هزيمة "طالبان" فكرية

06 نوفمبر 2015
+ الخط -
عادت حركة طالبان في شهر يوليو/تموز الماضي إلى الواجهة، بسبب وفاة الملاّ عمر الذي يُعتبر "قائداً أسطورياً" للحركة، ما طرح سؤالا: هل يمثل الأمر نهاية للحركة، باعتبار أن بعضهم توقع أن تظهر مشكلة النزاع على القيادة جرّاء الخلافات الفكرية.
لكن سيطرة حركة طالبان، في الأيام الأخيرة من سبتمبر/أيلول الماضي، على مدينة قندوز، بهجوم مسلّح مفاجئ، فاجأ الجميع، لما للمدينة من أهمّية استراتيجية كونها مركز الطّرق التجارية الموجودة في شمال البلاد، ما دفع أحد الخبراء العسكريين للتعليق على الأمر بأنّه "أكبر نجاح عسكريّ" لحركة طالبان منذ الاحتلال الأميركي (2001).
جاء الهجوم على قندوز بعد فترة وجيزة من أخبار اختيار الملا منصور لقيادة الحركة بإجماع الآراء، ما أظهر "طالبان" منظمة متماسكة في إطار فكريّ، تحارب من أجل أيديولوجيا أصوليّة، ما يعني أن موت القائد أو قتله لا يمثّل مشكلة بكلّ تأكيد، فمن وجهة نظرهم من السهل اختيار قائد جديد، علما أن القادة الجدد يميلون إلى التعصّب والقوة بشكل أكبر، ويرغبون في تنفيذ عمليّات داميةً، فالمهم موت الإيديولوجيا الأصولية وليس القائد. وما دام أنّ هذه الحقيقة لا تؤخذ بالاعتبار، فإنّ طالبان ستظلّ صامدة كما هي.
صادف الهُجوم على قندوز الذّكرى السّنوية الأولى لتأسيس حكومة الوحدة الوطنية الأفغانيّة، ما جعل الهجوم بمثابة صدمة كبيرة بالنّسبة للمسؤولين في كابول. فبينما كانوا يعتقدون أنّ "طالبان" قد ضعفت، استولى مئات من المسلحين بين عشية وضحاها على مدينة يتولّى حمايتها آلاف من حرّاس الأمن الأفغان. وهذا كان ثمن الاستخفاف بالجانب الأيديولوجي للحركة.
يطرح سقوط المدينة بهذه السهولة بيد "طالبان" أسئلة كثيرة، منها: ما الذي يجعل الحركة قويّة حتى الآن، وقادرة على تنفيذ هجمات؟ وما الذي يحفّز مقاتليها على الإقدام على الموت من دون خوف، وعلى القتل وسفك الدماء في أحلك الظّروف؟
العامل الأهم الذي حوّل حركة طالبان إلى منظمة راديكالية ومنظمة إرهابيّة هو إيديولوجيتها المتشدّدة القائمة على التعصّب والراديكالية، ومصدر هذا المفهوم الدّيني ليس القرآن الكريم، وإنّما الخرافات التي تُقدّم باسم الدّين، والمعتقدات الباطلة والأحكام الملفّقة.
تحتاج حركة طالبان إلى تعليم يجري بصورة نقيّة بخصوص فهمها للإسلام، اعتمادا على القرآن الكريم. هذا هو السّبيل الوحيد لإنهاء إرهابها، ولوضع حدّ للآلام والمُعاناة والظّلم الذي يعاني منه إخواننا الأفغان. وليس هناك طريق آخر لأجل أفغانستان حرةّ وقويّة ومستقرةّ وآمنة، ومرفّهة وعادلة وحديثة، تُحترم فيها حُقوق الإنسان.

6CDB8DD5-0266-422A-AF0D-1E8B6F808880
6CDB8DD5-0266-422A-AF0D-1E8B6F808880
هارون يحيى (تركيا)
هارون يحيى (تركيا)