نيس مع صانع أمجاد غلادباخ.. جاري صناعة بطل جديد

23 نوفمبر 2016
فافر يقود ثورة جديدة في الدوري الفرنسي (العربي الجديد/Getty)
+ الخط -
 

عاد لوسيان فافر من الباب الكبير هذا الموسم مع نيس، ليخرج من عزلة اختيارية قضاها في بيته، بعد استقالته من تدريب مونشنغلادباخ خلال بداية الموسم الماضي، نتيجة سوء النتائج في البوندسليغا وعصبة الأبطال. والمتابع الجيد لتاريخ هذا السويسري الرحالة، سيدرك فورا أنه صانع أمجاد غلادباخ في العصر الحديث بالملاعب الألمانية، بعد أن حولهم من نادي يصارع بعيداً عن مراكز الهبوط في الدوري إلى المركز الثالث في عام 2015.

العقل المدبر
نجح فافر مع مونشن بطريقته المفضلة 4-4-2 على خطى أتليتكو مدريد، مع الاستعانة بمبادئ الضغط العكسي في منتصف ملعب الخصم، لكن ليس مثل بروسيا دورتموند ولكن بتطبيق أقل، لأنه يعتمد أولا على تقليل الفراغات في وبين الخطوط، مع غلق المساحات عرضيا أمام خصومه، بتقليل زوايا التمرير ومحاولة الحصول على الكرة في وضعية تؤهله لتبادل الهجوم عند الاستحواذ.

ولخص موقع تحليل الدوري الألماني طريقة لعب غلادباخ مع لوسيان في إجبار الخصوم على لعب المباراة في مساحات ضيقة، ومن ثم قلب اللعب على الأطراف عن طريق الأجنحة بالتبادل مع ثنائي الهجوم المتقدم، وبالتالي هو لا يدافع من أجل الدفاع فقط، بل يعمل دائماً على اللعب كوحدة واحدة بين الخطوط الثلاثة، لتتحول الطريقة هجومياً من 4-2-2- إلى 4-2-4 بصعود رباعي صريح إلى الثلث الأخير من الملعب، ونجحت هذه الخلطة لمدة خمس سنوات قبل إعلان الفراق النهائي بين الثنائي في بداية موسم 2015-2016.

مرحلة نيس
بعد تولي فافر تدريب فريق نيس، لم يحاول المدرب السويسري إعادة أفكاره بالنص، لأنه يعرف جيدا أن بطولة الدوري الفرنسي تختلف كليا عن البوندسليغا، في فرنسا هناك تقدير رئيسي للمواهب والناحية الجمالية، عكس ألمانيا التي تركز أكثر على المرتدات والجانب البدني، لذلك ابتعد قليلا عن 4-4-2 وتحول إلى تكتيكات أخرى تناسب قدرات لاعبيه وطبيعة ناديه الجديد.

ولعب نيس هذا الموسم في الليغ1 بأكثر من رسم خططي مع ميزة اللعب بثنائي هجومي في الأمام، حتى يحصل بالوتيلي على حرية كبيرة كمهاجم تسعة ونصف بين الوسط ومنطقة الجزاء. مزيج بين رباعي دفاعي صريح وثلاثي في بعض المناسبات، للحصول على هجوم أفضل وأسلوب لعب غير متوقع بالنسبة للمنافسين.

يعتمد متصدر الترتيب على الثلاثي بليا، بلهندة، وبالوتيلي في الهجوم، وتكمن قيمة هذه المجموعة في قدرتها على شغل أماكن العمق والأطراف، أي أن بلهندة يمكنه اللعب كمهاجم صريح رغم توظيفه كجناح في أغلب المباريات، كذلك الحسن بليا الذي يتبادل مركزه مع بالوتيلي وفق سير المباريات، ليتحول المهاجم الأساسي إلى الرواق الأيمن لإفساح المجال أمام زميله الإيطالي للزيادة في ظهر المدافعين.

بالوتيلي ليس بمفرده
يعتقد البعض أن النجم الكبير ماريو بالوتيلي هو الكل في الكل داخل نيس بعد رحيل بن عرفة، ويعول هذا النادي كثيرا على أصحاب المهارات، ويعطي قيمة مضاعفة لهذه النوعية من الأسماء، خصوصا أن إدارته تعطيهم ثقة تامة، ويصبر الجمهور على بعض تصرفاتهم المندفعة، وتعتبر هذه العوامل ضمن الأسباب الرئيسية لتألق بن عرفة مع نيس مقارنة بوضعه الحالي في باريس، كذلك بالوتيلي الذي وجد نفسه ملكا في فرنسا، عكس ما واجه في معظم البلدان التي لعب فيها.

ورغم كل هذه الهالة الجماهيرية والإعلامية، إلا أن فريق نيس الحالي ليس بالوتيلي أبدا، وتمتاز مجموعة المدرب فافر بأنها جماعية إلى أقصى درجة ممكنة، وحتى على مستوى الأرقام والإحصاءات، يظهر الحسن بليا كهداف الفريق وصاحب التهديد الأكبر أمام الخصوم، بينما يقوم يونس بلهندة بدور تكتيكي مثالي، حيث إنه أقرب إلى الجناح المركب، لأنه نصف مهاجم ونصف مدافع أثناء التحولات برفقة الظهير الأيسر.

ويُعرف عن نيس إجادته الكبيرة لفكرة البناء من الخلف، لذلك يضم بين صفوفه مدافعين يجيدون التمرير، خصوصا مالانغ سار الذي يعتمد عليه زملاؤه في إرسال الكرات الطولية في حالة الضغط على لاعبي الوسط، بالإضافة إلى البرازيلي دانتي، اللاعب السابق في بايرن وفولفسبورغ ومونشنغلادباخ.

الحضور التكتيكي
مع كل هذه الأسماء المميزة، يظهر جان مايكل سيري ليعلن نفسه كنجم نيس الحقيقي هذا الموسم. لاعب الوسط البارع في حيازة الكرة تحت الضغط، والمتألق في المركز 8 أمام لاعبي الارتكاز وخلف المهاجم الصريح، ليعطي زملاءه فرصاً بالجملة على طبق من ذهب، ويصنع بمفرده 6 أهداف هذا الموسم في الدوري الفرنسي.

ويقوم أيضاً المدافع مانثيو بوديمر بمهمة تكتيكية واضحة، حيث إنه يلعب في الأساس كقلب دفاع صريح، لكنه في تشكيلة نيس الحالية يحصل على دور "ليبرو الوسط"، نتيجة صعوده المستمر أسفل دائرة المنتصف وتشكيله ثنائية المحور برفقة لاعب آخر في الغالب يكون ويلان سيبريان، كل هذا لإعطاء سيري أريحية أكبر تساعده على التفرغ للشق الهجومي.

وفي حالة عودة بوديمر إلى الخلف كمدافع ثالث برفقة دانتي وسار، تتحول الخطة تدريجيا إلى نظام الـ3-7، بدخول بلهندة إلى العمق لصعود الظهير الأيسر ريكاردو بيريرا إلى الهجوم، والرهان على ثنائية بالوتيلي - بليا حول وداخل منطقة الجزاء، وكأن الفريق يلعب بطريقة 3-5-2 أثناء الاستحواذ، كل هذا من أجل تصدر سلم الترتيب والتفوق على موناكو وباريس حتى الآن.

دلالات
المساهمون