مع انتشار الكوليرا في العراق أخيراً، بالتزامن مع موجات النزوح واللجوء الكبيرة وكذلك حرمان المواطنين من مصادر مياه الشفة النظيفة، تتخوّف دول الجوار من انتقال المرض إليها، وإن ما زالت الأوضاع فيها "تحت السيطرة".
لا إمكانات سوريّة للاستجابة
يتخوّف معنيّون وكذلك هيئات صحية في سورية، من وصول الكوليرا إلى البلاد، خصوصاً مع الحدود المفتوحة مع العراق في مناطق سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، ومع أزمة المياه، ومع حصر الإمكانات المتاحة بالترصد وليس الاستجابة. لكن لغاية اليوم، لم تُسجَّل أي إصابة في الداخل السوري، بحسب ما يفيد مدير قسم ترصد الأوبئة في وحدة التنسيق والدعم الدكتور محمد الجاسم لـ "العربي الجديد". ويقول إن "الإصابات في العراق تتركز في بغداد والمنطقة الجنوبية البعيدة عن الحدود السورية. لكن خطر ظهورها في سورية موجود، بسبب تهالك شبكات المياه والصرف الصحي في معظم المناطق، وعدم توفّر التعقيم".
من جهته، يقول أحمد وهو متطوع في الهلال الأحمر في حلب إن "المناطق الأكثر خطراً هي دير الزور والرقة اللتان يسيطر عليهما داعش، إذ هما مفتوحتان على العراق وتشتركان معه بمصادر مائية نهرية، وكذلك حلب وإدلب اللتان تعانيان من نقص كبير في المياه الآمنة".
تخوّف إيرانيّ
نقلت وكالة "أنّا" للأنباء اليونانية عن مساعد وزير الصحة الإيراني علي أكبر سياري، تسجيل إصابة واحدة بالكوليرا. والمصاب هو إيراني أتى من النجف في العراق إلى مدينة قم الإيرانية. وبعد اكتشاف الحالة، عمّمت وزارة الصحة على كل المؤسسات الصحية المعنية، ضرورة التنبّه.
ومع ارتفاع عدد الإصابات في العراق، ازدادت المخاوف في إيران من انتقال المرض إليها، لا سيّما وأن الشريط الحدودي بين البلدين يزيد طوله عن 1450 كيلومتراً. كذلك، فإن السياحة الدينية المتبادلة بين البلدين، تزيد من هذه المخاوف. ودعا سياري إلى ضرورة التوعية ودعوة مراجعي المراكز الصحية إلى الحفاظ على النظافة والتنبه للطعام وللمياه، لا سيّما أولئك الذين ينوون زيارة المراقد الدينية في العراق.
يُذكر أن إيران كانت قد عانت من الكوليرا، خصوصاً في عام 2005، بعدما قتل المرض المتفشّي ثمانية أشخاص من أصل 626 مصاباً في 15 محافظة.
تشدّد أردنيّ
رفعت وزارة الصحة الأردنيّة من إجراءاتها الاحترازية والرقابية بعد تفشّي الكوليرا في العراق، خشية ظهورها في المملكة التي سجلت آخر إصابة في عام 1982. ويقول رئيس قسم الرصد في مديرية الأمراض السارية في وزارة الصحة الأردنية الدكتور سلطان القصراوي لـ "العربي الجديد"، إن "الكوليرا قضية حساسية جداً بالنسبة إلينا وهي من الأولويات، لا سيّما بعد إعلان منظمة الصحة العالمية عن انتشارها في العراق". ويوضح القصراوي، أن الوزارة عممت على جميع مديريات الصحة التابعة لها والمستشفيات بضرورة التحرّي عن جرثومة الكوليرا. ويشير إلى أنهم كانوا يعمدون إلى ذلك، لكن "التشديد اليوم أكبر".
إلى ذلك، شملت الإجراءات الاحترازية تكثيف الرقابة على مياه الشرب، خصوصاً في مخيمات اللاجئين السوريين والمسطحات المائية على الحدود الأردنية. كذلك تشدد الرقابة على صهاريج نقل مياه الشرب، للتأكد من مصدرها.
تركيا نظيفة
يبدو حال اللاجئين السوريين والعراقيين في تركيا أفضل بكثير مما هو عليه حال النازحين في داخل البلدين. حتى الساعة، لم يُسجَّل انتشار أي مرض في المخيمات، بما فيها الكوليرا. يُذكر أن الهيئات الحكومية التركية المشرفة على هذه المخيمات تؤمّن مياه شفة نظيفة وكذلك الصرف الصحي الآمن.
من جهة أخرى، لم تُسجَّل أي إصابة بين الأتراك ولا بين اللاجئين المقيمين في المدن التركية، التي تتمتّع ببنية تحتية جيدة، لا سيّما شبكات مياه الشرب والصرف الصحي. تجدر الإشارة إلى أن آخر انتشار للمرض في تركيا، كان في عام 1994.
صرامة في الخليج
لم تُسجّل أي إصابة بالكوليرا في السعودية، لا سيّما في المنطقة المتاخمة للحدود العراقية والأردنية، بحسب وزارة الصحة. ويوضح مدير شؤون الصحة في منطقة الحدود الشمالية محمد الهبدان لـ "العربي الجديد"، أن "لدينا احتياطات خاصة وهي ليست مرتبطة بالكوليرا فقط". وكانت السعودية قد اتخذت قراراً قبل نحو أسبوعين بالحدّ من دخول الأطعمة من الدول المجاورة، لا سيّما حيث ينتشر المرض، وهي خطوات تنسجم مع توصيات منظمة الصحة العالمية".
أما في الكويت، فقد أعلنت وزارة الصحة الكويتية جاهزيتها للتصدي للكوليرا، من خلال إجراءات وقائية خاصة، لا سيّما منع إدخال الغذاء مع المسافرين. وهذا ما أوضحته الوكيلة المساعدة لشؤون الصحة العامة في الوزارة ماجدة القطان في تصريح سابق. أضافت أنهم يوجّهون الآتين من العراق إلى عيادات الصحة الوقائية في المنافذ الحدودية.
اقرأ أيضاً: