يعيش المغاربة فقراء وأثرياء في كلّ أنحاء البلاد، جنباً إلى جنب. لكنّ الجغرافيا تفرزهم في بعض المناطق، فيجدون أنفسهم إمّا في "المغرب غير النافع" أو في "المغرب النافع" وفق تصنيفات تاريخية
تلعب الجغرافيا دوراً بارزاً في رسم خريطة الفقر في المغرب، فمناطق وجهات البلاد ليست سواسية في الثراء كما هي الحال في كلّ بلدان العالم. وتُعَدّ مناطق الشمال والغرب في البلاد خصبة وثرية، بخلاف مناطق الشرق والجنوب التي يعاني كثيرون من سكانها من الحاجة والفقر.
توزيع السكان على البوادي والمدن يبيّن أنّ نسب الفقر في القرى أكثر ارتفاعاً بالمقارنة مع نسبه في المدن، نظراً إلى ما تضمّه الحواضر من مرافق ومصانع وإدارات تؤمّن الأشغال للشباب، في حين أنّ البوادي تفتقر إلى هذه المرافق فتكثر البطالة التي تُعد سبباً من أسباب تفشّي الفقر.
بالأرقام، تشير آخر الإحصاءات الرسمية الخاصة بمؤشّر الهشاشة الاجتماعية العام، إلى أنّ نسبة تلك الهشاشة في المجال الحضري تبلغ سبعة في المائة، بينما نسبتها في المجال القروي تصل إلى 21.6 في المائة. إلى ذلك فإنّ نسبة الفقر النقدي لا تتجاوز خمسة في المائة لدى 28.5 في المائة من 1279 جماعة قروية (مجموعة بشرية قروية)، وهي تتراوح ما بين خمسة في المائة و10 في المائة لدى 34.4 في المائة من الجماعات القروية في البلاد. أمّا في المدن، فإنّه من ضمن 73.3 في المائة من 404 جماعات ومراكز حضرية، أتت نسبة الفقر أقل من خمسة في المائة. وفي 15.1 في المائة من الجماعات، تتراوح النسبة بين خمسة في المائة و10 في المائة.
اقــرأ أيضاً
ومن الممكن تحديد محور الرباط - الدار البيضاء كأكثر المناطق إنتاجاً للثروات، إلى جانب بعض المدن الكبرى المعروفة مثل طنجة ومراكش وأغادير، في حين تكثر مظاهر الفقر في القرى والمدن الصغيرة في شرقيّ البلاد وجنوبها وشرقها وكذلك في جبال الأطلس وسط البلاد.
يشير كثيرون إلى المناطق حيث تكثر مظاهر الفقر ومعدّلاته على أنّها "المغرب غير النافع"، وهي تسمية أُطلقت منذ كان الاستعمار الفرنسي هو المسيطر، حين كانت البلاد تُصنَّف كمغرب نافع في مناطق الغرب والشمال ومغرب غير نافع في الجنوب والشرق.
يقول الناشط محمد جغديد من مدينة كلميمة (جنوب شرق) لـ"العربي الجديد"، إنّ "المنطقة التي ينتمي إليها تُعَدّ من بين الأشد فقراً في المغرب، نظراً إلى تفشّي مظاهر الهشاشة والحرمان بين سكانها". يضيف أنّ "أوّل مؤشّر إلى الفقر يقفز إلى عين كل زائر لمدينة كلمية والمناطق المجاورة لها، كذلك لمناطق الجنوب الشرقي بأكمله، هو البطالة التي يعاني منها الشباب بمعظمهم". يتابع: "أمّا المؤشّر الثاني إلى الفقر والهشاشة الاجتماعية، فهو ندرة وغياب مرافق اجتماعية كثيرة تُعَدّ أساسية بالنسبة إلى أبسط ضروريات الحياة. بالتالي، تتضاعف المعاناة داخل الأسر في هذه المناطق".
ويشير جغديد إلى أنّه "بالإضافة إلى فرص العمل النادرة في كلميمة والضعف في مرافق الحياة الضرورية، فإنّ الأوضاع تتفاقم هنا بسبب البنى التحية المفقودة، من طرقات صالحة وكذلك خدمتَي الماء والكهرباء خصوصاً في القرى المجاورة".
لا تختلف حال إقليم تاوريرت الواقع في الشمال الشرقي للبلاد، على سبيل المثال، ، عمّا هي في الجنوب الشرقي. وإن اختلفت الأعراض والمظاهر، إلا أنّ الشكاوى والآلام متشابهة. ويتحدث الناشط هناك عبد القادر أمعون لـ"العربي الجديد"، عن بعض مظاهر الفقر في منطقة تاوريرت ونواحيها، مؤكداً أنّ "السكان لا يجدون أحياناً المؤن اللازمة للعيش بكرامة". ويعيد "حاجة كثيرين من سكان المناطق القروية في تاوريرت إلى العزلة التي يعيشها الإقليم، والناجمة عن تردي حال الطرقات المؤدية إلى المنطقة، نتيجة امتدادها في نطاق جبلي تضيّق تضاريسه الخناق على المنطقة وبواديها".
ويوضح أمعون أنّ "عدداً من سكان البلدات القروية في إقليم تاوريرت يعيشون من الزراعة التقليدية، لكنّه ونتيجة فيضان الأودية القريبة بسبب غزارة الأمطار، فإنّ الفلاحة في المنطقة تتضرر كثيراً، الأمر الذي يؤدّي إلى مزيد من الحرمان والهشاشة بين السكان". ويلفت إلى أنّه "وسط الظروف الجغرافية المعسّرة في المنطقة، تزداد معاناة السكان بسبب تردّي وسائل النقل التي يمكن اعتبارها بدائية، إذ يلجؤون إلى الحمير والبغال. وهذا الوضع يؤدّي إلى شبه انقطاع عن العالم الخارجي".
في السياق، يقول الباحث محمد مجدولين لـ"العربي الجديد" تعليقاً على الموضوع، إنّ "الجغرافيا بالتأكيد، تمثّل عاملاً حاسماً في تفاقم الفقر في بعض المناطق دون أخرى". ويشرح أنّ "المناطق الجبلية والنائية والمعزولة تكون في الغالب فقيرة، بينما المناطق التي تحظى بموقع جغرافي جيّد قريب من وسائل الإنتاج تكون بمنأى عن تفشّي الفقر".
اقــرأ أيضاً
تلعب الجغرافيا دوراً بارزاً في رسم خريطة الفقر في المغرب، فمناطق وجهات البلاد ليست سواسية في الثراء كما هي الحال في كلّ بلدان العالم. وتُعَدّ مناطق الشمال والغرب في البلاد خصبة وثرية، بخلاف مناطق الشرق والجنوب التي يعاني كثيرون من سكانها من الحاجة والفقر.
توزيع السكان على البوادي والمدن يبيّن أنّ نسب الفقر في القرى أكثر ارتفاعاً بالمقارنة مع نسبه في المدن، نظراً إلى ما تضمّه الحواضر من مرافق ومصانع وإدارات تؤمّن الأشغال للشباب، في حين أنّ البوادي تفتقر إلى هذه المرافق فتكثر البطالة التي تُعد سبباً من أسباب تفشّي الفقر.
بالأرقام، تشير آخر الإحصاءات الرسمية الخاصة بمؤشّر الهشاشة الاجتماعية العام، إلى أنّ نسبة تلك الهشاشة في المجال الحضري تبلغ سبعة في المائة، بينما نسبتها في المجال القروي تصل إلى 21.6 في المائة. إلى ذلك فإنّ نسبة الفقر النقدي لا تتجاوز خمسة في المائة لدى 28.5 في المائة من 1279 جماعة قروية (مجموعة بشرية قروية)، وهي تتراوح ما بين خمسة في المائة و10 في المائة لدى 34.4 في المائة من الجماعات القروية في البلاد. أمّا في المدن، فإنّه من ضمن 73.3 في المائة من 404 جماعات ومراكز حضرية، أتت نسبة الفقر أقل من خمسة في المائة. وفي 15.1 في المائة من الجماعات، تتراوح النسبة بين خمسة في المائة و10 في المائة.
يشير كثيرون إلى المناطق حيث تكثر مظاهر الفقر ومعدّلاته على أنّها "المغرب غير النافع"، وهي تسمية أُطلقت منذ كان الاستعمار الفرنسي هو المسيطر، حين كانت البلاد تُصنَّف كمغرب نافع في مناطق الغرب والشمال ومغرب غير نافع في الجنوب والشرق.
يقول الناشط محمد جغديد من مدينة كلميمة (جنوب شرق) لـ"العربي الجديد"، إنّ "المنطقة التي ينتمي إليها تُعَدّ من بين الأشد فقراً في المغرب، نظراً إلى تفشّي مظاهر الهشاشة والحرمان بين سكانها". يضيف أنّ "أوّل مؤشّر إلى الفقر يقفز إلى عين كل زائر لمدينة كلمية والمناطق المجاورة لها، كذلك لمناطق الجنوب الشرقي بأكمله، هو البطالة التي يعاني منها الشباب بمعظمهم". يتابع: "أمّا المؤشّر الثاني إلى الفقر والهشاشة الاجتماعية، فهو ندرة وغياب مرافق اجتماعية كثيرة تُعَدّ أساسية بالنسبة إلى أبسط ضروريات الحياة. بالتالي، تتضاعف المعاناة داخل الأسر في هذه المناطق".
ويشير جغديد إلى أنّه "بالإضافة إلى فرص العمل النادرة في كلميمة والضعف في مرافق الحياة الضرورية، فإنّ الأوضاع تتفاقم هنا بسبب البنى التحية المفقودة، من طرقات صالحة وكذلك خدمتَي الماء والكهرباء خصوصاً في القرى المجاورة".
لا تختلف حال إقليم تاوريرت الواقع في الشمال الشرقي للبلاد، على سبيل المثال، ، عمّا هي في الجنوب الشرقي. وإن اختلفت الأعراض والمظاهر، إلا أنّ الشكاوى والآلام متشابهة. ويتحدث الناشط هناك عبد القادر أمعون لـ"العربي الجديد"، عن بعض مظاهر الفقر في منطقة تاوريرت ونواحيها، مؤكداً أنّ "السكان لا يجدون أحياناً المؤن اللازمة للعيش بكرامة". ويعيد "حاجة كثيرين من سكان المناطق القروية في تاوريرت إلى العزلة التي يعيشها الإقليم، والناجمة عن تردي حال الطرقات المؤدية إلى المنطقة، نتيجة امتدادها في نطاق جبلي تضيّق تضاريسه الخناق على المنطقة وبواديها".
ويوضح أمعون أنّ "عدداً من سكان البلدات القروية في إقليم تاوريرت يعيشون من الزراعة التقليدية، لكنّه ونتيجة فيضان الأودية القريبة بسبب غزارة الأمطار، فإنّ الفلاحة في المنطقة تتضرر كثيراً، الأمر الذي يؤدّي إلى مزيد من الحرمان والهشاشة بين السكان". ويلفت إلى أنّه "وسط الظروف الجغرافية المعسّرة في المنطقة، تزداد معاناة السكان بسبب تردّي وسائل النقل التي يمكن اعتبارها بدائية، إذ يلجؤون إلى الحمير والبغال. وهذا الوضع يؤدّي إلى شبه انقطاع عن العالم الخارجي".
في السياق، يقول الباحث محمد مجدولين لـ"العربي الجديد" تعليقاً على الموضوع، إنّ "الجغرافيا بالتأكيد، تمثّل عاملاً حاسماً في تفاقم الفقر في بعض المناطق دون أخرى". ويشرح أنّ "المناطق الجبلية والنائية والمعزولة تكون في الغالب فقيرة، بينما المناطق التي تحظى بموقع جغرافي جيّد قريب من وسائل الإنتاج تكون بمنأى عن تفشّي الفقر".