نجاد خارج السباق الرئاسي الإيراني... بتوصية من خامنئي

27 سبتمبر 2016
دعم ولايتي سيصعب الأمور على روحاني (عطا كيناري/فرانس برس)
+ الخط -
اعتبر بعضهم، في الداخل الإيراني، أن تصريحات المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، علي خامنئي، أمس الإثنين، والمتعلقة بجلسة عقدها والرئيس المحافظ السابق، محمود أحمدي نجاد، تعني أن هذا الأخير بات خارج معادلة التنافس للاستحقاق الرئاسي الآتي والذي سيجري في مايو/أيار المقبل، وذلك بعد أن دار حديث عن استعداده، مدعوماً بمواليه من السياسيين، لخوض السباق ليكون المنافس الأقوى أمام الرئيس الحالي حسن روحاني.
وبعد تبادل مواقع إيرانية، خلال الفترة الوجيزة الماضية، خبراً مفاده أن أحمدي نجاد قد اجتمع والمرشد ليأخذ رأيه بموضوع إمكانية ترشحه للانتخابات المقبلة، أفادت المواقع ذاتها أن خامنئي لم ير الأمر مناسباً خلال الوقت الراهن. واستخدمت بعضها مصطلحات أثارت انتقادات المرشد نفسه، من قبيل أنه منع نجاد من الترشح.

تصريحات خامنئي جاءت تعليقاً على تعاطي وسائل الإعلام المحلية وحتى الأجنبية مع الخبر. وقال، من دون أن يذكر اسم نجاد ولو مرة واحدة، إنه قدم نصيحة واستشارة للرجل ولم يمنعه من خوض الاستحقاق، مبرراً الأمر بأنه لن يكون لصالح البلاد خلال هذه المرحلة. وشدد خامنئي على أن التنافس السياسي في إيران بات يأخذ شكل قطبين، معتبراً أنه أمر سلبي، وهو ما سترتفع وتيرته في حال تقدم هذا الرجل -أي نجاد- للانتخابات. ورأى أنه من الضروري تقليص المسافات وإنهاء الانقسام وتحقيق الانسجام الداخلي لا تشديده. 


أحمدي نجاد الذي خسر بالفعل شريحة كبيرة من مواليه في الشارع، ولا سيما خلال دورته الرئاسية الثانية، سيحرق نفسه إذا ما قرر التوجه لتسجيل اسمه في وزارة الداخلية الإيرانية حين تفتح بابها للترشح، كما سيخسر الجمهور الذي ما زال يؤيده إذا قرر عدم الاستماع لنصيحة المرشد. أما جمهور الطرف المقابل، فهو غير معني بالأساس بترشحه من عدمه. وما زال كثر يتذكرون امتناع الرئيس السابق عن المشاركة في الاجتماعات الحكومية لأحد عشر يوماً، بعد أن وافق على استقالة وزير الاستخبارات في حكومته، حيدر مصلحي، ولم يقبلها المرشد الذي أعاده بدوره إلى منصبه. ولم يقرأ ابتعاد نجاد عن مكتبه إلا كاحتجاج على قرار المرشد، وهو ما فتح النار عليه في حينه.

رجل الدين والسياسي المحافظ، غلام رضا مصباحي مقدم، وهو المتحدث باسم حزب جمعية رجال الدين، علق على ما جرى أخيراً، لموقع "خبر أونلاين" الإيراني، معتبراً أنه إذا لم يخضع أحمدي نجاد لتوصيات المرشد فهذا سيفقده كل مؤيديه، متوقعاً في الوقت ذاته أن يلتزم الرجل بالنصيحة. من ناحيته، اعتبر النائب المحافظ في البرلمان الإيراني، محسن كوهكن أن تصريحات المرشد حسمت الأمور، وأن أحمدي نجاد لن يخوض السباق، قائلاً إن الأخير يؤكد تبعيته لولاية الفقيه وسيثبت الأمر. وذكر كوهكن أنه لدى المحافظين في الوقت الراهن قضايا أهم ترتبط باختيار شخصية ستمثلهم في الانتخابات. النائب السابق لرئيس مجلس الشورى الإسلامي والأمين العام للجمعية الإسلامية للمهندسين، محمد رضا باهنر تحدث عن كواليس هذا الاجتماع الثنائي، حتى قبل صدور تصريحات المرشد. وقال إن نجاد منع من الترشح لأسباب عديدة، مشيراً هو الآخر إلى أن المحافظين يبحثون حالياً عن مرشحين محبوبين ومناسبين ومعقولين.

أما عن الأسباب، فالجمهور المحافظ يتحدث اليوم عن محاولة تحقيق تقارب على الساحة السياسية الإيرانية التي اتسع شرخها كثيراً بين المحافظين والإصلاحيين من جهة، وبين المحافظين أنفسهم من جهة ثانية، وهو ما تسببت به سياسات حكومة أحمدي نجاد السابقة، سواء تلك الاقتصادية أو السياسية، من قبيل تطبيق خطة رفع الدعم الحكومي، والتشدد في التعامل مع الملف النووي، ما ساهم بفرض المزيد من العقوبات على البلاد، بالإضافة إلى طريقة التعامل مع احتجاجات عام 2009 في بداياتها.

وقد توقع كثر أن يشكل تقدم نجاد المحتمل للانتخابات عقبة أمام روحاني نفسه. وعلى الرغم من أن هذا الأخير وقع الاتفاق النووي وخلص الإيرانيين من الهم الثقيل للعقوبات، فإنه قد لا يستطيع منافسة شعبية محمد أحمدي نجاد في أماكن كثيرة، ولاسيما بين حشود القرى والأرياف، خاصة بوجود واقع أن الاتفاق النووي لم يحقق، حتى الآن، أي نتائج عملية، باستثناء الاستقرار النفسي للاقتصاد الإيراني، وهي معادلة سيستفيد منها التيار المحافظ خلال السباق الرئاسي المرتقب، لكن عليه أن يختار مرشحيه بدقة، خلال وقت يبدو فيه أنه ما زال صعباً على هؤلاء الإجماع على شخصية واحدة. وترجح التوقعات دعم التيار المحافظ لشخصيات من قبيل مستشار المرشد، علي أكبر ولايتي، رئيس مجلس الشورى، علي لاريجاني، رئيس بلدية طهران، محمد باقر قاليباف، الأمين السابق لمجلس الأمن القومي الأعلى، سعيد جليلي. وقد نفى كل من باهنر وحتى أمين مجمع تشخيص مصلحة النظام، محسن رضائي النية للترشح.

لكن على المحافظين بالفعل أن يجمعوا على شخصية واحدة إذا ما أرادوا الإطاحة بروحاني، أو الاقتراب من هذا الهدف. وإذا ما تم الاتفاق على دعم ولايتي أو لاريجاني فستكون المهمة صعبة أمام الرئيس الحالي، كونهما من ذوي الوزن الثقيل في البلاد، ويتميزان بشخصية مرنة وقريبة من كافة التيارات. وبوجود توقعات بحصول تنافس بين تياري المعتدلين والأصوليين، تبقى المهمة أصعب على الإصلاحيين، الذين سيكونون أمام خيار دعم روحاني مجدداً أو الإجماع على شخصية إصلاحية واحدة تستطيع الوقوف بوجهه، وهو ليس بالأمر الهين أيضاً، في وقت غابت فيه رموزهم الأصلية عن الساحة وتفرقت شخصيات الإصلاح، وما هذا إلا نتيجة لاحتجاجات 2009، التي أعقبت الانتخابات الرئاسية حينها، والتي فاز فيها أحمدي نجاد بدورة رئاسية ثانية على منافسه الإصلاحي مير حسين موسوي.