إذ تبيّن دراسات أن أجزاء صغيرة من الألياف البلاستيكية تنفصل في الغسالات عن الملابس المصنوعة من النايلون والبوليستر والأكريليك، ومن هناك تدخل في سلسلتنا الغذائية، إذ تشق طريقها مع ماء الغسيل إلى المحيطات، حيث تأكلها الأسماك والمخلوقات البحرية، والتي يمكن أن ينتهي بها المطاف على طاولات طعامنا، وفقًا لموقع "ديلي ميل".
وأشار الأمير البريطاني هاري إلى هذه المشكلة، أمس، أثناء زيارته مع زوجته ميغان لشاطئ ساوث ميلبورن مؤخراً، حيث التقى بطلاب مدارس ابتدائية، كانوا ينظفون السواحل المحلية من القمامة، وقال: "تعتبر الجزيئات البلاستيكية الصغيرة مشكلة حقيقية، خاصة تلك التي تنفصل عن الملابس، هل تعلمون أنها واحدة من أكبر مسببات تلوث المياه؟".
وحذّرت منظمة "غرينبيس"، في تقرير أصدرته عام 2017، من الملابس المصنعة من البولستر، وقالت: "تضاعف الاستهلاك العالمي للألياف الصناعية بشكل كارثي، إذ زاد استخدام البوليستر في صناعة الملابس، من 8.3 ملايين طن إلى 21.3 مليون طن سنويًا، بين عامي 2000 و2016".
ولا يعتبر البلاستيك مشكلة بيئية كبيرة فقط لأنه يتكدّس على شكل أكوام في المحيطات والبحار، بل لأنه غير قابل للتحلل، وبدلًا من ذلك يجد طريقه إلى السلسلة الغذائية، على شكل قطع قطرها أصغر من 5 ميليمتر. وخلصت مؤسسة "إلين ماك آرثر" لمكافحة النفايات، العام الماضي، إلى أن الوضع سيئ لدرجة أننا بتنا "نأكل ملابسنا".
وأشارت المؤسسة إلى أن حوالي نصف مليون طن من الدقائق البلاستيكية المنفصلة عن الملابس، تلوث محيطاتنا كل عام، وهذا يعادل وزن أكثر من 50 مليار زجاجة بلاستيكية، ويمكن أن يكبر هذا الرقم إلى 0.7 مليون طن بحلول عام 2050، وهو ما يشبه إلقاء 4 مليارات قميص من البوليستر في المياه.
ووجد الباحثون أن كل 13 رطلًا من حمولة الغسيل في المملكة المتحدة، يمكن أن تنتج 140 ألف ليف منفصل من مزيج القطن والبوليستر، ونصف مليون من ألياف البوليستر، وأكثر من 700 ألف من ألياف الأكريليك، وفقًا لدراسة مخبرية حديثة، اعتمدت على ملء غسالة ملابس يوميًا بأحمال مختلفة من 3 أقمشة صناعية، وجمع الألياف المنفصلة مع ماء الغسيل من منخل صغير مرتبط بخرطوم الصرف.
وتنتقل هذه الألياف البلاستيكية الصغيرة للغاية، إلى محطات المعالجة مع مياه الصرف الصحي المنزلية، ولعل أكثر ما يثير القلق هو عدم إمكانية ترشيحها كلها أثناء معالجة المياه، بسبب صغر حجم بعضها، كما يمكن أن تنتقل الجزيئات المرشحة إلى البيئة من خلال السماد المصنوع من مخلفات المجاري، إذ ينتهي بها المطاف في الجداول ثم في المحيطات، بعد سقوط الأمطار على الحقول المزروعة.
ولم يجد الباحثون بعد، ولحسن الحظ، أي دليل يشير إلى أن استهلاك المخلوقات البحرية للجزيئات البلاستيكية، يمثل خطورة على صحة الإنسان، إلا أن الأبحاث حول هذا الموضوع ما تزال في مراحلها المبكرة، لذا يسعى العديد من الناشطين البيئيين إلى إحداث ثورة في عالم صناعة الملابس، بإزالة البلاستيك منها نهائيًا، واستبداله بألياف صديقة للبيئة، على أمل أن نتوقف عن "التهام ملابسنا" بملء المحيطات بالبلاستيك.