تزخر العاصمة العراقية، بغداد، بالعديد من النُصب والتماثيل، والتي أُقيّم الكثير منها في فترة حكم الرئيس صدام حسين، وبرغم أن بعضها قد أزيل، فإنها كانت وما زالت تجسد حقباً تاريخية متنوعة القصص.
تنوعت الأحداث والوقائع العراقية، وعلى تنوعها واختلافها كانت تلك التماثيل والنصب التي لم يشهد العراق بعد عام 2003 إقامة مثيلات لها غير صور ترمز لشخصيات دينية وأخرى سياسية، ومن تلك التماثيل التي توزعت في شوارع بغداد على سبيل المثال، "نصب الحرية"، أقيم عام 1961 ويقع في قلب بغداد في ساحة التحرير في الباب الشرقي ويعود للفنان العراقي جواد سليم، وهو من الشواهد والمآثر التي يفتخر بها البغداديون، ويجد فيه العراقيون كل تاريخهم مترجم في عمل فني يُعكس فيه روح ماضيهم المرموق وحاضرهم المضني ومستقبلهم المجهول، كما انه يخلد أحداثاً تاريخية رافقت العراق على مّر السنين، حيث نرى حكايات تمثلها شخصيات بابلية وآشورية تقف شاخصة على جوانب الصرح.
نصب "الجندي المجهول"، يعد مثالاً للنماذج الهندسية المعمارية الحديثة، والذي يقع في جانب الكرخ قرب منتزه الزوراء وهو من عمل الفنان خالد الرحال، وقد انتهى العمل من النصب في تموز عام 1982.
نصب "الشهيد" وهو من أبرز المعالم المعمارية في بغداد والذي أبدع في تصميمه العراقيان المهندس المعماري سامان أسعد كمال، والفنان التشكيلي إسماعيل فتاح الترك الذي صمم قبته ، أنشئ عام 1986، ويرمز إلى تضحية الشهيد في سبيل وطنه ومبادئه، يقع في جانب الرصافة من بغداد، وفيه من الخداع البصري في النصب المقام على أرض مفتوحة مترامية الأطراف، إذ يشاهد المار بالسيارة حول النصب أن شطري القبة التي تبدو مغلقة عند بداية الشارع، يبدآن بالابتعاد أحدهما عن الآخر وكأن بوابة تنفتح أمامه تمهيدا لخروج شيء ما، ألا وهو العلم العراقي، وقد نقش بداخل النصب أسماء الشهداء في الحرب العراقية – الإيرانية، بحروف من ذهب.
تمثال "كهرمانة"، من أعمال الفنان الكبير محمد غني حكمت وقد سميت الساحة على اسم التمثال (ساحة كهرمانة)، من ساحات بغداد الشهيرة التي تقع عند مفترق الطريق بين منطقتي الكرادة الداخل -والخارج، أنشئ كهرمانة في الستينيات من القرن الماضي، وتم تحديثه فيما بعد حيث أزيلت من النصب الرؤوس الموضوعة فوق الجرار الأربعين، الجدير بالذكر وبرغم وجود 40 جرة، فلا علاقة لكهرمانة بقصة علي بابا والأربعين حرامي كما يعتقد البعض.
تمثال "النسور، وهو صنع الفنان العراقي ميران السعدي عام 1969 يقع في ساحة النسور، كذلك تمثال "أبي نؤاس"، للشاعر الحسن ابن هاني أبي نؤاس، صنع التمثال الفنان إسماعيل فتاح الترك عام 1962 ويقع التمثال في شارع سميّ باسم الشاعر (شارع أبي نؤاس). وشهريار وشهرزاد ويعود هذا العمل للفنان محمد غني حكمت، صُمم النصب ليكون رمزاً لأكثر القصص جمالية التي عرفتها الحضارة العراقية في عهد الخلفاء المسلمين في بغداد، وأخيرا وليس آخراً تمثال "عباس بن فرناس"، يقع التمثال على طريق مطار بغداد الدولي، وقد سميت الساحة التي يتواجد فيها التمثال باسمه. وهناك من التماثيل والنصب الكثيرة التي تتوزع في محافظات العراق الأخرى وبخاصة في مدينة البصرة أقصى جنوب العراق.
ويخشى العراقيون على التماثيل والنُصب التي تشكل رموزا فنية وتاريخية من أنّ تطاولها يد التخريب، مثل نصب الشهيد للنحات إسماعيل فتاح الترك والذي فاز بجوائز عالمية، ونصب الحرية للنحات جواد سليم وسط ساحة التحرير، ونصب الجندي المجهول للنحات خالد الرحال، وأكثر ما يتم الخشية عليه النصب والتماثيل التي تمت إقامتها إبان الحرب العراقية الإيرانية، بخاصة أن أعمال التخريب والإزالة قد وصلت الى الكثير من تلك النصب والتماثيل.
يقول النحات عمار عبد علي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، لا أشجع إطلاقاً على إزالة أي تمثال لأن هذه المنحوتات والأعمال تمثل قوة الجيش العراقي، واعتقد أن التماثيل التي تمت إزالتها هي ثلاثة فقط، وأضاف علي أنّ التماثيل الموجودة في بغداد والعراق هي عناصر جمالية ومرآة عاكسة للثقافة العراقية، كما الأعمال بغدادية وعراقية صرفة صنعها امهر فناني النحت، وما يميز النحت العراقي هو أنّ منحوتاته مأخوذة من حكايات ألف ليلة وليلة، إذ لا يوجد أي بلد في العالم اتخذ من ألف ليلة وليلة منطلقا لمنحوتاته.
ويتابع علي: "كل مدرسة لها طابعها الخاص بتماثيلها مثل مدرسة الباروك، والكلاسيكية، والكلاسيكية الجديدة، وهناك فنانون من الجيل الجديد يعملون في النحت أفضل من السابقين، وهذه الوجبة الشبابية لا أستطيع أنّ أصف إمكانياتها الرائعة، وقد أضافوا لمسات رائعة أكثر من السابق، ولكن للأسف لا يوجد تشجيع من قبل الحكومة".
اقرأ أيضاً: تمثال زنوبيا يظهر من جديد