"الأيام السبعة للوقت" عنوان كتابٍ جديد للشاعر السوري نوري الجرّاح، صدر باللغة الإسبانية عن دار "بيربوم"، بترجمة أنجزها الشاعر المصري المقيم في إسبانيا، أحمد يماني، وراجعته مونيكا ريبويّار.
استضافت قبل أيام قاعة "إسباثيو روندا"، في مدريد، حفل توقيع وتقديم الكتاب، بحضور الشاعر والمترجم وعددٍ من المثقّفين العرب والإسبان؛ من بينهم الكاتب العراقي عبد الهادي سعدون، المشرف على سلسلة الأدب العربي في دار نشر "بيربوم"، وأيضاً المترجم أحمد يماني الذي تناول، في كلمته، علاقته بشعر الجرّاح منذ بداية التسعينيات وموقع قصيدته في المشهد الشعري العربي وحركة تحديث القصيدة العربية.
أمّا الشاعر الإسباني، أغوستين بورّاس، فتناول قصيدة "الأيام السبعة للوقت"، معتبراً أنها "تقوم بنفض ضمائرنا النائمة وإيقاظنا على المأساة السورية"، مشيراً إلى "الجمالية العالية التي تتوفّر عليها القصيدة".
من جهتها، قرأت الشاعرة الإسبانية، ماريّا بيكتوريا كارو برنال، مقاطع من الكتاب بالإسبانية، كما قدّم الموسيقي السوري، هامس بيطار، وصلات موسيقية على العود. في حين قرأها الجراح بالعربية.
في حديثه إلى "العربي الجديد"، يعتقد يماني أن ترجمته للعمل كانت موفّقة، معترفاً بفضل مونيكا ريبويار في ذلك، مضيفاً أن اللغة الإسبانية قابلة للتعامل مع التشظّيات الصورية والانزياحات اللغوية في شعر الجرّاح: "في النهاية، أنا لا أقدّم ترجمة حرفية، بل نصّاً قابلاً للقراءة في الإسبانية، مع الالتصاق بالنص الأصلي طوال الوقت".
ويشير يماني أن أشار إلى أن الترجمة من العربية إلى الإسبانية ليست تجربة جديدة بالنسبة إليه: "لديّ ما يقرب من عشرة إصدارات. أُترجم من العربية إلى الإسبانية بمساعدة مراجعين من الكتّاب والشعراء الإسبان، أو في ترجمات مشتركة مع مستعربين، فهذا يضمن خروج النصّ في أفضل صورة ممكنة".
ويرى يماني أن الأدب العربي عموماً، والشعر خصوصاً، لا يلقى اهتماماً كبيراً في الغرب. لكنه يضيف أن كل ترجمة جديدة تصدر هي أمر مهم في حدّ ذاته، بغض النظر عن عدد المتلقّين.
وإن كانت تجربة الجرّاح (دمشق 1956) الشعرية جديرة بالنقل إلى لغات أخرى، فإن السؤال يدور عن "ضرورة" وقوع مأساة بحجم المأساة السورية اليوم لتلاقي نماذج شعرية عربية متقدمة اهتماماً تستحقه قبل هذه المأساة وبدونها؟
مقطع من "الأيام السبعة للوقت"
دمُ من هذا الذي يجري في قصيدَتك أيها الشاعر؟
وهو دمٌ ريثما يكتبُ الأعمى وصيَّتَه ويفتحُ نوافذَها للمطر
ريثما يدخل الشهداءُ ويدخِّنون أمنياتهم الأخيرة
ريثما تخرجُ امرأةٌ من زقاقٍ وفي يديها صبيٌّ تَقَصّفَ كالسنبلة.
***
دَمٌ في المدينةِ، دَمٌ في البُليداتِ الصَغيراتِ في ريفِ الفقراءِ
دَمٌ على ثلم الفلاح، على سكَّةِ المحراث يشقُّ جمجمةَ الغيبِ، ويقرأُ طالعَ النَّهار.
***
دَمٌ يصرخ في حَنْجَرةٍ مشطورة والغرابُ بجناحين متعاظمين يلطمُ الشقيقَ بدمِ الشقيقِ.
دَمٌ على أمنيةِ العابر، على خيبةِ الهاربِ، على عارِ المتفرِّجِ،
على صمتِ المُفكِّرِ يقلِّب أفكَارَه ويُبَلِّلُ مقولاتِه بدمِ الصِبْية،
وفي يومِ غدٍ آخر يقرأُ الجثامينَ في ضوءِ الفلسفة.
دَمٌ على أمسِ القاتلِ ويومِهِ وغَدِهِ،
دَمٌ على سَريرِ المُضاجِعِ زوجَتَهُ غصْبا عن فؤادِها الكَسير،
دَمٌ في موعد الحب، دم في اضطراب الخطوة المضطربة،
دَمٌ في صحونِ الطعام،
دَمٌ في بلاغةِ الصوت،
دَمٌ في التفاتةِ الغَريب، في هواءِ النَّهار،
دَمٌ في كلمةِ الحُبِّ،
في حُزْنِ المُسَافِرِ،
في هُروبُ القُرى وراءَ تِلال أُخرى،
في النوافذِ مهجورةً والشعاعِ منكسراً.
***
دمُ الشقيقِ في بَلْطَةِ الشَّقيق.