نضالية ثقافية

07 ابريل 2015
رندا مداح / سوريا
+ الخط -

في إحدى المرات، سألتني صحافية جزائرية سؤالاً ما زال عالقاً في ذهني: بوصفك مثقفاً يعيش في المهجر، ماذا قدّمت لتحسين صورة الجزائر في إيطاليا؟ أجبتها بلا تهكّم أن هذا ليس دوري، وإنما من صميم عمل السفير، وليس من عادتي التدخّل في عمل الآخرين.

لم يقنعها جوابي، فراحت تحدّثني عن مسؤولية المثقف ودوره، مستشهدة تارة بالمثقف الملتزم عند سارتر، وتارة أخرى بالمثقف العضوى عند غرامشي.

غالباً ما يقاس موضوع التزام المثقف، في الدرجة الأولى، بمواقفه السياسية ومكانه من السلطة، إما معارضاً أو مسانداً أو محايداً. غير أن هذا الطرح ينقصه الكثير من العمق. فدور المثقف لا يمكن أن ينحصر في نشاط واحد هو النضالية السياسية.

هناك أنشطة أخرى لا تقل أهمية كالنضالية الثقافية. مثلاً، هنالك أدباء أعرفهم جيداً توقفوا تماماً عن القراءة واكتفوا بالكتابة، لا تطأ أقدامهم المسارح والندوات أو قاعات السينما منذ سنوات طويلة، اقتنعوا مبكراً، ولا يزالون على قناعتهم، أن إتقان لغة واحدة يكفي ولا حاجة لتعلّم أخرى.

أليس من مهام المثقف أيضاً تثقيف نفسه بل وبشكل ما الآخرين؟ لننظر مثلاً إلى علاقة المثقف بدور النشر - التي أقرب ما تكون إلى المطابع منها إلى مؤسسة ثقافية - فلا يد للمثقف فيها، ولا دور له في لجان القراءة والاختيار فيها.

لا بأس أن نلحّ على النضالية السياسية، ولكن لا بدّ أن تكون مقرونة أيضاً بنضالية ثقافية.

دلالات
المساهمون