15 أكتوبر 2016
نعم .. العرب أمة واحدة
فاروق شريف (سورية)
جاءت الثورات العربية مصاحبة لظهور نظريات وأطروحات عديدة تتعلق بالدين والسياسة والأعراق وغيرها مما يخص المسرح العربي الملتهب بصخب الثورات على الصعد الإنسانية كافة. من أهم تلك الأطروحات: هل العرب أمةٌ واحدة؟ أمةٌ واحدة من منظور إمكانية قيام نظام سياسي واقتصادي وعسكري تشاركي لا من منظور وحدة عرقية، يربط القطري والموريتاني مثلا بجذرٍ واحد.
وعلاوة على ذلك، ظهرت في منتديات التواصل الاجتماعي تجمّعات تطعن بالمدّ التاريخي والثقافي العربي، بقلمٍ مستند في على قراءات هوامش التاريخ، ونظرة غير متفحصة وناضجة للجغرافيا العربية بديمغرافيتها، ومن ذلك ادعاء وجود وحدة جغرافية غير عربية مستقلة ومباينة للتوجهات العربية، كالأمازيغ في المغرب العربي، والأكراد في العراق وسورية. إضافة إلى أنّ الثورات العربية حصلت ضد أنظمة قمعية رفعت الشعارات القومية، بهدف البقاء في السلطة، فرافق هذه الثورات تمرد على الشعارات ونسفها نتيجة الإحباط الذي استمر عقوداً في ظل الأنظمة الديكاتورية القومية، لكن كل هذه الأسباب لا يمكن أن تبرر التمرّد والتغييب لواقعٍ ثابت مفاده أن الأرض الممتدة من الخليج العربي إلى المحيط الأطلنطي ذات وحدة ثقافية واجتماعية وسياسية، من حيث طريقة إدارة الدولة في كل قطر.
بإمكان أي مثقّف أنْ يحصل على الجواب لأطروحة: هل العرب أمة واحدة؟ بمتابعته الصحف العربية التي تهتم بالشأن العربي ككل، إذ أول ما يعلق في أذهاننا عند قراءة الصحف العربية هي الوحدة اللغوية، وتشابه المصطلحات في الأخبار التي تتعلق بأي بلد عربي، مثل التطرف، العلمانية، مشكلة الشباب، الاستبداد وغيرها، وكلها تتشابه في الطرح وعرض الأسباب ووضع النتائج، إضافة إلى أن معظم الكتاب العرب الذين يناقشون قضايا بلدانهم يناقشونها بتشابه تحليلي، وأدوات تشريح واحدة على الرغم من اختلاف البلد، ما يعني أن العرب أمة واحدة، من حيث تشابه المآسي والعلل والأمراض الاجتماعية، فما المانع من أن يكونوا أمة واحدة من حيث المصير؟
أما عن شبهة وجود أعراق غير عربية ذات هوية مباينة للعروبة في الجغرافية العربية، كالأمازيغ والأكراد، وأن هذين العرقين يشكلان معضلة كبيرة في نقد نظرية وحدوية العرب، فالمتابع للقضايا الجغرافية والديمغرافية سيرى أنّ الأمازيغ نصفان: منخرط ومتطبع بالثقافة العربية ومتقن للغتها، وآخر ظل يحتفظ بموروثه العرقي، ويختص به مشفوعاً بأثر الثقافة العربية.
بكل الأحوال، لا توجد مساحة جغرافية متصلة تجمع الأمازيغ، بل حتى تاريخياً في أثناء نشوء دول أمازيغية، كالمرابطين والموحدين، لا يشك الباحث بأنها منفصلة عن الثقافة العربية حتى يخال الباحث بأن مؤسسيها هم من العرب.
وفيما يتعلق بالأكراد، فوجودهم الجغرافي محصور في الشمال العربي الآسيوي على الحدود العراقية والسورية، وهذه المنطقة طبيعياً تشكل الحد الفاصل بين المنطقة العربية والمناطق الفارسية والتركية. وتاريخياً كانت تعرف بمنطقة الثغور.
الجغرافيا العربية بشكل عام ذات هوية ثقافية عربية، ويغلب عليها الإسلام السني المعتدل، وهذا الإسلام هو عام من ناحية ثقافية تتدرج تحته الديانات الأخرى، وما يثبت ذلك مراجعة التاريخ العربي المتمثل بالحملات الصليبية والمغولية التي لم تتأثر بهذه الهوية على الرغم من الدموية المفرطة في سبيل تغييرها، كما أن جزءا من المغرب العربي ومصر والشام والحجاز ظلت أكثر من مئة سنة خاضعة للحكم الفاطمي الشيعي، مع ذلك ظل السواد الأعظم من الشعب محتفظاً بشكل الطابع الديني.
لا يمكن الاحتجاج بالأعراق لنقض وحدوية العرب، فالحروب والهجرات والرحلات العلمية والتجارية جعلت المنطقة العربية تغص بالأعراق غير العربية (مماليك وترك وأكراد وشركس وهنود وأفارقة وأوروبييون)، وإلى الآن يحتفظون بجيناتهم، وألوان بشراتهم، لكنهم تطبّعوا بهوية الأرض، ودافعوا عن القضايا العربية، وساهموا في بناء حضارتها.
الوحدة العربية لا تعني بالضرورة قيام نظام سياسي واحد وحكم واحد، كما هو في أدبيات القوميين المتشددين، إنما تعني التشاركية في بناء سوق اقتصادي وإئتلاف عسكري، وهو حتمية ستقود إليها نهاية المخاض العربي الحالي الذي أثبت أنّ الجغرافيا العربية تتشابه في أمراضها، وطرق انتشارها وأدوية علاجها في نهاية الأمر.
وعلاوة على ذلك، ظهرت في منتديات التواصل الاجتماعي تجمّعات تطعن بالمدّ التاريخي والثقافي العربي، بقلمٍ مستند في على قراءات هوامش التاريخ، ونظرة غير متفحصة وناضجة للجغرافيا العربية بديمغرافيتها، ومن ذلك ادعاء وجود وحدة جغرافية غير عربية مستقلة ومباينة للتوجهات العربية، كالأمازيغ في المغرب العربي، والأكراد في العراق وسورية. إضافة إلى أنّ الثورات العربية حصلت ضد أنظمة قمعية رفعت الشعارات القومية، بهدف البقاء في السلطة، فرافق هذه الثورات تمرد على الشعارات ونسفها نتيجة الإحباط الذي استمر عقوداً في ظل الأنظمة الديكاتورية القومية، لكن كل هذه الأسباب لا يمكن أن تبرر التمرّد والتغييب لواقعٍ ثابت مفاده أن الأرض الممتدة من الخليج العربي إلى المحيط الأطلنطي ذات وحدة ثقافية واجتماعية وسياسية، من حيث طريقة إدارة الدولة في كل قطر.
بإمكان أي مثقّف أنْ يحصل على الجواب لأطروحة: هل العرب أمة واحدة؟ بمتابعته الصحف العربية التي تهتم بالشأن العربي ككل، إذ أول ما يعلق في أذهاننا عند قراءة الصحف العربية هي الوحدة اللغوية، وتشابه المصطلحات في الأخبار التي تتعلق بأي بلد عربي، مثل التطرف، العلمانية، مشكلة الشباب، الاستبداد وغيرها، وكلها تتشابه في الطرح وعرض الأسباب ووضع النتائج، إضافة إلى أن معظم الكتاب العرب الذين يناقشون قضايا بلدانهم يناقشونها بتشابه تحليلي، وأدوات تشريح واحدة على الرغم من اختلاف البلد، ما يعني أن العرب أمة واحدة، من حيث تشابه المآسي والعلل والأمراض الاجتماعية، فما المانع من أن يكونوا أمة واحدة من حيث المصير؟
أما عن شبهة وجود أعراق غير عربية ذات هوية مباينة للعروبة في الجغرافية العربية، كالأمازيغ والأكراد، وأن هذين العرقين يشكلان معضلة كبيرة في نقد نظرية وحدوية العرب، فالمتابع للقضايا الجغرافية والديمغرافية سيرى أنّ الأمازيغ نصفان: منخرط ومتطبع بالثقافة العربية ومتقن للغتها، وآخر ظل يحتفظ بموروثه العرقي، ويختص به مشفوعاً بأثر الثقافة العربية.
بكل الأحوال، لا توجد مساحة جغرافية متصلة تجمع الأمازيغ، بل حتى تاريخياً في أثناء نشوء دول أمازيغية، كالمرابطين والموحدين، لا يشك الباحث بأنها منفصلة عن الثقافة العربية حتى يخال الباحث بأن مؤسسيها هم من العرب.
وفيما يتعلق بالأكراد، فوجودهم الجغرافي محصور في الشمال العربي الآسيوي على الحدود العراقية والسورية، وهذه المنطقة طبيعياً تشكل الحد الفاصل بين المنطقة العربية والمناطق الفارسية والتركية. وتاريخياً كانت تعرف بمنطقة الثغور.
الجغرافيا العربية بشكل عام ذات هوية ثقافية عربية، ويغلب عليها الإسلام السني المعتدل، وهذا الإسلام هو عام من ناحية ثقافية تتدرج تحته الديانات الأخرى، وما يثبت ذلك مراجعة التاريخ العربي المتمثل بالحملات الصليبية والمغولية التي لم تتأثر بهذه الهوية على الرغم من الدموية المفرطة في سبيل تغييرها، كما أن جزءا من المغرب العربي ومصر والشام والحجاز ظلت أكثر من مئة سنة خاضعة للحكم الفاطمي الشيعي، مع ذلك ظل السواد الأعظم من الشعب محتفظاً بشكل الطابع الديني.
لا يمكن الاحتجاج بالأعراق لنقض وحدوية العرب، فالحروب والهجرات والرحلات العلمية والتجارية جعلت المنطقة العربية تغص بالأعراق غير العربية (مماليك وترك وأكراد وشركس وهنود وأفارقة وأوروبييون)، وإلى الآن يحتفظون بجيناتهم، وألوان بشراتهم، لكنهم تطبّعوا بهوية الأرض، ودافعوا عن القضايا العربية، وساهموا في بناء حضارتها.
الوحدة العربية لا تعني بالضرورة قيام نظام سياسي واحد وحكم واحد، كما هو في أدبيات القوميين المتشددين، إنما تعني التشاركية في بناء سوق اقتصادي وإئتلاف عسكري، وهو حتمية ستقود إليها نهاية المخاض العربي الحالي الذي أثبت أنّ الجغرافيا العربية تتشابه في أمراضها، وطرق انتشارها وأدوية علاجها في نهاية الأمر.
مقالات أخرى
31 مايو 2016
08 ابريل 2016
10 فبراير 2016