لم أعرف أنني أكلت من لحم العاشق (عن الإنترنت)
في حديقة أمي خمسون دجاجة وديكاً. عدد الدجاجات يفوق عدد الديوك لأنها تذبَحُ الديوك لطبخها ولا فائدة من كثرة عددها، فهي لا تبيض. للديوك حتماً "رهجة" بين الدجاجات. يتمختر الواحد منهم، ويختار لنفسه أكثر من دجاجة. إلّا ديك واحد كان يقضي يومه في الحديقة مع دجاجة واحدة، ويلحقها أينما ذهبت.
حين تنثرُ أمي القمح أمام الدار كي يأكلوا، يحرص هذا الديك على حراسة مساحة دجاجته كي تأكل براحتها، وينقر رأس أي دجاجة تحاول الاقتراب منها. وإن حصل واقترب ديك منها، ينفش ريشه وينقضّ عليه حتى يغطي الدم منقاره.
تقول أمي إن الدجاج الذي يُربّى في الحدائق، لا في المزارع التجارية، يكون أكثر هدوءاً وذكاءً. وعندما تفتح أمامه المساحة ليأكل براحته ويسرح في الحديقة متى يشاء، يبدأ بتطوير علاقات تشبه تلك التي يبنيها الإنسان.
ذبَحَت أمي الديك العاشق "لأن لا فائدة منه". وأطعمتنا إياه على طبخة ملوخية شهية. لم أعرف أنني أكلت من لحم العاشق، إلا بعد الانتهاء من صحني. ومنذ تلك الحادثة، توّقفتُ عن أكل اللحوم أربع سنوات، رفضاً لاستهلاك الأرواح وتجريدها من قيمتها، وغضبتُ من أمي وأعلنتُ الحرب على النظام الرأسمالي الذي يسلّع كل شيء.
في آخر شهر من السنة الماضية، أصابني إحباط شديد. وخلال إحباطي هذا، فقدت "رومانسية" واجبي بالتوقف عن أكل اللحوم. فجأة، لم أعد أهتم. كما أني لا أؤمن بوجود الروح أصلاً. نحن لا نملك أرواحاً، بل عقولاً. خسرتُ حربي لإنقاذ "الحب"، حين اكتشفت أني لا أعرف ما هو الحب.
لماذا بقيتُ كل هذه الفترة مع شاب قاسٍ لهذه الدرجة؟ سألت نفسي وأنا أقضم ساندويش طاووق لأول مرّة بعد أربع سنوات من الحياة النباتية. ألأنني أحبه؟ ولكن ما هو الحب؟ الحب هو كلمة خلقها الإنسان للتعبير عن مشاعر معيّنة يكنّها تجاه الآخرين؟ كلمة تحمّل مطلِقها ومتلقيها عبء المسؤولية والواجب؟ كلمة ترث كل مساوئ المجتمع؟
أمي تحبني لكنها قاسية. وهي من علمتني الحب. أطعمتني إياه من خلال القسوة. لقد بقيت كل هذه السنوات مع شاب قاسٍ، لأنني أحببته. أجل. معتادة أنا على حب القساة.
إن الإنسان الذي يُربى في الحدائق، لا في المزارع التجارية، يكون أكثر هدوءاً وذكاءً. وعندما تفتح أمامه المساحة ليأكل براحته ويسرح في الحديقة متى يشاء، يبدأ بتطوير علاقات لا تشبه تلك التي يبنيها الإنسان عادةً. كالشك في كلّ شيء، حتى الحب.
أنهيتُ ساندويش الطاووق، وقلت في نفسي: "يبدو أن الديك الذي أكلته في هذا الساندويش كان عاشقاً أيضاً". من بعده سأقرر أن أتوقف عن أكل لحمي.
اقــرأ أيضاً
حين تنثرُ أمي القمح أمام الدار كي يأكلوا، يحرص هذا الديك على حراسة مساحة دجاجته كي تأكل براحتها، وينقر رأس أي دجاجة تحاول الاقتراب منها. وإن حصل واقترب ديك منها، ينفش ريشه وينقضّ عليه حتى يغطي الدم منقاره.
تقول أمي إن الدجاج الذي يُربّى في الحدائق، لا في المزارع التجارية، يكون أكثر هدوءاً وذكاءً. وعندما تفتح أمامه المساحة ليأكل براحته ويسرح في الحديقة متى يشاء، يبدأ بتطوير علاقات تشبه تلك التي يبنيها الإنسان.
ذبَحَت أمي الديك العاشق "لأن لا فائدة منه". وأطعمتنا إياه على طبخة ملوخية شهية. لم أعرف أنني أكلت من لحم العاشق، إلا بعد الانتهاء من صحني. ومنذ تلك الحادثة، توّقفتُ عن أكل اللحوم أربع سنوات، رفضاً لاستهلاك الأرواح وتجريدها من قيمتها، وغضبتُ من أمي وأعلنتُ الحرب على النظام الرأسمالي الذي يسلّع كل شيء.
في آخر شهر من السنة الماضية، أصابني إحباط شديد. وخلال إحباطي هذا، فقدت "رومانسية" واجبي بالتوقف عن أكل اللحوم. فجأة، لم أعد أهتم. كما أني لا أؤمن بوجود الروح أصلاً. نحن لا نملك أرواحاً، بل عقولاً. خسرتُ حربي لإنقاذ "الحب"، حين اكتشفت أني لا أعرف ما هو الحب.
لماذا بقيتُ كل هذه الفترة مع شاب قاسٍ لهذه الدرجة؟ سألت نفسي وأنا أقضم ساندويش طاووق لأول مرّة بعد أربع سنوات من الحياة النباتية. ألأنني أحبه؟ ولكن ما هو الحب؟ الحب هو كلمة خلقها الإنسان للتعبير عن مشاعر معيّنة يكنّها تجاه الآخرين؟ كلمة تحمّل مطلِقها ومتلقيها عبء المسؤولية والواجب؟ كلمة ترث كل مساوئ المجتمع؟
أمي تحبني لكنها قاسية. وهي من علمتني الحب. أطعمتني إياه من خلال القسوة. لقد بقيت كل هذه السنوات مع شاب قاسٍ، لأنني أحببته. أجل. معتادة أنا على حب القساة.
إن الإنسان الذي يُربى في الحدائق، لا في المزارع التجارية، يكون أكثر هدوءاً وذكاءً. وعندما تفتح أمامه المساحة ليأكل براحته ويسرح في الحديقة متى يشاء، يبدأ بتطوير علاقات لا تشبه تلك التي يبنيها الإنسان عادةً. كالشك في كلّ شيء، حتى الحب.
أنهيتُ ساندويش الطاووق، وقلت في نفسي: "يبدو أن الديك الذي أكلته في هذا الساندويش كان عاشقاً أيضاً". من بعده سأقرر أن أتوقف عن أكل لحمي.
تابع آخر أخبار العربي الجديد عبر Google News
المزيد في مجتمع
