موقفه من فلسطينيي القدس
في بداية حملته الانتخابية، قام ليئون بجولات في شوارع البلدة القديمة من القدس والأحياء الشرقية منها، رافعاً شعار "تقليص الفجوات الاقتصادية والاجتماعية ما بين شطري المدينة الشرقي والغربي". هذا الشعار عكسته كلمات ليئون خلال الحملة الانتخابية، ومفادها أنه بعد إهمال أربعين عاماً في أحياء القدس الشرقية من قبل كل الحكومات الإسرائيلية، يجب العمل على تقليص الفجوات وتعزيز السيادة الإسرائيلية في كل أنحاء المدينة، ما يستوجب رصد ميزانيات كبيرة وتبنّي موقف سياسي واضح وحازم وخطة استراتيجية مدروسة لترجمة التوجّهات المعلنة واقعاً على الأرض، بما يعزز من سيطرة الاحتلال على المدينة باعتبارها "مدينة موحّدة" لدولة الاحتلال.
بيد أن الفارق كبير وشاسع بين الواقع على الأرض، وما يُرفع من شعارات خلال الدعاية الانتخابية، إذ لا يُتوقع أن يخرج ليئون عن دائرة سابقيه الذين كثيراً ما وعدوا بتحسين الوضع في القدس الشرقية، فيما لا تلبث أن تتبخر كل الشعارات وتنعدم القدرة على الضغط أو التأثير في ظل الانتماء اليميني المتشدد. وتشير التوقعات إلى أن مدينة القدس بشطرها الشرقي قد تشهد أزمة جديدة كبيرة لجهة الاقتحامات والضغط على السكان المقدسيين، بالنظر إلى أن ليئون من أكثر الشخصيات تطرفاً حيال المقدسيين. فهو مقرب من وزير الأمن المستقيل أفيغدور ليبرمان، إضافة إلى صلاته الوثيقة جداً مع وزير الداخلية الحالي ورئيس حزب "شاس"، أرييه درعي.
صحيح أنه لا فرق بين العلماني والديني بمنظور الفلسطيني المقدسي، لكن بما أن ملامح "صفقة القرن" ظهرت بنقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة، والسعي لشطب قضية اللاجئين، فيُتوقع أن تشهد المدينة طابعاً جديداً من التهويد القائم على أساس ديني من قبل ليئون، كونه من المؤمنين بقوة بالسيطرة على المسجد الأقصى، وتكثيف النشاط الديني في ساحة البراق ومحيطه، والتسريع بالحفريات للوصول إلى الهيكل المزعوم في ساحة المسجد الأقصى، عدا عن أنه من أشد الدعاة إلى التقسيم المكاني والزماني للمسجد. ومن المتوقع أن يستكمل ما تنفذه بلدية الاحتلال بالتعاون مع وزارة البناء والإسكان وسلطة الآثار وجمعيات الاستيطان من مشاريع، مثل تهويد منطقة القصور الأموية جنوب الأقصى، واستكمال مشروع التلفريك الذي يربط حي رأس العامود مع جبل الزيتون وصولاً إلى باب المغاربة، ما سيضفي على المدينة المقدسة طابعاً يهودياً خالصاً.
ويتحدث برنامج ليئون الانتخابي عن إحياء المناسبات الدينية بشكل مكثّف، والسيطرة على باب الرحمة أحد الأبواب الرئيسية للمسجد الأقصى والمغلق حالياً، والتدخل بصورة أكبر في الحفريات تحت الأقصى، إذ تربطه علاقات وثيقة مع جمعية "العاد" الاستيطانية، وهو من المقربين منها، وقد عهدت إليها حكومة الاحتلال إدارة كامل منطقة ما يسمى الحوض المقدس في محيط الأقصى.
أما في ما يتعلق بسياسة البناء التي تطبّقها بلدية الاحتلال بحزم في القدس الشرقية، فهو من أبرز الدعاة لمكافحة ما يسمى البناء الفلسطيني غير المرخص، ما يعني أن بلديته ستطبق مزيداً من الإجراءات وتفرض قيوداً إضافية على البناء الفلسطيني، بما يعنيه ذلك من توسيع العمل بأوامر الهدم، وإرغام المقدسيين على الخروج من الحدود البلدية المصطنعة للقدس للسكن والإقامة خارجها أي إلى المناطق التي عزلها جدار الفصل العنصري، بعدما بات أكثر من 120 ألف مقدسي يقطنون في مناطق معزولة بالجدار وحواجز التفتيش الدائمة.
صلاحيات ليئون
تمنح الحكومة الإسرائيلية رئيس بلدية القدس صلاحيات واسعة باعتبارها أداتها التنفيذية، تتمثل في أربعة مجالات، هي: إقرار القوانين المساعدة، فرض الضرائب، المقاضاة، والصلاحية الواسعة في تطبيق سياسة التنظيم والبناء. وعلى مدار سنوات طويلة جرت العادة أن تقرر الحكومة المركزية مشاريع الاستيطان وكل السياسات التي تستهدف المقدسيين، فيما تتولى البلدية التنفيذ، لا سيما أن ميزانياتها تقررها الحكومة ذاتها وتحديداً في مجالات البناء وقضايا الترخيص، والبنية التحتية. بينما يعاني المقدسيون من سوء الخدمات المقدّمة لهم في كل المجالات، سواء ما تعلّق بالبناء أو البنية التحتية، وكذلك في الفجوات الاجتماعية والاقتصادية التي تبرز بشكل واضح في انتشار معدلات الفقر والبطالة في صفوف المقدسيين، مع وصول معدلات الفقر إلى نحو 85 في المائة.
ويرى المقدسيون الذين يدفعون سنوياً مئات الملايين من الشواقل (عملة إسرائيلية) من دون أن يحصلوا على ما يستحقون من خدمات، أن ما تنفذه بلدية الاحتلال من سياسات موغلة بالعنصرية تجاههم، إنما هي إجراءات تُطبق لتعزيز قبضة الاحتلال على مدينتهم وإرغامهم على الرحيل. ويتوقعون واقعاً أصعب بوصول الرئيس الجديد للبلدية، وهو الذي ظهر أخيراً في بلدة سلوان إلى جانب كبار الحاخامات ورؤساء جمعيات استيطانية في احتفال تدشين عقار ضخم هناك، وهي رسالة وصلت للمقدسيين المدركين بأن ليئون ربما يكون أسوأ من سلفه.