نسخة جديدة من "أصدقاء الشعب السوري" بلندن: كرونولوجيا التخلّي

15 مايو 2014
لم يأخذ السوريون من المؤتمرات إلا الدعم اللفظي (الأناضول/getty)
+ الخط -

تستضيف العاصمة البريطانية، لندن، اليوم الخميس، الاجتماع الوزاري لـ"أصدقاء الشعب السوري"، في توقيت يراه المراقبون مفصلياً وحساساً، سواء لما يتعلق بتقدم النظام السوري ميدانياً في بعض الجبهات، أو لناحية رفضه كل التحذيرات حيال إجراء انتخابات الرئاسة المحسومة سلفاً في الثالث من يونيو/حزيران المقبل.

وفي ظروف دولية عنوانها استقالة المبعوث الأخضر الإبراهيمي، وإعلان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن عدم إمكانية عقد دورة جديدة لمؤتمر جنيف، وفي واقع سعي لندن وواشنطن اللفظي حتى الآن، لتغيير المعادلة وكفة الصراع على الأرض.

وأمام موقف عربي لم يعد يرى في ثورة السوريين سوى "حالات إنسانية وإغاثية"، أو يشكو من العبء الذي شكله اللاجئون على اقتصاداتهم وأمنهم، ما الذي يمكن أن يقدمه "أصدقاء الشعب السوري" في لندن، بالمقارنة مع الدعم الذي تعدى حدود التمويل وتقديم السلاح، ووصل إلى إدخال مقاتلين مسلحين إلى أرض المعركة، من "أصدقاء النظام السوري"؟

يترقب السوريون ما الذي يمكن أن يفعله "الأصدقاء" بعد المقترح الإيراني الرباعي المشروط بتأجيل الانتخابات الرئاسية في سوريا، أو ما تسرب عن مشروع قرار روسي تقدمت به موسكو إلى مجلس الأمن، يسعى "للهدن والمصالحة"، آخذة من الوضع الإنساني ومن هدنة حمص منطلقاً، وما تردّد عن تحفظ واشنطن على مشروع القرار الفرنسي بإحالة النظام إلى محكمة الجنايات الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب.

وحتى اليوم، لم يأخذ السوريون من المؤتمرات السابقة، إلا الاعترافات اللفظية والوعود، ولم يحظوا إلا بتحويل ثورتهم من المطالبة بالحرية وإسقاط النظام، إلى قضية لاجئين ومخيمات ومساعدات إنسانية مجزوءة وعسكرية غير فتاكة ومشروطة.

وسبق لـ"أصدقاء الشعب السوري" أن عقدوا أول مؤتمر لهم في العاصمة التونسية بتاريخ 24 فبراير/شباط 2012 بحضور 70 دولة، بعد استخدام موسكو وبيكين حق النقض "الفيتو" ولم يخرجوا إلا بالاعتراف بالمجلس الوطني كممثل شرعي آنذاك للشعب السوري، ما كان إنجازاً سياسياً ودبلوماسياً في حينها، وبمساعدات إنسانية وفرض عقوبات تزيد عزلة النظام، وبعض التخفيض لمستوى العلاقات الدبلوماسية مع النظام السوري، لم يلتزم به معظم المجتمعين.

تبعه المؤتمر الثاني لـ"أصدقاء الشعب السوري" الذي استضافته مدينة إسطنبول التركية في أبريل/نيسان 2012، بمشاركة ممثلين عن أكثر من ثمانين دولة وبعض أطراف المعارضة السورية في الخارج، ليؤكد على مقررات مؤتمر تونس، أي الاعتراف بالمجلس الوطني ممثلاً شرعيا للسوريين، ومظلة جامعة لقوى المعارضة، ثم الدعوة لدعم الموفد كوفي أنان وإخضاع النظام السوري كلياً للقانون الدولي، والدعوة لتشكيل مجموعتَي عمل لتفعيل العقوبات المفروضة على النظام برئاسة فرنسا، وأخرى لدعم الاقتصاد السوري ترأسها ألمانيا. ورفض المؤتمر تسليح الجيش السوري الحر.

ثالث نسخة من مؤتمر "أصدقاء الشعب السوري"، احتضنتها العاصمة الفرنسية باريس، يوم 6 يوليو/تموز 2012 بمشاركة نحو 100 دولة، بينها الولايات المتحدة ومعظم الدول الأوروبية وعدد من الدول العربية، إضافة إلى ما يزيد عن مئة عضو من المعارضة والمجتمع المدني السوري، وكان أكثر جرأة من سابقيّه لجهة القرارات، إذ دعا إلى رحيل نظام الرئيس بشار الأسد، وإلى قرار ملزم بشأن سورية تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، إضافة إلى تقديم الدعم، وبشكل فاعل للمعارضة السورية، التي طالبت للمرة الأولى، باتخاذ قرار بإقامة ممرات آمنة ومناطق حظر جوي.

ثم تغيرت النبرة خلال مؤتمر لندن في 22 أكتوبر/تشرين الأول 2013، بالتزامن مع بدء طرح "الحل السياسي". ورحبت مجموعة أصدقاء سورية، بالاجماع، بالتحضير لعقد مؤتمر "جنيف2"، وبالاتفاق الذي توصل إليه مجلس الأمن حول الحاجة الملحة لانتقال سياسي في سورية، على ألا يشارك الأسد بأي دور في الحكومة الانتقالية.

طبعاً، لم يفت اجتماع لندن إبداء الدعم للائتلاف السوري، والوعد بتقديم مساعدات للاجئين، وإعراب عن قلق لما آل إليه الوضع الإنساني والتطرق علانية للخشية من "المجموعات المتطرفة".

وتتالت المؤتمرات في مراكش المغربية، ومن ثم في روما حيث أعلنت واشنطن تقديم دعم مالي للائتلاف بـ60 مليون دولار، ومساعدات مباشرة للمرة الاولى الى مقاتليه تستثني الاسلحة. ووعد وزراء خارجية 11 دولة شاركت في مؤتمر "اصدقاء الشعب السوري" في روما، وبينها الولايات المتحدة وفرنسا ودول اوروبية اخرى، بتقديم المزيد من الدعم السياسي والمادي الى الائتلاف، "الممثل الوحيد والشرعي للشعب السوري"، مع التشديد على ضرورة تغيير موازين القوى على الارض. وتمت الإشارة إلى استمرار روسيا بتسليح النظام، مع ذلك ظلّ الإصرار على عدم تسليح المعارضة السورية بأسلحة نوعية، قبل أن تلمّح الولايات المتحدة بتسليح المعارضة بأسلحة "نوعية" ومضادات طيران ودروع، وهو ما لم يتحقق خلال زيارة رئيس الائتلاف أحمد الجربا إلى واشنطن.

إذاً، ما الجديد في مؤتمر لندن اليوم، بعد فشل "الحل السياسي" واستمرار دعم "أصدقاء النظام السوري" بالمال والسلاح والمقاتلين، وترشح بشار الأسد لولاية وراثية ثالثة؟

المساهمون