نحو هاوية مؤجلة

02 يونيو 2015
+ الخط -
لست مقتنعاً بأن مصر ستحقق نهضة في عهد عبد الفتاح السيسي، الأوضاع واضحة للجميع.. هذا ما قاله الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، لصحيفة محلية، عند سؤاله عن مصر وحالها في هذه الأيام، ليصبح أردغان بهذه التصريحات رقماً جديداً في قائمة تطول من المتنبئين بخراب وشيك.

سبق تصريحات رجل تركيا الحديدي إصدار أكثر أهمية، وأكبر من حيث عدد المنادين فيه بتصويب الوضع المصري، فقد أقدم مئات من الشخصيات المصرية والعربية والعالمية على تقديم رسالة مشتركة، كما يقول الخبر، للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ومختلف الدول الديموقراطية، تستنكر فيها "سلسلة الإنتكاسات" التي تقوم بها السلطات الانقلابية هناك، وفي مقدمتها نية إعدام الرئيس الشرعي، محمد مرسي. وكان لافتاً وجود أسماء كبيرة، مثل نعوم تشومسكي ونورمان فينكليشتاين وياسين أقتاي، بالإضافة إلى حقوقيين وأكاديميين كثيرين مرموقين.

حالة العزلة التي تصيب سلطة اﻻنقلاب كانت تقدمتها السعودية، عقب تولي الملك سلمان مقاليد الحكم، والتي يعزى سببها لعاملين، أولهما ملف الإخوان المسلمين في مصر ورؤية المملكة الواقعية بضرورة احتوائهم وإعادتهم للمشهد السياسي، ورفض قائد الانقلاب هذا الطرح. وثاني العوامل يرجع، بلا شك، إلى الملف السوري، وما طرأ من تقارب بين "دولة العسكر" ونظام بشار الأسد، وهو ما ترجم لاحقاً بتلكؤ الجانب المصري بمساعدة السعوديين في الحرب على الحوثيين في اليمن، ورد المملكة بتقليص المساعدات اﻻقتصادية لمصر، والسماح لأدواتها الإعلامية هناك بفك عقد الشراكة الحميمية بينهم وبين المشير السيسي.

يبدو المشهد الداخلي أكثر مأساوية ودموية، فملف سيناء الأمني والجماعات المسلحة وأزمة الطاقة والتدهور في قطاع السياحة وانخفاض الناتج الإجمالي القومي، وانحدار دخل الفرد، والبطالة وأزمة رغيف العيش وأسطوانات الغاز، كل هذا وأكثر يجعل الرئيس الموجود على "ظهر السلطة" هائماً، ﻻ يجيد سوى الهروب إلى الأمام.

ولكن السؤال الذي يلح اﻵن، هل تكفي تلك الأسباب "على عظمها" أن تطيح رجل العسكر في وقت قياسي، هل يمكن أن تحدث ثورة ثانية على هؤﻻء، تعيد مسار الدولة إلى الصواب؟
سيكون من الخطأ بمكان أن نتعجل بالإجابة على تلك اﻻستفهامات، من دون ذكر المعوقات الكثيرة التي ستقف حائلاً دون الوصول إلى ما قبل 30 يوليو. 

لعل صمت الوﻻيات المتحدة ممثلة بإدارة أوباما أحد أهم العوامل التي تثنينا عن التفاؤل بقرب زوال السيسي ورفاقه، ذلك أن صمتها يعني موافقة ضمنية على ما يحدث، وإن لم تكن موافقة، فهذا يعني جزما عدم اﻻعتراض، ولن تختلف النتيجة كثيراً إذا ارجعنا موقف أميركا إلى انشغالها بملفات معقدة، كالملف النووي الإيراني، والقضيتين، العراقية والسورية، وصعود تنظيم الدولة الإسلامية والمسألة اليمنية، أو رجحنا قصدية اللامبالاة، لتكريس حالة الانقسام في السياسة الرسمية العربية. 

ﻻ ينعقد ثالوث الصعوبات في تعجيل انهيار اﻻنقلاب وأزلامه، من دون ذكر الدولة العميقة، والحرس القديم وعودة البيروقراطيين من عهد حسني مبارك إلى مفاصل الدولة الحيوية في الشرطة والتعليم والصحة والقضاء، والإمساك من جديد بزمام الأمور، فهم على دراية تامة بكيفية إدارة الأزمات الداخلية والخارجية منها، والتعامل معها بمكر الثعالب. 

في ظل هذه المعطيات المتضادة، يبدو أن الحديث عن مصير السيسي ونظامه معقد، وﻻ يمكننا التكهن بنتائجه، وبيدو أن حجر الزاوية في بقاء النظام أو انهياره قريباً سيكون متعلقا بحياة الرئيس محمد مرسي ومرشد جماعة الإخوان المسلمين، محمد بديع، فهل "ينكش" السيسي عش الدبابير بإعدام الرجلين؟ أظنه لن يفعل.
avata
avata
أشرف ريحان (الأردن)
أشرف ريحان (الأردن)