نزحت مئات الأسر من قرى منطقة الحيمة، شمال محافظة تعز اليمنية، بسبب القصف العشوائي والحصار المشدد الذي فرضته جماعة أنصار الله "الحوثيين"، منذ أيام، على المنطقة التي نزح منها نحو أربعمائة أسرة إلى مناطق متفرقة، ليعيش أغلبهم في ظروف بالغة الصعوبة، في ظل عدم توفر الغذاء والمأوى.
ويصف النازح عبدالله غانم، الوضع في المنطقة بـ"الكارثي"، مشيراً إلى أن العائلات تهرب من منازلها سرا، مخلّفة وراءها كل ما تملك "منهم من خرج سيراً على الأقدام، ومنهم من نقلتهم سيارات بعد وصولهم إلى الطريق البعيد عن القرية".
ويضيف لـ"العربي الجديد": "هناك قناصة يستهدفون المواطنين على الطريق، ويمنعون دخول المواد الغذائية والمشتقات النفطية التي يستخدمها الأهالي في رفع المياه من الآبار للشرب وري الأراضي الزراعية".
وحول خروجه مع أفراد أسرته رغم الحصار، يقول غانم: "خرجت بأفراد أسرتي ليلاً. تحركنا عبر طرق جبلية وعرة لمدة ثلاث ساعات حتى وصلنا إلى الخط الآمن، وبعدها انتقلنا إلى مدينة القاعدة التي تبعد عن تعز حوالي 20 كيلومترا وتتبع إداريا محافظة إب".
ويعيش أغلب النازحين مع أطفالهم في العراء، وآخرون في خيام عشوائية في القرى المجاورة، في ظل عجز المنظمات الإنسانية عن إيصال المساعدات لهم. ويؤكد النازح عبد الباسط التعزي، لـ"العربي الجديد"، أن نساء وأطفالا ورجالا كبارا في السن بين النازحين يعانون من أمراض القلب والكلى، وأنهم يأملون العودة إلى قراهم، رغم أن بعضها باتت شبه مدمرة. "أسكن حاليا عند أحد أقاربي في مدينة القاعدة التابعة لمحافظة إب، بعد أن غادرت منزلي مع أسرتي إضافة إلى كثير من الأسر النازحة".
ويضيف أن بعض الأسر النازحة "تسكن في محلات ودكاكين، لعدم القدرة على دفع إيجار شقق سكنية، وانعدام مخيمات النازحين. نعيش في وضع إنساني صعب، فالأطفال بحاجة إلى حليب، وهناك مرضى يحتاجون إلى الأدوية، ولا نملك المال لشراء هذه المستلزمات الضرورية، بعد أن تركنا كل ما نملك في منازلنا".
وأكد التعزي أن النازحين لم يحصلوا على أي مساعدات، فالمنظمات الإنسانية لم تصل إلى المنطقة، مناشدا المنظمات والجمعيات سرعة تقديم الدعم، للتخفيف من معاناتهم.
ووصف الناشط الحقوقي وضاح العلواني، الوضع في المنطقة بالصعب، فالمنافذ والطرق الرسمية مغلقة بنقاط أمنية تابعة للحوثيين، ما جعل النازحين يهربون عبر الجبال إلى القرى والمناطق البعيدة. يقول لـ"العربي الجديد"، إن "أكثر من 300 أسرة نزحت خلال الأيام الماضية من قرى دار الجلال والأكمة السلفى وشقب، ومازال النزوح مستمرا. الأهالي نزحوا وسط ظروف معيشية صعبة، وافتقاد بعضهم أبسط مقومات الحياة".
ويضيف: "بعض النازحين خرجوا من منازلهم بملابسهم فقط وتركوا كل شيء، حيواناتهم وأموالهم ومدخراتهم، وهم اليوم يعيشون ظروفا صعبة للغاية".
وعن من تبقّى من الأهالي، حذّر العلواني من استمرار المواجهات التي ستتسبب في أضرار بالغة تهدد حياة كثير من المدنيين الذين أُجبروا على البقاء. "هم لا يعرفون أين يذهبون، ولا يوجد مكان ينزحون إليه".
وحسب تقرير للأمم المتحدة، لا تزال الاحتياجات في جميع أنحاء اليمن هائلة، بعدما ارتفع عدد من يحتاجون إلى نوع أو أكثر من المساعدة الإنسانية أو الحماية، من 20 مليون نسمة في أغسطس/آب الماضي، إلى 22.2 مليون شخص، ويتضمن الرقم 11.3 مليون شخص في حاجة ماسة للمساعدات، وينبغي تركيز الإغاثة عليهم.