قبل أربع سنوات، عاد الطبيب الفلسطيني المهاجر نزار حجة إلى فلسطين، بغرض إنساني بحت، من أجل إنقاذ حياة عشرات الأطفال الذين عجز الأطباء المحليين عن علاجها، ومنحهم فرصة البقاء بعد أن فقدوا الأمل.
هاجر حجة إلى ألمانيا قبل 25 عاما، ودرس فيها البكالوريوس والماجستير والدكتوراه في جراحة القلب، للصغار والكبار. وعندما زار فلسطين في أواخر عام 2012، تبرع بإجراء عمليات جراحية مدة عشرة أيام في مستشفى جمعية المقاصد الخيرية في مدينة القدس المحتلة، وعاد بعدها إلى ألمانيا وقرر العودة إلى وطنه فلسطين لمساعدة المرضى فيها.
يوضح حجة المولود عام 1967 في بلدة دورا غربي مدينة الخليل بجنوب الضفة الغربية المحتلة، أنه بعد عودته من زيارة فلسطين إلى ألمانيا، راجع نفسه كثيرا، وشعر أن بلده بحاجة إليه، لذا قرر العودة إليه ومساعدة الناس وإنقاذ حياتهم منذ بداية عام 2013.
وخلال أربع سنوات من العمل في مركز جراحة قلب الأطفال بمستشفى المقاصد بالقدس المحتلة، تمكن حجة والطاقم الطبي العامل معه، من إجراء ألف عملية جراحة قلب للأطفال، ما جعل الطبيب يشعر أن لعودته إلى فلسطين ثمنا كبيرا لدى المرضى الذين يحتاجونه.
أنقذ هذا الطبيب حياة عشرة أطفال ميئوس منها، كانت المراكز الطبية الفلسطينية، وحتى الإسرائيلية والتي تعتبر متقدمة، أبلغتهم أن الطب لا يمكن أن ينقذ حياتهم، وأعادتهم إلى منازلهم لانتظار الموت، لكنه تمكن من إعادة الأمل إلى قلوبهم وإبقائهم على قيد الحياة بمساعدة تقنية "إيكمو"، وهي عبارة عن قلب ورئة صناعيين مؤقتين.
الأطفال العشرة خلال السنوات الأربع عادوا إلى الحياة بفضل عودة حجة الطبيب الوحيد المتمرس بجراحة القلب في فلسطين، والتقنية التي أدخلها لمركز جراحة قلب الأطفال بمستشفى المقاصد، وهي عبارة عن قلب ورئة صناعيين يستخدمان ما بين أربعة أيام وأسبوعين لتنشيط القلب أو الرئة وإعادة ضخ الدم لهما، مع تدخل العلاج، والجراحة وغيرهما لإنقاذ حياة الأطفال.
هذا المركز بات بحسب الطبيب حجة 90 في المائة موضع إعجاب وتقدير من مراكز طبية في أوروبا، نظرا للجودة والعمل والتقنية المستخدمة فيه إلى جانب كفاءة الأطباء، ما يجعل فلسطين دولة متقدمة في هذا المجال.
وينصح الطبيب كافة الأطباء الفلسطينيين الذين يفكرون بالهجرة، والمهاجرين منهم أن يبتعدوا عن اليأس من الظروف، "ففلسطين التي تعاني من أقدم احتلال في التاريخ، وتعيش ظروفا اقتصادية صعبة، متقدمة طبيا مقارنة مع العديد من الدول المجاورة وحتى الأوروبية".
ويغطي مركز جراحة القلب في مستشفى المقاصد بمدينة القدس المحتلة، احتياجات المرضى في فلسطين من الضفة الغربية المحتلة، والأراضي المحتلة عام 1948، وكذلك 65 في المائة من المرضى من قطاع غزة، إضافة إلى أنه قدم علاجا لمرضى من الأردن ومصر والسعودية والكويت والإمارات، ما جعله إنجازا تاريخيا لفلسطين، ووضعها في مكانة متقدمة تضاهي أوروبا وحتى مستشفيات الاحتلال.