وقال رئيس مجلس محافظة بابل، حيدر جابر الزنبور، في بيان له، إن المجلس صوّت على قانون "هدم منازل" من سمّاهم "العوائل التي تأوي أفراداً إرهابيين بداعش أو مناصرين لهم أو متعاطفين معهم وترحيل أسرهم إلى خارج المحافظة"، مؤكداً أن "مسؤولي بابل اتفقوا على فرض ذلك بمعالجات أمنية سريعة". كما طالب الحكومة العراقية والبرلمان بـ"إعدام المدانين بالإرهاب في الساحات العامة بمحافظة بابل ليكونوا عبرة للمجرمين"، على حد تعبيره.
ويأتي قرار مجلس محافظة بابل الجديد لإحكام قبضته الأمنية على مناطق شمال بابل، والتي تقطنها أغلبية عربية سنية في بلدات الإسكندرية وجرف الصخر ومويلحة والبحيرات والخضر (60 كيلومتراً جنوب بغداد). وقد شهدت هذه المناطق عمليات عسكرية واسعة شاركت فيها مليشيات الحشد الشعبي وانتهت بتهجير غالبية سكان هذه المناطق واعتقال المئات من سكانها تحت ذريعة الانتماء لـ"داعش".
يرى رئيس لجنة الهجرة في البرلمان، القيادي بتحالف القوى العراقية، رعد الدهلكي، "أن قرار مجلس محافظة بابل هو قرار جائر وغير قانوني"، لافتاً إلى "أن القرار سيزيد من كارثة النزوح التي يعاني منها ملايين العراقيين حالياً".
ووفقاً للدهلكي، فإن "أهالي مناطق العظيم ويثرب وجرف الصخر لم يسمح لهم بالعودة إلى ديارهم بالرغم من تحريرها من تنظيم داعش منذ عام ونصف العام ولم تعد مناطق عمليات عسكرية".
من جهته، يقول القيادي في جبهة الحراك الشعبي، محمد عبد الله، إن "القرار يذكرنا بممارسات الاحتلال الإسرائيلي ضد أهل الأرض الفلسطينيين". ويرى عبد الله، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ القانون المقر فضفاض وسيستخدم لتنفيذ مزيد من عمليات التغيير الديموغرافي تحت ذريعة هذا القانون والحرب على الإرهاب".
ويذكّر بأنه "في عام 2014، أصدر رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، قراراً بمكافأة مالية قدرها 5 ملايين دينار (4 آلاف دولار) لمن يقتل فرداً في داعش، وصار القتل على الهوية لكل من كان بحاجة إلى مال، يذهب ويقتل شخصاً ويقول هو في داعش بل حتى من كان يكره شخصاً أو يريد أن يؤذيه يفعل الأمر نفسه"، على حد قوله. ويطالب عبد الله منظمات حقوقية بالتدخل لوقف تلك القوانين التعسفية، متسائلاً "لو كان ابني خدع وصار في داعش ما ذنب أهله، إخوته وأخواته وأمه وأنا أو حتى أطفاله، لماذا يهدم منزله ثم يطرد وكأنه مقيم في البلد وليس عراقياً". ويصف القرار بأنه موجّه للقضاء على المكون السنّي في بابل الذين يزيد عددهم عن 40 في المائة من سكان المحافظة، على حد قوله.
وفي السياق، يتهم النائب في البرلمان العراقي، أحمد السلماني، جهات سياسية متنفذة بأنها تنوي إجراء تغيير ديموغرافي في محافظة بابل وبالتحديد في بلدة جرف الصخر شمال المحافظة. ويناشد السلماني، في بيان نشر على موقعه الرسمي، المجتمع الدولي ورئيس بعثة الأمم المتحدة في العراق بالتدخل والضغط على الحكومة من أجل منع إجراء عمليات تغيير ديموغرافي واسعة في محافظات بابل وديالى وبغداد. كما يطالب السلماني بـ"إرجاع النازحين من أهالي البلدة، والذين نزحوا منها عقب المعارك التي اندلعت بين القوات الأمنية المدعومة بمليشيا الحشد الشعبي من جهة وتنظيم داعش من جهة أخرى، والتي أسفرت عن انسحاب التنظيم وسيطرة المليشيات عليها". ويلفت إلى أنه "بعد مرور نحو سنتين على استعادة البلدة إلا أن السلطات تمنع عودة السكان البالغ عددهم نحو مائة وعشرين ألف نسمة". ويشير السلماني إلى أن "جهات أمنية أكدت استعداد ناحية جرف الصخر لاستقبال النازحين، وعلى الرغم من ذلك هناك جهات سياسية معروفة وتمتلك مليشيات متنفذة تقف وراء منع النازحين من العودة إلى مناطقهم".
وحول مدى قانونية قرار هدم المنازل، يفيد الباحث والخبير القانوني بلال خليل في حديث لـ"العربي الجديد" أن قرار مجلس محافظة بابل هو قرار غير قانوني ومخالف للدستور العراقي. ويؤكد "أن التبعات القانونية في جميع القوانين تشمل فاعل الجريمة فقط دون أن تشمل عائلته".
من جهته، يدين عضو المجلس العام لشيوخ عشائر العراق، الشيخ عمار السعد، قرار محافظة بابل، واصفاً إياه في حديث لـ"العربي الجديد" بـ"الجائر ولا يتوافق مع القوانين والأعراف القانونية والدينية والعشائرية". ويطالب السعد مجلس محافظة بابل بالتراجع عن تطبيق هذا القرار، داعياً العشائر العربية في محافظة بابل وجنوب بغداد للضغط على الحكومة لإبطال هذا القرار.
وكانت ثلاث محافظات هي بابل وكربلاء والنجف قد أعلنت عن إنشاء خنادق حول حدودها الإدارية مع محافظة الأنبار، معللة ذلك بحماية محافظاتها من الهجمات المحتملة لعناصر تنظيم "داعش" التي قد تنطلق من محافظة الأنبار المحاذية.
وترى جهات سياسية معارضة في هذا الإجراء أسلوباً من أساليب إحداث تغيير ديمغرافي واقتطاع مساحات وأراضٍ زراعية شاسعة من محافظة الأنبار بحجة حماية الأضرحة الدينية الشيعية في النجف وكربلاء، على الرغم من أنّ القوات الأمنية العراقية تفرض الآن سيطرتها على أغلب مساحات محافظة الأنبار بعد تراجع سيطرة تنظيم "داعش" العسكرية على المحافظة.