يبدو أن مشاهد الزينة الرمضانية في مدينة القدس وأحيائها وبلدتها القديمة وشوارعها المؤدية إلى المسجد الأقصى المبارك، قد تكون خافتة وقليلة هذا العام، في ظل الحديث عن نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، وما قد تؤول إليه الأوضاع بعد عملية نقل السفارة بالتزامن مع الذكرى السبعين لنكبة فلسطين وقيام إسرائيل.
ورغم ذلك، فإن عدداً من النشطاء المقدسيين بدأوا بتزيين شوارع البلدة القديمة من القدس، وسط اعتداء مجموعة من المستوطنين عليهم خلال تزيينهم حيّ باب المجلس، في البلدة القديمة، فجر أمس الأحد. واشتبك النشطاء مع مجموعة من المستوطنين اقتحمت الحيّ ورشت غاز الفلفل باتجاه عدد منهم، ما أوقع خمس إصابات اختناقا بهذا الغاز، في حين أقدمت شرطة الاحتلال الإسرائيلي التي تواجدت في المكان على اعتقال أحد النشطاء قبل أن تعيد إطلاق سراحه قبيل ظهيرة أمس.
الاعتداء حدث على مرأى من شرطة الاحتلال، بعد أن تقدم المستوطنون المعتدون باتجاه النشطاء محاولين الوصول إلى باب المجلس، أحد أبواب الأقصى للصلاة هناك، بالتزامن مع وجود نحو 20 شابا وفتى كانوا منشغلين بتعليق الزينة. ووقع عراك بالأيدي وصدّ النشطاء المستوطنين المعتدين، قبل أن يتم رشهم بالغاز، ولم تحرك شرطة الاحتلال ساكناً، وبدلاً من ذلك اعتقلت أحد الشبان المعتدى عليهم، وهو محمد بلالوة، الذي روى ما حدث لـ "العربي الجديد".
وليس بعيداً عن باب المجلس وشارع الواد في البلدة القديمة من القدس، علق نشطاء في حارة باب حطة حبالاً قليلة من الزينة حتى مشارف الأقصى. لكن مصابيح رمضان لم تعلق بعد، في انتظار ما يمكن أن يحدث في 14 من الشهر الجاري مع انطلاق مسيرات العودة، والتصعيد المحتمل الذي سيرافقها، في عشية إعلان الولايات المتحدة الأميركية نقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس.
ورغم بدء نشطاء مقدسيين بتعليق زينة رمضان قبل نحو عشرة أيام من حلوله، إلا أن الحماس هذا العام يبدو فاترا بسبب الأوضاع الصعبة التي تعيشها المدينة المقدسة والأخطار التي تتهدد مستقبلها ومصيرها بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب القدس عاصمة لدولة الاحتلال.
حتى اللحظة لم ينهِ النشطاء تزيين الشوارع والحارات، ولن يضيؤوها قبل تيقنهم من أن أحداثا كبيرة لن تحدث، ويعقب أيمن: "لا يعقل أن نحتفي بهذه الزينة في وقت يمكن أن يشهد ارتقاء شهداء من أبناء شعبنا".
حالة الفتور تطرح نفسها لدى أصحاب المحال التجارية التي اعتادت في مثل هذه الأيام من كل عام على تعليق حبال زينة رمضان، وبعضها في شارع الواد، ومنها متاجر الزغير التي اشتهرت ببيع مصابيح رمضان وبث الأغاني الرمضانية.
ولم يخف صاحب محل الزغير شعوره بالقلق مما ستحمله الأيام القليلة المقبلة، ومخاوف كثيرين من أبناء البلدة القديمة من التطورات الميدانية وانعكاسها على الأرض. ويقول: "ليس هناك ما يشجع أبدا. أوضاع الناس الاقتصادية، والواقع السياسي الذي تعيشه يفقدها البهجة بأية أجواء احتفالية، ومن الواضح أن رمضان هذا العام سيغلب عليه طابع أداء الفروض الدينية خصوصاً صلاة التراويح وصلاة الفجر".
ويبدو مزاج المقدسيين متأثراً على نحو خاص، بخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها خطيب المسجد الأقصى الشيخ محمد علي، وانتقد فيها بشدة "استعدادات بعض الفئات لإقامة حفلات غناء على مدرجات باب العامود"، محذرا من تنظيمها باعتبارها فعاليات لا تمت للوطنية بشيء، وتتعارض والأجواء الروحانية لشهر رمضان الفضيل، مذكرا جموع المصلين بأوضاع أبناء شعبهم المحاصرين في قطاع غزة.
لكنّ خطبة الشيخ محمد علي، لم تمنع إدارة الأوقاف الإسلامية في القدس من مواصلة تحضيراتها لاستقبال الشهر الفضيل. وبدأت طواقم الأوقاف بنصب الخيام في ساحات الأقصى خصوصاً في ساحة مسجد الصخرة المشرفة المخصصة للنساء، وبالقرب من المصلى المرواني على أن تتواصل خلال الأيام القليلة المقبلة.
يقول الشيخ عزام الخطيب مدير عام أوقاف القدس لـ"العربي الجديد"، إن "طواقم الأوقاف ستواصل مهامها لتأمين أفضل الأجواء وسبل الراحة المناسبة لعشرات آلاف المصلين المتوقع أن يؤموا المسجد الأقصى خلال شهر رمضان، بما يشمل إعداد الساحات وتهيئتها لاستقبال المصلين، وتشغيل فرق حفظ الأمن والنظام، وفحص جهوزية الطواقم الطبية والتمريضية سواء في عيادات الأقصى أو حتى لدى فرق المتطوعين من طواقم إسعاف محلية عادة ما تنشط خلال الشهر الفضيل".
ويتابع: "هناك برامج خاصة بالوعظ والإرشاد والدروس الدينية بمشاركة كبار العلماء ورجال الدين، ليظل الأقصى عامرا بهذه الأعداد الضخمة من المصلين التي ستؤم المسجد من جميع أنحاء فلسطين".