شهدت مدينة رمادة في محافظة تطاوين جنوبي تونس، اختفاء نحو ثلاثين شاباً منها، منذ يوم الإثنين الماضي، وتعددت الروايات بشأن هذا الاختفاء الجماعي وعدد المختفين ومكان وجودهم وهوياتهم، لكن الجميع رجّح أن تكون هجرة جماعية من رمادة للانضمام إلى التنظيمات المتشددة في ليبيا وربما أيضاً في سورية والعراق.
ويصف ناشط اجتماعي وسياسي في المدينة هؤلاء الشباب بأنهم متديّنون بشكل واضح سواء من حيث السلوك اليومي أو اللباس، كاشفاً لـ"العربي الجديد" أنه تم تهريبهم من رمادة بمساعدة شخص معروف بتورطه في أنشطة التهريب فجر الثلاثاء الماضي. ويشير إلى أن من ضمن المجموعة تلميذا لم يتجاوز بعد الـ15 من عمره، وموظفا و3 ضباط من الجيش التونسي، أحدهم قائد طائرة عسكرية، وعددا من العاطلين من العمل.
كما يؤكد شاهد عيان لـ"العربي الجديد"، أن أغلب أفراد هذه المجموعة المختفية معروفون بتديّنهم الشديد، معتبراً أنه كان حرياً بالسلطات الأمنية مراقبتهم، خصوصاً في ظل فرض قانون الطوارئ، لافتاً إلى أن الشخص المتهم بتهريبهم معروف بأنشطته المحظورة والمشبوهة على الحدود، مستغرباً السهولة التي تمت بها العملية في هذه المنطقة الحدودية التي تشهد تعزيزات أمنية وعسكرية مكثفة.
ويكشف شاهد آخر من رمادة، أن حوالي عشرة من المختفين ينتمون إلى عائلات سبق أن فقدت أبناء لها في ساحات التوتر والقتال في سورية والعراق.
اقرأ أيضاً: تونس تدخل مرحلة اختبار الطوارئ: تشديدات أمنية واعتقالات
وبشأن فرضية توجّه هذه المجموعة إلى ليبيا للانضمام إلى الجماعات المسلحة الناشطة هناك، يرجّح مصدر أمني في المنطقة لـ"العربي الجديد"، أن تكون هذه المجموعة مختبئة في مكان ما داخل الأراضي التونسية في انتظار الفرصة المناسبة للتوجّه نحو ليبيا. وتبعاً لهذه الفرضية تشهد كل المنطقة القريبة من رمادة حملة تفتيش وتمشيط واسعة للكشف عن كافة تفاصيل الحادثة ومن يقف وراءها.
ويرى المصدر الأمني أن الانتشار الأمني والعسكري الكبير في كامل المنطقة الحدودية التي تقع فيها رمادة، سواء بسبب إعلانها منطقة عسكرية عازلة أو بسبب حالة الطوارئ المعلنة في البلاد، سيجعل من حركة هذه المجموعة صعبة، خصوصاً أن عددها يتجاوز الثلاثين، من دون أن يستبعد العثور عليها في مناطق قريبة من رمادة.
وتقع معتمدية رمادة في أقصى الجنوب التونسي، ولديها حدود إدارية صحراوية واسعة مشتركة مع ليبيا والجزائر. وتتمركز على كامل مساحتها التي يطغى عليها الطابع الصحراوي وحدات عسكرية وأمنية كبيرة، تعمل على حماية الحدود من أي انتهاكات، كما تؤمّن الحماية للمنشآت النفطية المنتشرة في المنطقة البترولية في صحراء الجنوب التونسي.
ويُشكّل الوضع الأمني على الحدود هاجساً متواصلاً للسلطات التونسية في ظل الانفلات الأمني لدى الجار الليبي وتنامي أنشطة التهريب لمختلف أنواع البضائع بين البلدين، وكثيراً ما شهدت المناطق الحدودية تهريب أسلحة ومقاتلين في الاتجاهين، وأكدت السلطات التونسية أخيراً أن أغلب الأسلحة التي يملكها المسلحون واستعملوها في العمليات الإرهابية التي شهدتها تونس تم إدخالها عن طريق التهريب من ليبيا.
وأعادت السلطات التونسية الثلاثاء الماضي، ثلاثة ليبيين إلى بلدهم عبر البوابة الحدودية في راس جدير بعد أن ألقت القبض عليهم يوم الإثنين في المنطقة الحدودية العازلة التي أعلنتها تونس على كامل المنطقة الصحراوية على الحدود المشتركة بين البلدين. واحتجز الليبيون الثلاثة مع تونسيين اثنين لدى السلطات التونسية على يد دورية عسكرية في المنطقة الصحراوية في الجنوب التونسي، على متن ثلاث سيارات محملة بمحروقات وأسلحة مهربة من ليبيا في اتجاه السوق التونسية.
لكن المتحدث باسم وزارة الدفاع التونسية بلحسن الوسلاتي، أعلن الإثنين الماضي أنه لم يتم تسجيل تحركات مشبوهة على الحدود مع ليبيا وخصوصاً في معبر راس جدير خلال الفترة الماضية، مشيراً إلى تكثيف الانتشار العسكري في هذه المنطقة تزامناً مع إعلان حالة الطوارئ.
اقرأ أيضاً: البرلمان التونسي يعتزم مناقشة تداعيات حالة الطوارئ