يستغرب العامل توفيق بنعبد القادر، عندما تسأله حول ما إذا كان يتوفر على عقد عمل مع صاحب المحل التجاري الذي يعمل لديه في سوق القريعة الشهير في المغرب. جوابه قاطع: "هنا لا عقود ولا تغطية اجتماعية تتيح الحق في التعويضات العائلية والتقاعد".
بنعبد القادر الأربعيني، الذي قضى 22 عاما عاملا في المحل التجاري بالسوق المتخصص بالدار البيضاء في الملابس المحلية والمستوردة من تركيا والصين، يؤكد لـ"العربي الجديد" أن السواد الأعظم من العمال الذين يقدرون بالمئات في السوق، يعملون من دون عقود عمل.
وغير بعيد عن المحل الذي يعمل فيه بنعبد القادر، يعرض الستيني بوجمعة الحمري، البائع الجائل، ملابس مقلدة، ويؤكد لـ"العربي الجديد"، أنه يعيل أسرته بما يجنيه من ذلك النشاط، فقد عمل في شبابه في مجال البناء، ثم نادلا في أحد المقاهي، الذي غادره قبل عشرة أعوام بعدما أدرك أن رب العمل يرفض إضفاء طابع قانوني على عمله.
نادرا ما تعثر على عامل زراعي يتوفر على عقد عمل. هذا ما يقوله العامل عبد الله أيت أزناك، لـ"العربي الجديد"، والذي يوضح أن العمل في ذلك القطاع يتم في غالب الأحيان بدون عقود، بالنظر للطابع الموسمي الذي يميز النشاط، مؤكدا أن النساء هن الأكثر عرضة للحرمان من العقود، بل إنهن يتعرضن للتمييز على مستوى الأجور مقارنة بالعمال من الرجال.
وخلص تقرير صادر عن المندوبية السامية للتخطيط (حكومية)، إلى وجود أكثر من 59 في المائة من العمال ليست لديهم عقود عمل.
وحسب التقرير، لا يحصل 79.7 في المائة من العاملين في الأرياف على عقود عمل، مقابل 52.1 في المائة في المدن، وتنتقل تلك الحصة إلى 48.8 في المائة بين النساء و62.1 في المائة بين الرجال.
ويتجلى أن الشباب البالغين أقل من خمسة وعشرين عاما هم الأكثر عرضة للعمل بدون عقود عمل، التي لا تشمل سوى 21.2 في المائة فقط منهم، بينما ترتفع تلك النسبة إلى 45.7 في المائة بين البالغين 45 عاما وأكثر.
ويعتبر رجال أعمال تليين تشريع التشغيل سيتيح توفير فرص عمل أكثر في ظل اقتصاد لا يتيح سوى 40 ألف فرصة عمل سنويا، بينما يصل إلى سوق الشغل 400 ألف طالب عمل في العام.
وراهنت حكومة سعد الدين العثماني، على إحداث 300 ألف فرصة عمل في العام بين 2018 و2021، وهو برنامج يعتبر طموحا بالنظر إلى مستوى فرص العمل التي يحدثها الاقتصاد، بسبب هشاشة النمو الاقتصادي.
ودأب رجال الأعمال الذين سيختارون في يناير/كانون الثاني المقبل، رئيسا جديدا للاتحاد العام لمقاولات المغرب، على الدعوة إلى إعادة النظر في قانون العمل من أجل إضفاء مرونة أكثر على شروط العمل.
ويتصور خبراء أن المرونة في سوق الشغل التي ينادي بها الاتحاد العام لمقاولات المغرب المدافع عن مصالح رجال الأعمال، قد تساهم في التقليص من إبرام عقود بين العمال والمشغلين.
ويعتبر الاقتصادي رضوان طويل، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن دفاع رجال الأعمال عن المرونة التي يرونها مدخلا لمعالجة مشكل التنافسية والنمو الاقتصادي، ليس من شأنها أن تساعد على تحفيز النشاط والابتكار.
اقــرأ أيضاً
ويوضح أن هذا الوضع من شأنه تقليص حماية الشغل في المغرب، ويفضي إلى شيوع الأجور الضعيفة، بما له من تأثير سلبي على الإنتاجية، وبالتالي صعوبة الخروج من النمو الهش.
ويعتبر الرئيس السابق للجامعة الوطنية للفلاحة، محمد الهاكش، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن غياب العقود يؤشر عليه عدد الأجراء المصرح بهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، حيث تعدّى بالكاد الثلاثة ملايين، بينما يناهز عدد النشيطين 11 مليون عامل.
ويشير إلى أن القطاع الزراعي من بين أكثر القطاعات التي يغيب فيها التعاقد بين أرباب العمل والعمال، حيث يسود العمل غير المؤدى عنه والشغل الناقص، وهو ما يؤججه الطابع الموسمي.
ويؤكد المسؤول عن ورش للبناء، إبراهيم أيت الحاج، لـ"العربي الجديد"، أن قطاع البناء والأشغال العمومية، من بين أكثر القطاعات التي لا تؤطر فيها العقود علاقات التشغيل، خاصة في عدم تنظيم جزء من هذا القطاع، الذي يحضر فيه البعد غير الرسمي بقوة.
ورغم الوزن الغالب للتجارة والخدمات حاليا في الاقتصاد المغربي، إلا أن الطابع التقليدي لجزء من ذلك النشاط وسيادة العديد من الأسواق غير المنظمة، يفضي إلى عدم الاهتمام بشكل كاف بالتعاقدات.
ويسود غياب عقود العمل في ظل انتعاش القطاع غير الرسمي في الاقتصاد، الذي يمثل حوالي 20 في المائة من الناتج الإجمالي غير الزراعي، حسب دراسة أنجزها الاتحاد العام لمقاولات المغرب.
وتفيد الدراسة التي أنجزها مكتب دراسات دولي، لفائدة الاتحاد العام لمقاولات المغرب، بأن حجم القطاع غير الرسمي بالمغرب يمثل حوالي 17 مليار دولار، من بينها إيرادات ضريبية لا تحول لخزانة الدولة.
بنعبد القادر الأربعيني، الذي قضى 22 عاما عاملا في المحل التجاري بالسوق المتخصص بالدار البيضاء في الملابس المحلية والمستوردة من تركيا والصين، يؤكد لـ"العربي الجديد" أن السواد الأعظم من العمال الذين يقدرون بالمئات في السوق، يعملون من دون عقود عمل.
وغير بعيد عن المحل الذي يعمل فيه بنعبد القادر، يعرض الستيني بوجمعة الحمري، البائع الجائل، ملابس مقلدة، ويؤكد لـ"العربي الجديد"، أنه يعيل أسرته بما يجنيه من ذلك النشاط، فقد عمل في شبابه في مجال البناء، ثم نادلا في أحد المقاهي، الذي غادره قبل عشرة أعوام بعدما أدرك أن رب العمل يرفض إضفاء طابع قانوني على عمله.
نادرا ما تعثر على عامل زراعي يتوفر على عقد عمل. هذا ما يقوله العامل عبد الله أيت أزناك، لـ"العربي الجديد"، والذي يوضح أن العمل في ذلك القطاع يتم في غالب الأحيان بدون عقود، بالنظر للطابع الموسمي الذي يميز النشاط، مؤكدا أن النساء هن الأكثر عرضة للحرمان من العقود، بل إنهن يتعرضن للتمييز على مستوى الأجور مقارنة بالعمال من الرجال.
وخلص تقرير صادر عن المندوبية السامية للتخطيط (حكومية)، إلى وجود أكثر من 59 في المائة من العمال ليست لديهم عقود عمل.
وحسب التقرير، لا يحصل 79.7 في المائة من العاملين في الأرياف على عقود عمل، مقابل 52.1 في المائة في المدن، وتنتقل تلك الحصة إلى 48.8 في المائة بين النساء و62.1 في المائة بين الرجال.
ويتجلى أن الشباب البالغين أقل من خمسة وعشرين عاما هم الأكثر عرضة للعمل بدون عقود عمل، التي لا تشمل سوى 21.2 في المائة فقط منهم، بينما ترتفع تلك النسبة إلى 45.7 في المائة بين البالغين 45 عاما وأكثر.
ويعتبر رجال أعمال تليين تشريع التشغيل سيتيح توفير فرص عمل أكثر في ظل اقتصاد لا يتيح سوى 40 ألف فرصة عمل سنويا، بينما يصل إلى سوق الشغل 400 ألف طالب عمل في العام.
وراهنت حكومة سعد الدين العثماني، على إحداث 300 ألف فرصة عمل في العام بين 2018 و2021، وهو برنامج يعتبر طموحا بالنظر إلى مستوى فرص العمل التي يحدثها الاقتصاد، بسبب هشاشة النمو الاقتصادي.
ودأب رجال الأعمال الذين سيختارون في يناير/كانون الثاني المقبل، رئيسا جديدا للاتحاد العام لمقاولات المغرب، على الدعوة إلى إعادة النظر في قانون العمل من أجل إضفاء مرونة أكثر على شروط العمل.
ويتصور خبراء أن المرونة في سوق الشغل التي ينادي بها الاتحاد العام لمقاولات المغرب المدافع عن مصالح رجال الأعمال، قد تساهم في التقليص من إبرام عقود بين العمال والمشغلين.
ويعتبر الاقتصادي رضوان طويل، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن دفاع رجال الأعمال عن المرونة التي يرونها مدخلا لمعالجة مشكل التنافسية والنمو الاقتصادي، ليس من شأنها أن تساعد على تحفيز النشاط والابتكار.
ويوضح أن هذا الوضع من شأنه تقليص حماية الشغل في المغرب، ويفضي إلى شيوع الأجور الضعيفة، بما له من تأثير سلبي على الإنتاجية، وبالتالي صعوبة الخروج من النمو الهش.
ويشير إلى أن القطاع الزراعي من بين أكثر القطاعات التي يغيب فيها التعاقد بين أرباب العمل والعمال، حيث يسود العمل غير المؤدى عنه والشغل الناقص، وهو ما يؤججه الطابع الموسمي.
ويؤكد المسؤول عن ورش للبناء، إبراهيم أيت الحاج، لـ"العربي الجديد"، أن قطاع البناء والأشغال العمومية، من بين أكثر القطاعات التي لا تؤطر فيها العقود علاقات التشغيل، خاصة في عدم تنظيم جزء من هذا القطاع، الذي يحضر فيه البعد غير الرسمي بقوة.
ورغم الوزن الغالب للتجارة والخدمات حاليا في الاقتصاد المغربي، إلا أن الطابع التقليدي لجزء من ذلك النشاط وسيادة العديد من الأسواق غير المنظمة، يفضي إلى عدم الاهتمام بشكل كاف بالتعاقدات.
ويسود غياب عقود العمل في ظل انتعاش القطاع غير الرسمي في الاقتصاد، الذي يمثل حوالي 20 في المائة من الناتج الإجمالي غير الزراعي، حسب دراسة أنجزها الاتحاد العام لمقاولات المغرب.
وتفيد الدراسة التي أنجزها مكتب دراسات دولي، لفائدة الاتحاد العام لمقاولات المغرب، بأن حجم القطاع غير الرسمي بالمغرب يمثل حوالي 17 مليار دولار، من بينها إيرادات ضريبية لا تحول لخزانة الدولة.