تسمية الشيء تعني امتلاكه ربّما، وتدلّ أيضًا على معنى ما أو أمثولة، وراء اختيار مفردة بعينها للتعبير عن مغزى. كذا كان ربّما، إطلاق اسم العاصي، على ذاك النهر الذي يخالف الطبيعة، إذ يجري من الجنوب نحو الشمال بعكس اتجاه أنهار المنطقة. المنطقة كما لا يخفى سورية.
والنهر الشهير؛ نهر العاصي، ارتبط بواحدة من مدنها الداخلية؛ مدينة حماة الواقعة في وسط البلاد، وفي قلب الناس أيضًا.
المدينة عالية، أمّا النهر القادم من عيون وفروع لبنانية، فينخفض وينخفض، يكوّن واديًا وسهلًا، ويؤلّف بحيرات، قبل يتوه في تعرّجات شمالية، ستأخذه لأن ينسكب ويصبّ في البحر الأبيض المتوسط.
النهر، صورة الخصب والعطاء، ومثلما يسري النسغ في الأغصان والسواقي والفروع النباتية، كذا كان لا بدّ للماء أن يجري في جسد المدينة وجلدها/ تربتها. كيف السبيل إلى رفع الماء من النهر الخفيض صوب الأرض العالية السامقة؟
اقرأ أيضًا: كنيسة أم الزنار في حمص
إن ليس إلا الدائرة، كشكل انسيابي، منحنٍ، يستطيع عبر حركته، أن يولّد طاقة دافعة. فليكن للدائرة أيدٍ من خشب، وليكن للأيدي ما تشاء من صناديق راقصة، تغطس في ماء النهر، تمتلئ به، وترتفع وتسير محمولة على القناطر، صوب الجوامع والحمّامات، صوب البيوت والخانات، صوب البساتين والغابات.
حين مرّ الرحالة الشهير ابن بطوطة في حماة، كتب: "تحفّها البساتين والجنّات، عليها النواعير كالأفلاك الدائرات، ويشقها النهر العظيم المسمى بالعاصي، ولها ربض سمي بالمنصورية أعظم من المدينة، فيه الأسواق الحافلة والحمامات الحسان".
جميلٌ تشبيه النواعير بالأفلاك الدائرات، إذ إن التدقيق في تلك الآلة المائية التي لا تتوقف عن الدوران، وفي أقسامها الخشبية، المستقاة من أشجار مختلفة؛ الجوز والمشمش والحور والشوح والسنديان - يعطي صيغة الجمع "الأفلاك" معاني عديدة. إذ لعلّها في المفرد الفلك، أي المدار الذي يسبح فيه الجرم السماوي، أو لعلّها فلك البحر، أي موْجُهُ المضطرب. وربما هي فلك البروج، أي الدائرة التي "ترسمها الشمس في سيرها في سنة واحدة، وكل دائرة تقسّم إلى اثني عشر برجًا".
ففي الحالات الثلاث تبدو الطبيعة بكلّ عنفوانها حاضرة: المدار والموج ودائرة الشمس. ربّما لهذا تميّز أهل حماة بذاك العنفوان الخاصّ، ظهر في ثمانينيات القرن المنصرم قبل المذبحة التي حوّلت عنين الناعورة إلى أنين، ثم ظهر ثانية غداة الثورة السورية في مظاهرة كبرى عام 2011.
والنهر الشهير؛ نهر العاصي، ارتبط بواحدة من مدنها الداخلية؛ مدينة حماة الواقعة في وسط البلاد، وفي قلب الناس أيضًا.
المدينة عالية، أمّا النهر القادم من عيون وفروع لبنانية، فينخفض وينخفض، يكوّن واديًا وسهلًا، ويؤلّف بحيرات، قبل يتوه في تعرّجات شمالية، ستأخذه لأن ينسكب ويصبّ في البحر الأبيض المتوسط.
النهر، صورة الخصب والعطاء، ومثلما يسري النسغ في الأغصان والسواقي والفروع النباتية، كذا كان لا بدّ للماء أن يجري في جسد المدينة وجلدها/ تربتها. كيف السبيل إلى رفع الماء من النهر الخفيض صوب الأرض العالية السامقة؟
اقرأ أيضًا: كنيسة أم الزنار في حمص
إن ليس إلا الدائرة، كشكل انسيابي، منحنٍ، يستطيع عبر حركته، أن يولّد طاقة دافعة. فليكن للدائرة أيدٍ من خشب، وليكن للأيدي ما تشاء من صناديق راقصة، تغطس في ماء النهر، تمتلئ به، وترتفع وتسير محمولة على القناطر، صوب الجوامع والحمّامات، صوب البيوت والخانات، صوب البساتين والغابات.
حين مرّ الرحالة الشهير ابن بطوطة في حماة، كتب: "تحفّها البساتين والجنّات، عليها النواعير كالأفلاك الدائرات، ويشقها النهر العظيم المسمى بالعاصي، ولها ربض سمي بالمنصورية أعظم من المدينة، فيه الأسواق الحافلة والحمامات الحسان".
جميلٌ تشبيه النواعير بالأفلاك الدائرات، إذ إن التدقيق في تلك الآلة المائية التي لا تتوقف عن الدوران، وفي أقسامها الخشبية، المستقاة من أشجار مختلفة؛ الجوز والمشمش والحور والشوح والسنديان - يعطي صيغة الجمع "الأفلاك" معاني عديدة. إذ لعلّها في المفرد الفلك، أي المدار الذي يسبح فيه الجرم السماوي، أو لعلّها فلك البحر، أي موْجُهُ المضطرب. وربما هي فلك البروج، أي الدائرة التي "ترسمها الشمس في سيرها في سنة واحدة، وكل دائرة تقسّم إلى اثني عشر برجًا".
ففي الحالات الثلاث تبدو الطبيعة بكلّ عنفوانها حاضرة: المدار والموج ودائرة الشمس. ربّما لهذا تميّز أهل حماة بذاك العنفوان الخاصّ، ظهر في ثمانينيات القرن المنصرم قبل المذبحة التي حوّلت عنين الناعورة إلى أنين، ثم ظهر ثانية غداة الثورة السورية في مظاهرة كبرى عام 2011.