هتافات الشوارع.. تأريخ قرن من حياة العراق

06 أكتوبر 2016
تطورت الهتافات السياسية في المجتمع العراقي (أحمد الربيع/Getty)
+ الخط -
على مدى قرنٍ كاملٍ، حرص العراقيون على الهتافات ذات الطابع الشعري والإيقاع الموسيقي الذي لا يخلو من فنون الجناس والطباق، والتي تكررت خلال المظاهرات والندوات التي عادة ما تكون سياسية، أو تتعلق بالوضع الداخلي في البلاد أو الأوضاع العربية بشكل عام.

إلا أن تلك الهتافات باتت مادة ثرية تنبئ عن المواقف السياسية في العراق، وجزء من تاريخ البلاد الحافل بالحروب والمآسي، كما أنها مادة خصبة لمعرفة توجهات المجتمع العراقي.

وبرزت الهتافات السياسية والثورية في العراق بشكل كبير مطلع القرن العشرين، عقب اندلاع شرارة الثورة ضد الاحتلال البريطاني، وما تلاها من أحداث، لتتبلور فيما بعد عقب الاحتلال الصهيوني لدولة فلسطين، واستخدم قسم منها في أغان ما زالت تتردد حتى اليوم.

وأخيراً، نشر عدد من المهتمين في علم الاجتماع قوائم لهتافات العراقيين بحسب السنة أو الحدث الذي ألمّ بالبلاد.

ويقول أحد المهتمين بالتراث الاجتماعي العراقي، قاسم الدوري، إنّ "الهتافات لها شأن كبير لدى العراقيين، وعرفت بشكل أكبر مع انطلاق ثورة العشرين ضد القوات البريطانية في عموم البلاد، فاستخدم الثوار الهتافات كوسيلة لإثارة الحماسة لدى المقاتلين".

ويضيف الدوري لـ"العربي الجديد": "من أشهر الهتافات التي ما زالت الذاكرة العراقية تحفظها "هز لندن ضاري وبكاها" (الشيخ ضاري المحمود أحد مفجري الثورة ضد البريطانيين) و"الطوب أحسن لو مكواري" و"بالفالة نسقط لندن".

ويضيف الدوري أن "الهتافات مرت بمراحل مختلفة، بدأت من إثارة الحماسة في ثورة العشرين ثم بهجاء السياسيين أو مدحهم خلال العهد الجمهوري، وما تلاها من أنظمة وحكومات مرت على العراق انتهاء بحقبة الاحتلال الأميركي والحكومات المتعاقبة بعده".


وتطورت الهتافات العراقية شيئاً فشيئاً خلال الحرب العراقية الإيرانية في ثمانينيات القرن الماضي، ودخلت في الأغاني الشعبية لإثارة حماسة المقاتلين في جبهات القتال وهجاء النظام الإيراني ورموزه آنذاك.

واستمر استخدام الهتافات الشعبية في وسائل الإعلام المختلفة في البلاد حتى اليوم، وأصبح لها وقع خاص، ويستخدمها العسكريون في تحميس الجنود خلال المعارك الدائرة حالياً في عدد من مدن البلاد ضد تنظيم "داعش".


ويقول صباح النوري، أحد الذين واكبوا تلك الفترات، وعمره 78 عاماً، إنّ "الهتافات عرفت مع الشعر العراقي منذ قرون طويلة، لكنها برزت في عشرينيات القرن الماضي مع اندلاع ثورة العشرين ضد الاحتلال البريطاني حينما واجه الثوار المدفعية البريطانية، وهتف أحدهم قائلاً "الطوب أحسن لو مكواري" في إشارة للمدفع البريطاني وعصاه "المكوار" التي يكللها كتلة من القار والتي يستخدمها الفلاحون للدفاع عن أنفسهم".

ويتابع "لا تستخدم الهتافات في الحرب فقط، لكن وقعها خلال أوقات الحرب كبير في إثارة الحماس، بل تستخدم في الرثاء خلال مراسم تشييع الجنائز، وفي الأعراس وفي هجاء السياسيين خلال المظاهرات".

والهتافات في الأصل شعر مقتضب يقوم على اختيار جملة شعرية موزونة تحمل معنى خاصاً بالمناسبة التي قيلت فيها، ولا يقتصر قولها على الشعراء فحسب، بل تعتبر من الحكم الشعبية التي يطلقها الناس في مناسباتهم المختلفة.

وأوضح الشاعر أحمد العربي، أنّ "الهتافات الشعبية جزء لا يتجزأ من الشعر العراقي، كما أنها تحمل مضامين الحماسة والمدح والهجاء والفخر والرثاء، وتعتمد على جملة قصيرة مقتضبة تعرف بـ(الهوسة) مثل (يا حوم اتبع لو جرينة) و(هوب هوب. قاسم كدامك الطسة)، وهي من الهتافات التي أطلقها العراقيون ضد زعماء سياسيين قبل عقود".

ويرى العربي أنّ "الهتافات لا يُستغنى عنها حتى على منصات الشعراء في المهرجانات والمحافل المختلفة، ولا يمر موكب تشييع أو عرس من دون هتافات يطلقها شعراء وشيوخ قبائل وشباب، وتعتبر جزءاً أصيلاً من التراث الشعبي العراقي قديماً وحديثاً، ويزيد استخدام الهتافات في أوقات الحروب والصراعات".

ومن أبرز الهتافات حسب الحقبة الزمنية، والتي ما زال بعضها مستخدماً ومتداولاً كتأريخ لتلك الحقبة:

1920 هز لندن ضاري وبجاها. والطوب أحسن لو مكواري
1921 عربي عربي واحد. لا للاستعمار الغاصب
1927 يا عراقي يا حيران. باكوك ولد الطليان
1948 نوري السعيد القندرة. وصالح جبر قيطانه
1948 نوري السعيد شدة ورد. وصالح جبر ريحانه
1956 مصر حرة عربية. فلتسقط الصهيونية
1958 لا بعثية ولا قومية. جبهة حرة وطنية
1962 وطن حر وشعب سعيد
1963 شعب شعب كله بعثية. موتوا موتوا يا شيوعية
1969 دولة وحدة عربية. غصبا عن الصهيونية- فلسطين عربية. موتوا يا كلاب التبعية
1976 يا سادات يا جبان. يا عميل الأميركان
1979 بالروح بالدم. نفديك يا صدام
1986 هذا ابني الوردة الجوري. يقاتل بالحرس الجمهوري
1988 القادسية الثانية. سجل يا تاريخ
1990 على عناد بوش وفهد. صدام باقي للأبد
1995 صدام اسمك هز أميركا
2003 يا صدام تقدم واحنه وياك للموت
2003 طاح الصنم طاح
2004 ما شفنه من الأميركان. غير الموبايل والستلايت
2005 هذا الأميركي القذر. يستاهل ضرب الحذيان
2010 المالكي والحيتان. خلو الشعب جوعان
2013 قادمون يا بغداد
2014 جمعة ورا جمعة. وهذا البرلمان نقلعه
2015 باسم الدين باكونا الحرامية
2016 بالعافية بالعافية. السيد صعد سنتافيا