هامس بيطار:موسيقى حملت اسم سورية

07 أكتوبر 2015
هامس بيطار عن صفحته (فيسبوك)
+ الخط -
هامس البيطار، اسم فرض نفسه كعازف سوري مميز على آلة العود التي تربى على تعلمها وفهمها وعشقها من خلال والده عازف العود السوري عدنان عبد الله البيطار. جاء إسبانيا منذ أكثر من سبعة عشر عاماً، قادماً من بلدة مصياف، البلدة السورية الرائعة، بعد أن أنهى دراسة القانون في دمشق. في غرناطة قرّر هامس دراسة أصول عزف قيثارة الفلامنكو بشكل أكاديمي على يد أمهر عازفي قيثارة الفلامنكو هناك. وانطلاقاً من حبه للموسيقى أنشأ فرقته الموسيقية الأولى التي سماها فرقة "موريسكا" للموسيقى الشرقية، والتي تعتمد موسيقاها على آلة العود بشكل أساسي، إذ يرى هامس أن "آلة العود هي آلة رائعة، غنية بطريقة قل مثيلها في أي آلة أخرى، إذ إنها قادرة على تقديم أكثر من لحن وأكثر من مقام في نفس الوقت".


 ويضيف: "الشعب الإسباني يعرف آلة العود ويحبها، فقد عرفها من خلال مدارس زرياب التي أقامها هذا العبقري في الأندلس، ومن خلال قربها للقيثارة التي حملها العرب معهم إلى إسبانيا، والتي أثرت كثيراً فيما بعد بالموسيقى الأوروبية بشكل عام، والإسبانية بشكل خاص".
قدم هامس عدداً من الحفلات مع مجموعة من العازفين الإسبان، إذ كانت الحفلات كلها لتقديم الموسيقى العربية المتمثلة بالعود من خلال عزف هامس عليه، وموسيقى الفلامنكو متمثلة بآلة القيثارة من خلال عزف أحد الموسيقيين الإسبان عليها. وقد قدمت هذه الحفلات بشكل ثنائي أظهرت عمق التشابه بين هذين النوعين من الموسيقى، وهذا ما جعل هامس يصر على دراسة وتعلم قيثار الفلامنكو وجعله ينشئ فرقته الثانية، والتي حملت اسم "دراويش" وكانت للموسيقى المتوسطية، ومن خلال هاتين الفرقتين شارك هامس في مهرجانات عالمية للموسيقى كعازف سوري ومؤسس لفرقة موسيقية. إذ أقام حفلات جميلة في كل من فرنسا، الهند، المغرب، إيطاليا، فنزويلا، كما أن هاتين الفرقتين جابتا كل الأراضي الإسبانية مع هامس وشاركتا في مهرجانات كثيرة في إسبانيا وهامة على المستوى العالمي مثل مهرجانات الثقافة الثلاثة ومثل مهرجان الموسيقى المتوسطية.



لم يكن غريباً على روح تسكنها الموسيقى والفن أن تقف مع ثورة المظلومين في سورية، وأن تتبنى فكر الثورة المدنية السلمية، وأن تشارك في أغلب المظاهرات التي خرجت في مدريد رفضاً للعنف الذي لا يحتمل من قبل النظام السوري، ودعما للمقهورين والمغيبين في الزنازين. وقد حاول هامس أن يسمع صوت الجرح السوري من خلال اللغة التي تصل بسرعة للعالم، أي من خلال الموسيقى. لذا فقد أقام عدة حفلات ونشاطات موسيقية حملت اسم سورية المقهورة، وجاء عزف هامس فيها موجعاً وطازجاً كالموت في بلادنا، وكان هامس السوري الأصل والروح يعزف على وتر القهر أنشودة الحياة، يعزف عزفاً طويلاً، تسير فيه جنازات الشهداء وأحلام السوريين بالحياة.


قدم هامس أكثر من حفلة لسورية كان أهمها ما قدمه في مدرسة اللغات وعلى مسرح "ميرا" في مدريد، وقد حضرها عدد كبير من الإسبان، وخاصة المهتمين بالقضية السورية أو بدعم الإنسان السوري اللاجئ في إسبانيا، وقالوا: لقد وصلت سورية إلينا من خلال أصابع هامس خضراء وجميلة، لكن صوت الموت فيها وصل قويا ومؤلما، وكأن أصوات الشهداء هناك كانت تسكن هذه الأوتار. ومثلما رفضت روح العازف الشفافة ظلم وقهر النظام، فقد رفضت أيضاً استبداد العقول السوداء والأفكار المتطرفة التي تنافي تماماً حقيقة ماضي وحضارة الإنسان السوري.


انطلاقاً من هذا الواقع قام هامس بالمشاركة في تقديم مسرحية ناطقة باللغة الإسبانية تسمى "منار" تعرض حاليا، وقد عزف وألف هامس موسيقى هذه المسرحية، التي هي من تأليف لينو براكسي ومن تمثيل سابيلا هرميدا وبمشاركة عازف الإيقاع لويس نابرنا. وتقدم حاليا هذه المسرحية على مسرح قريب من ساحة الثيران بمنطقة بنتاس في مدريد، كل يوم جمعة، وسيستمر عرضها لمدة شهر كامل، وتقوم هذه المسرحية على فكرة الشخصية السورية "منار"، الفتاة التي كان حلمها أن تصبح مدرّسة في بلدتها، والتي عاشت طفولة جميلة ومنفتحة، وكيف تغيرت الأمور بسرعة بعد خذلان العالم لسورية، وبعد أن أصبح التطرف سيد الوضع في بلدتها، وكيف غير هذا كل حياتها، وكيف تحول أخوها، الشخص القريب لروحها، والذي عاش معها طفولتها، إلى شخص متطرف ومغلق.

المساهمون