دخلت أزمة النفايات في محافظتي بيروت وجبل لبنان شهرها الثامن، من دون أن تنجح أي من الخطط الحكومية في معالجتها، وخصوصاً مع سقوط خيار الخصخصة والمطامر، وأخيراً خيار الترحيل. على العكس، أدى غياب الحل الرسمي إلى اجتهاد مختلف الجهات المعنية بمعالجة الأزمة، كالبلديات، في محاولة للتخلص من كمية النفايات التي تراكمت خلال هذه الأشهر، والتي تقدر بأكثر من نصف مليون طن.
بين حين وآخر، ترتفع أعمدة الدخان أسفل الجسور وفي الأحراج. ويقدم مجهولون على إحراق النفايات أو طمرها بشكل عشوائي، مما يؤدي إلى ارتفاع نسبة المواد المسببة للسرطان في الهواء، بحسب دراسة أعدتها الجامعة الأميركية في بيروت والمجلس اللبناني الوطني للبحوث العلمية.
وأخيراً، أعلن وزير الصحة، وائل أبو فاعور، أن "المجهولين الذين يحرقون النفايات هم عمال وموظفو البلديات"، ما استدعى إخطار وزارة الصحة وزارة الداخلية، وتحذيرها من المخاطر الصحية لحرق النفايات، وتوجيه عشرات الإنذارات لبلديات تداوم على حرق النفايات في مناطق تجميعها. وهو أمر قابله رؤساء البلديات بمطالبة الحكومة بتقديم حل دائم للأزمة بسبب عدم قدرة البلديات على معالجة النفايات، قبل تحرير أموالها من الصندوق البلدي المستقل. حتى أن المساحة الواسعة التي خصّصتها بلدية بيروت لنقل النفايات إليها قرب مرفأ المدينة، شارفت على الامتلاء، على الرغم من المساعي الهندسية التي تبذلها شركة "سوكلين"، والعمل على إفساح المجال أمام تكديس المزيد من الأطنان بانتظار الحل.
اليوم، تعيد الحكومة اللبنانية تبني خيار طمر النفايات بعد استحداث مطامر جديدة في مناطق نائية جغرافياً في شمال وشرق البلاد، وهو خيار أعلن عنه وزير الداخلية والبلديات، نهاد المشنوق، لافتاً إلى أنه سيحظى بـ "مؤازرة قانونية"، بالإضافة إلى دعم لجنة البيئة النيابية لهذا الخيار، في توافق علني بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في البلاد. ويتوقع أن تناقش الحكومة اللبنانية أزمة النفايات خلال اجتماع تعقده غداً، علماً بأن رئيس الحكومة، تمام سلام، ربط بين استمرار عمل الحكومة وحل الأزمة.
من جهة أخرى، كانت أشهر الأزمة الطويلة كفيلة بطرح عدد من الخبراء البيئيين والأكاديميين، بالإضافة إلى شخصيات سياسية، حلولاً قد تبدو أقرب إلى الواقع، من دون أن تلقى آذاناً صاغية لدى السلطة السياسية التي تبنت ثلاثة خيارات فاشلة لحل الأزمة، على الرغم من اعتراض حملات الحراك الشعبي وخبراء بيئيين. وكان النائب، ميشال المر، قد أعلن عن إعداد المستندات اللازمة لترخيص إقامة معمل لمعالجة النفايات الصلبة من خلال الحرق، وذلك في اتحاد بلديات المتن الشمالي قرب العاصمة بيروت. وأوضح أن المعمل "سينشأ على مساحة مائة ألف متر مربع من الأملاك العامة البحرية". وأضاف أن "هذا حل بيئي سيقلّص كلفة معالجة طن النفايات من 220 دولاراً أميركيّاً للطن (كلفة الترحيل) أو 160 دولاراً للطن (لشركة سوكلين)، إلى 25 دولاراً خلال السنة الأولى و15 دولاراً خلال السنة الثانية. أما السنوات الخمس عشرة الباقية من العقد، فستكون من دون أية كلفة، لأن البلديات ستدفع 12 دولاراً عن كل طن نفايات ترسله إلى المعمل للمعالجة".
اقرأ أيضاً: سياسيو لبنان يتقاذفون نفاياته
من جهته، قدّم خبير الكيمياء العضوية والأكاديمي اللبناني، محمد عبد الغني، مشروعاً لإنشاء معامل معالجة كيميائية للنفايات الصلبة إلى الوزراء والنواب المعنيين، من دون أي تجاوب. ويقترح إنشاء نوعين من معامل معالجة النفايات، بهدف معالجة النفايات غير المفرزة والمتكدسة في الشوارع حالياً، والنفايات اللاحقة التي ستنتج بعد فرزها، وصولاً إلى تحويل استراتيجية معالجة النفايات إلى إنتاج الطاقة. ويقوم المشروع على معالجة النفايات العضوية وغير العضوية من خلال محفزات كيميائية تحولها إلى مواد بترولية (غاز وديزل). وتختلف نوعية المواد البترولية المنتجة في المعملين، لكن مستوى الطاقة التي سيولدها الغاز المُنتج (11 كليوواطاً في الساعة للطن) يقارب تلك التي ينتجها الغاز الطبيعي (13 كيلوواطاً في الساعة للطن). ويمكن بيع المواد البترولية المنتجة أو إنشاء محطات لتوليد الكهرباء قرب المعامل مباشرة".
بالإضافة إلى الغاز والديزل، يؤكد عبد الغني أن "معالجة النفايات عبر المحفزات الكيميائية ستنتج مادة الكربون، التي يمكن استخدامها لمعالجة المياه الطبيعية الملوثة بسبب المخلفات الصناعية والزراعية، وحماية المياه الجوفية اللبنانية. كذلك، يمكن إنشاء معامل لمعالجة مياه الصرف الصحي ومعالجة البقايا الصلبة من العملية عبر التحفييز الكيميائي.
ويؤكد الأكاديمي اللبناني أن ارتفاع كلفة معالجة الطن عبر هذه التقنية (بين 50 و75 دولاراً)، بالمقارنة مع خيار المحارق، يقابله "الحد من مخاطر المواد المسرطنة التي تنتجها المحارق، عدا عن كونه أقل كلفة من الترحيل أو الطمر".
وفي وقت يحظى فيه خيار إقامة المحارق بدعم أحزاب سياسية، على غرار التيار الوطني الحر وحزب الكتائب، تبدو مبادرات الخبراء البيئيين بعيدة عن التداول.
اقرأ أيضاً: نهر النفايات.. مشهد "غير" طبيعي في لبنان
بين حين وآخر، ترتفع أعمدة الدخان أسفل الجسور وفي الأحراج. ويقدم مجهولون على إحراق النفايات أو طمرها بشكل عشوائي، مما يؤدي إلى ارتفاع نسبة المواد المسببة للسرطان في الهواء، بحسب دراسة أعدتها الجامعة الأميركية في بيروت والمجلس اللبناني الوطني للبحوث العلمية.
وأخيراً، أعلن وزير الصحة، وائل أبو فاعور، أن "المجهولين الذين يحرقون النفايات هم عمال وموظفو البلديات"، ما استدعى إخطار وزارة الصحة وزارة الداخلية، وتحذيرها من المخاطر الصحية لحرق النفايات، وتوجيه عشرات الإنذارات لبلديات تداوم على حرق النفايات في مناطق تجميعها. وهو أمر قابله رؤساء البلديات بمطالبة الحكومة بتقديم حل دائم للأزمة بسبب عدم قدرة البلديات على معالجة النفايات، قبل تحرير أموالها من الصندوق البلدي المستقل. حتى أن المساحة الواسعة التي خصّصتها بلدية بيروت لنقل النفايات إليها قرب مرفأ المدينة، شارفت على الامتلاء، على الرغم من المساعي الهندسية التي تبذلها شركة "سوكلين"، والعمل على إفساح المجال أمام تكديس المزيد من الأطنان بانتظار الحل.
اليوم، تعيد الحكومة اللبنانية تبني خيار طمر النفايات بعد استحداث مطامر جديدة في مناطق نائية جغرافياً في شمال وشرق البلاد، وهو خيار أعلن عنه وزير الداخلية والبلديات، نهاد المشنوق، لافتاً إلى أنه سيحظى بـ "مؤازرة قانونية"، بالإضافة إلى دعم لجنة البيئة النيابية لهذا الخيار، في توافق علني بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في البلاد. ويتوقع أن تناقش الحكومة اللبنانية أزمة النفايات خلال اجتماع تعقده غداً، علماً بأن رئيس الحكومة، تمام سلام، ربط بين استمرار عمل الحكومة وحل الأزمة.
من جهة أخرى، كانت أشهر الأزمة الطويلة كفيلة بطرح عدد من الخبراء البيئيين والأكاديميين، بالإضافة إلى شخصيات سياسية، حلولاً قد تبدو أقرب إلى الواقع، من دون أن تلقى آذاناً صاغية لدى السلطة السياسية التي تبنت ثلاثة خيارات فاشلة لحل الأزمة، على الرغم من اعتراض حملات الحراك الشعبي وخبراء بيئيين. وكان النائب، ميشال المر، قد أعلن عن إعداد المستندات اللازمة لترخيص إقامة معمل لمعالجة النفايات الصلبة من خلال الحرق، وذلك في اتحاد بلديات المتن الشمالي قرب العاصمة بيروت. وأوضح أن المعمل "سينشأ على مساحة مائة ألف متر مربع من الأملاك العامة البحرية". وأضاف أن "هذا حل بيئي سيقلّص كلفة معالجة طن النفايات من 220 دولاراً أميركيّاً للطن (كلفة الترحيل) أو 160 دولاراً للطن (لشركة سوكلين)، إلى 25 دولاراً خلال السنة الأولى و15 دولاراً خلال السنة الثانية. أما السنوات الخمس عشرة الباقية من العقد، فستكون من دون أية كلفة، لأن البلديات ستدفع 12 دولاراً عن كل طن نفايات ترسله إلى المعمل للمعالجة".
اقرأ أيضاً: سياسيو لبنان يتقاذفون نفاياته
من جهته، قدّم خبير الكيمياء العضوية والأكاديمي اللبناني، محمد عبد الغني، مشروعاً لإنشاء معامل معالجة كيميائية للنفايات الصلبة إلى الوزراء والنواب المعنيين، من دون أي تجاوب. ويقترح إنشاء نوعين من معامل معالجة النفايات، بهدف معالجة النفايات غير المفرزة والمتكدسة في الشوارع حالياً، والنفايات اللاحقة التي ستنتج بعد فرزها، وصولاً إلى تحويل استراتيجية معالجة النفايات إلى إنتاج الطاقة. ويقوم المشروع على معالجة النفايات العضوية وغير العضوية من خلال محفزات كيميائية تحولها إلى مواد بترولية (غاز وديزل). وتختلف نوعية المواد البترولية المنتجة في المعملين، لكن مستوى الطاقة التي سيولدها الغاز المُنتج (11 كليوواطاً في الساعة للطن) يقارب تلك التي ينتجها الغاز الطبيعي (13 كيلوواطاً في الساعة للطن). ويمكن بيع المواد البترولية المنتجة أو إنشاء محطات لتوليد الكهرباء قرب المعامل مباشرة".
بالإضافة إلى الغاز والديزل، يؤكد عبد الغني أن "معالجة النفايات عبر المحفزات الكيميائية ستنتج مادة الكربون، التي يمكن استخدامها لمعالجة المياه الطبيعية الملوثة بسبب المخلفات الصناعية والزراعية، وحماية المياه الجوفية اللبنانية. كذلك، يمكن إنشاء معامل لمعالجة مياه الصرف الصحي ومعالجة البقايا الصلبة من العملية عبر التحفييز الكيميائي.
ويؤكد الأكاديمي اللبناني أن ارتفاع كلفة معالجة الطن عبر هذه التقنية (بين 50 و75 دولاراً)، بالمقارنة مع خيار المحارق، يقابله "الحد من مخاطر المواد المسرطنة التي تنتجها المحارق، عدا عن كونه أقل كلفة من الترحيل أو الطمر".
وفي وقت يحظى فيه خيار إقامة المحارق بدعم أحزاب سياسية، على غرار التيار الوطني الحر وحزب الكتائب، تبدو مبادرات الخبراء البيئيين بعيدة عن التداول.
اقرأ أيضاً: نهر النفايات.. مشهد "غير" طبيعي في لبنان