نزهة ضائعة

03 ابريل 2015
فكّر أن يذهب إلى شاطئ البحر (Getty)
+ الخط -

يتحمّس فجأة لنزهة. يرغب في مغادرة المنزل الذي مر على بقائه فيه أكثر من عشرين ساعة متواصلة. الجو صحو ويشجع على التريّض. فرصة لن يضيعها، وخاصة أننا في أوائل أبريل/ نيسان.
الحرارة في البلد الذي يعيش فيه حارقة في الصيف، والأسوأ منها نسبة الرطوبة التي لا تترك للرئة فرصة لتبادل الأوكسجين وثاني أكسيد الكربون، ولا تترك للروح فرصة للهرب من الحوائط المغلقة والنسيم المصطنع الذي يصدره مرطب الهواء.
درجة الحرارة ثلاثين، ولا أثر للرطوبة تقريباً. جو مثالي بالفعل للسير في مكان مفتوح، فرصة ربما لا تتاح إلا بعد شهور.

فكّر أن يذهب إلى شاطئ البحر ليستمتع بالتريض قريباً من الماء، ويحظى في الوقت ذاته ببعض اليود الذي يطلقه ماء البحر في الهواء.
قرّر ارتداء ملابس رياضية، ثم تذكّر ضرورة البحث عن "مضاد الشمس"، بحسب توصية الطبيب. فات على آخر مرة استخدمه عدة شهور، يقال عنها فصل الشتاء. لكنها أيام لطيفة تحتاج فقط اصطحاب معطف في السيارة لاتّقاء لسعة برد قد يصادفها ليلاً. بحث قليلاً فلم يجده. لم يجهد نفسه طويلاً بالبحث، فهو حريص على النزهة. قرر الاستغناء عن واقي الشمس. ترك هاتفه وكمبيوتر محمول وكمبيوتر لوحي، ثلاثتها لا تفارقه تقريباً، لكنه هذه المرة سيتجاهلها. إنها أجهزة تحوّل سجيناً لها.

قبل أن يبدأ ارتداء ملابسه، بحث عن مفتاح سيارته. آخر مرة ركب السيارة كانت قبل أسبوع. لم يجد المفتاح، لكن ذلك لم يثنه عن قرار النزهة. قرّر أن يمشي إلى حيث يريد أن يتنزه، وأن يعتبر ذلك جزءاً من نزهته وتريّضه.
أخرج ملابس الرياضة، كانت شتوية ولا تصلح للطقس الذي كان سبباً رئيساً في دفعه للتريّض. تذكّر أن ملابس الرياضة الصيفية في حقيبة جمع فيها ملابس لا يرتديها في الشتاء. أحضر الحقيبة وأخرج منها ملابس زاهية يحبها، هو حريص على الاستمتاع بنزهته قدر المستطاع.

ارتدى ملابسه أخيراً، وهمّ بالخروج مصطحباً مفتاح المنزل وبعض المال فقط.
فجأة صدح صوت هاتفه. إنها النغمة التي خصّصها للعمل. تثاقل في التقاط الهاتف. فكّر ألا يلتقطه وأن يخرج. أوهم نفسه للحظة أنه إن لم يعرف الغرض من الاتصال، فإنه لن يتحمل وزر ما قد يترتب على عدم إجابته.
كاد أن يقرر ألا يجيب، ثم استعاد بعضاً من تعقّله والتقط الهاتف، وكله عزم على ألا يفسد الاتصال نزهته، وألا يستسلم لطلبات المتصل مهما كانت.
أجاب: "نعم"، فعاجله صوت يعرفه جيداً: "نريدك في المكتب. الأمر عاجل".
حمل حقيبة الكمبيوتر وخرج مسرعاً والهاتف بيده دون أن يدرك أنه يرتدي ملابسه الرياضية. استوقف أول سيارة تاكسي وأعطاها عنوان العمل.
دلالات
المساهمون