في المساحة الكبيرة التي غطتها السينما الهوليوودية من أفلام الدراما والرومانسية إلى أفلام الرعب والخيال العلمي، بقيت الكثير من الزوايا المهملة، عن قصد أو عن غير قصد، لم يلتفت لها سوى قلة من المخرجين، ربما ضحّوا في سبيل ذلك بشيء من الشهرة و"المجد" لكنهم ربما كانوا الأقرب إلى أنفسهم من بقية زملائهم.
لعل أحد هؤلاء المخرج الأميركي هاسكل وكسلر الذي من رحل عن 92 عاماً، أول أمس في مدينة سانتا مونيكا في ولاية كاليفورنيا. وقف وكسلر ضد التيارات السائدة في السينما الأميركية، فخاض في مواضيع فضل الهوليووديون التغاضي عنها.
كانت حرب فيتنام بارومتر المثقفين الأميركان، فطريقة تناولها يمكن ان تكون مقياساً لمواقعهم تجاه الحكومة والجماهير والسوق. وكسلر رفع تحدي تصوير الأفلام الوثائقية عن هذه الحرب، فأدخل حكايات العائدين منها إلى السينما عالية التكلفة، ثم كان من أبرز من انتقدوا من "كعبة الدعاية الأميركية" التدخل في نيكاراغوا، كما لفت الانتباه إلى حقوق العاملين في قطاع السينما.
رغم هذه الراديكالية في اختيارات وكسلر، لم يكن المخرج الأميركي بعيداً جداً عن هوليوود، وإن كان اعتراف المنتجين بموهبته تأثر سلباً على خلفية مواقفه، فقد استفاد من علاقات صداقة متطوّرة مع أسماء لامعة مثل إيلي كازان وفرانسيس فورد كوبولا، لذلك لا تخلو سيرته المهنية من مشاركات في عدد من كبريات الأفلام من خلال مواقع تقنية مختلفة مثل فيلم "أحدهم طار فوق عش الوقواق" في موقع مدير تصوير وفيلم "لاتنيو" كسيناريست.
أما أفلامه العشرة، من "الباص" في 1965 وصولاً "من يريد النوم؟" في 2006، فكانت أقل بريقاً جماهيرياً، إذ لم يكن الموزّعون عقبة سهلة لتتخطاها مضامين وكسلر، وهو الذي كان يقول "أنا أقف على يسار هوليوود".
اقرأ أيضاً: "بابا": هيمنغواي يرجع هوليوود إلى كوبا