يُلقي الأركيولوجي والمؤرّخ البريطاني، نيل فوكنر (1958)، محاضرةً تحت عنوان "لورانس العرب: الرومانسي، الاستشراقي والثقافة الغربية" عند السادسة والنصف من مساء الأربعاء المقبل، 19 من الشهر الجاري، في "الأكاديمية البريطانية" بلندن.
لعب الضابط الإنكليزي توماس إدوارد لورنس (1888-1935) الذي أصبح معروفاً بـ لورنس العرب، دوراً محورياً في نتائج الحرب العالمية الأولى في منطقة المشرق العربي، وتناول ذلك في شهادته الخاصة في مذكّراته الحربية الشهيرة "أعمدة الحكمة السبع".
لطالما وفّر هذا الكتاب قاعدة لمراجعة شخصيته وإنجازاته وإعادة فهم الكيفية التي تبنّى بها المعرفة الثقافية للمشرق خلال القرن الماضي، فقدّم لكثير ممن كتبوا عنه أو درسوا سيرته أو اقتبسوها للأعمال الدرامية مادة تساعدهم على تخيُّل الشرق كما رسمه هو والمستشرقون مثله.
أدّت الأسطورة المسمّاة لورانس العرب إلى توحيد وجهات نظر غربية مشوّهة حول المنطقة وشعبها وصراعاتها. ومن هنا، يقدّم فوكنر نقداً لتجربة لورنس باعتباره منتَجاً وبناءً ثقافياً قدّمته الإمبريالية الغربية.
وضع المحاضِر عدّة بحوث تاريخية وأثرية تناول فيها تاريخ المنطقة في مطلع القرن العشرين، من بينها: "حروب لورنس العرب" (2017)، و"تاريخ راديكالي للعالم" (2018)، و"رمال متحرّكة: لورنس العرب والثورة العربية الكبرى".
ويُعدّ كتاب "حروب لورنس العرب" من الأعمال التي "نقّحت" الفهم الغربي للمنطقة بأكملها، فالكاتب يعتمد، إلى جانب الوثائق، على عشر سنوات من البحث الميداني لتاريخ متعدّد الأوجه للصراع الذي اندلع في سيناء والجزيرة العربية وفلسطين وسورية خلال الحرب العالمية الأولى.
يقدّم فوكنر مراجعة للحملات العسكرية الأسطورية التي قام بها لورنس في سياق الثورة العربية. ويستكشف التقاطعات بين الإمبراطورية العثمانية المتدهورة، والقبائل العربية، والقومية العربية الوليدة، والطموح الإمبراطوري الغربي، ويعيد تقييم الجذور التاريخية التي ما زالت تسبب للمنطقة، إلى اليوم، التمزق الذي صنعته الحرب العالمية الأولى، وفق تعبيره.