجرين وتنظيم عودتهم إلى بلدانهم".
وكانت شبكة "سي إن إن" الأميركية قد عرضت فيلماً وثائقياً صادماً لمهاجرين أفارقة يباعون في المزاد العلني في ليبيا، وهو ما أثار ردود فعل واسعة أفريقياً ودولياً.
اقــرأ أيضاً
يصف مهاجرون، من دولة مالي في غرب أفريقيا، عادوا من ليبيا مؤخراً، ما تعرضوا له خلال إقامتهم فيها بحثاً عن طريق لعبور البحر الأبيض المتوسط باتجاه قارة أوروبا، الإقامة هناك بأنّها أشبه بالجحيم. وأوردوا أنّهم ذاقوا أصنافاً من التعذيب الجسدي والنفسي والإكراه على الأعمال الشاقة من دون رحمة، كذلك جرى احتجازهم أياماً من دون طعام، وتهديدهم بالقتل في كلّ مرة يحاولون فيها أن يرفعوا أصواتهم مطالبين بأيّ شيء حتى لو كان قضاء الحاجة الطبيعية.
يؤكد المهاجرون الذين التقت بهم "العربي الجديد" أنّ مليشيات ليبية تحترف الاتجار بالبشر بتهريبهم وبيعهم من دون أن تتحرك السلطات لردعها، إذ تستغلّ المليشيات حلم المهاجرين بالوصول إلى أوروبا لاحتجازهم وامتهان كرامتهم وبيعهم لاحقاً في أسواق نخاسة لمن يدفع أكثر.
يقول ديابا (23 عاماً) الذي عبر الحدود البرية إلى ليبيا في يونيو/ حزيران الماضي انطلاقاً من النيجر المجاورة لمالي بغية الهجرة إلى إيطاليا: "عانيت من جحيم لا يطاق في ليبيا، وظننت مرات عديدة أنّ حياتي انتهت وأنني لن أتمكن من العودة إلى بلدي... فقد كان الجميع يعاملنا بقسوة كأنّنا بضاعة؛ يحتجزوننا وينقلوننا من مكان إلى آخر ولا يحترمون رغبتنا في العودة".
يضيف: "قطعت الحدود من مالي إلى النيجر ومنها إلى ليبيا من دون أن أمرّ على أي نقطة حدودية. وفي جنوب ليبيا التقيت أنا والمجموعة التي كانت معي بوسطاء يملكون عربات نقل وسيارات عابرة للصحراء واتفقنا معهم على نقلنا إلى بلدة زوارة على شاطئ البحر الأبيض المتوسط (إلى الغرب من طرابلس)؛ لإيجاد وسيلة من هناك من أجل عبور البحر. لكنّ الوسطاء كانوا متواطئين مع عصابات أخرى، فنقلونا من منطقة إلى منطقة وكانوا هم من يحدد المسار بداعي عدم مواجهة سلطات مكافحة الهجرة، إلى أن وصلنا الى بلدة قرب مصراته (إلى الشرق من طرابلس) حيث احتجزنا لأيام وعوملنا كالحيوانات".
يتابع المهاجر المالي أنّ انتقاله من يد عصابة إلى أخرى كان يبدد حلم الهجرة بالنسبة إليه، ويجعل أقصى طموحه هو الهرب من فخ هذه العصابات حتى لو احتجزته شرطة مكافحة الهجرة. أمضى ديابا خمسة أشهر في ليبيا، ويقول: "الأوضاع في أماكن الاحتجاز كانت صعبة للغاية بسبب العنف والضرب وقلة الماء والطعام، بالإضافة إلى عدم وضوح المصير الذي كان ينتظر مئات المهاجرين من جنسيات مختلفة". ويشير إلى أنّ أقصى أمانيه كانت العودة الى بلده، وقد تحقق له ذلك بعدما فرّ من معتقل احتجاز المهاجرين رفقة ثلاثة استغلوا ضعف مراقبة المسلحين إحدى البوابات، ففروا من المعتقل وسلموا أنفسهم إلى مركز محاربة الهجرة غير الشرعية، ومنه نقلوا إلى النيجر بمساعدة مشروع خيري خاص بالمهاجرين في ليبيا.
يقول إيفون تراوري (26 عاماً) إنّ العصابات لا ترحم المهاجر الأفريقي بل تسلبه جميع أمواله وتطالبه بالعمل في البناء أو الحراسة بذريعة تأمين ما تبقى من أموال مشروع الهجرة إلى أوروبا. يتابع المهاجر الذي أمضى ثمانية أشهر في ليبيا: "كنا نتعرض للضرب وسوء المعاملة والتهديد بالقتل، فهذه العصابات لا تعرف الرحمة وتستغل حاجة المهاجرين؛ لأنّها تسيطر على نقاط التهريب عبر البحر".
يروي إيفون تفاصيل مروعة عن عميات بيع عشرات المهاجرين الأفارقة كعبيد: "بيعَ العشرات من المهاجرين الأفارقة أمامي مقابل مبالغ تراوح ما بين 700 دولار أميركي و900 للشخص الواحد، ومن يرفض بيعه يقتل على الفور، فلا وجود لقوة تردع عصابات الاتجار بالبشر". يؤكد إيفون الذي فرّ من "السجن" الذي كان يعتقل فيه بالقرب من الزوارة أنّ مراكز تجميع المهاجرين ممتلئة بالكامل وليس هناك من يساعدهم على الخروج من ليبيا. ويشير إلى أنّ القوارب الصغيرة التي تنقل المهاجرين أشد خطورة من بيعهم على الأراضي الليبية. ويقول: "القوارب تعني الموت الحقيقي ومن يصلون إلى أوروبا نسبتهم قليلة. أما بيع المهاجرين فهو مسألة مؤقتة، وبالرغم من أنّ ذلك مشين فإن المهاجرين يحصلون على حريتهم بعد فترة من العمل".
احتجت مالي بشدة على سوء معاملة المهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء، بعد التقارير التي تحدثت عن بيعهم كعبيد، واستدعت وزارة الخارجية القائم بأعمال سفارة ليبيا في باماكو "لرفع احتجاجها الشديد وإدانتها المعاملة اللا إنسانية للمهاجرين التي تشير إلى صفحة مظلمة ومؤلمة في تاريخ أفريقيا". كذلك، استدعت مالي سفيرها في ليبيا من أجل التشاور.
ودعت حكومة مالي المجتمع الدولي إلى إجراء "تحقيق نزيه لتحديد مرتكبي هذه الأفعال الشنيعة وشركائهم وتهيئة الظروف لوصول هؤلاء المهاجرين وتنظيم عودتهم إلى بلدانهم".
وكانت شبكة "سي إن إن" الأميركية قد عرضت فيلماً وثائقياً صادماً لمهاجرين أفارقة يباعون في المزاد العلني في ليبيا، وهو ما أثار ردود فعل واسعة أفريقياً ودولياً.