نجاح "بارازيت" يفتح حقبة جديدة أمام سينما كوريا الجنوبية

11 فبراير 2020
فاز "بارازيت" بأربع جوائز "أوسكار" (كيفين ونتر/Getty)
+ الخط -
كسرت جوائز "أوسكار" التي حصدها فيلم "بارازيت"، ليل الأحد، للمخرج الكوري الجنوبي، بونغ جون هو، سقفاً زجاجياً عمره 92 عاماً، وفتحت حقبة جديدة للأفلام الكورية وغيرها من الأعمال السينمائية الأجنبية على المسرح العالمي.

حصدت هذه الكوميديا القاتمة التي تدور حول عائلة كورية جنوبية فقيرة تحتال لضمان عمل لأفرادها في دارة أسرة غنية، أربع جوائز "أوسكار" مساء الأحد، كما أصبح هذا الفيلم أول عمل غير منجز باللغة الإنكليزية يفوز بجائزة أفضل فيلم الرئيسية في موسم المكافآت الهوليوودية، منذ انطلاق هذه المسابقة عام 1929.

حقق الفيلم الذي صدر باللغة الكورية وبدون أي ممثلين عالميين إنجازاً يحتمل أن يغير قوانين اللعبة، وكتبت صحيفة "تشوسون إيلبو" اليومية الرئيسية في كوريا الجنوبية في مقالها الافتتاحي، اليوم الثلاثاء: "لم يغير المخرج بونغ تاريخ كوريا الجنوبية الثقافي فحسب، بل غيّر تاريخ هوليوود". وأضافت أن الأكاديمية كانت "مهووسة بالأفلام المنجزة باللغة الإنكليزية ومن إنتاج أشخاص بيض"، لذا كان أسهل "على أي شخص كوري أن يفوز بجائزة (نوبل) للأدب من أن يحوز جائزة أوسكار بفيلم باللغة الكورية".

قالت الأستاذة في جامعة كاليفورنيا، المخرجة جينا كيم، إن الجوائز التي حصدها الفيلم، أي أفضل سيناريو أصلي وأفضل مخرج وأفضل فيلم دولي، تشير إلى "وصول حقبة جديدة" وإيجاد "إمكانات هائلة" للأفلام الأجنبية في الولايات المتحدة. أضافت كيم لوكالة "فرانس برس" أن هوليوود "ما زالت تهيمن على صناعة السينما في كل أنحاء العالم" و"كانت معروفة بعدم سماحها لفيلم بلغة أجنبية بدخول عالمها الخاص. لكن مع نجاح "بارازيت" بدأ الوضع يتغير".

بعد تسلمه الجوائز، قال المخرج للصحافيين إن التواصل بين الأشخاص في أنحاء العالم يتزايد بشكل كبير ويصبح أكثر سهولة. وأوضح "لذلك أعتقد أنه من الطبيعي أن نصل فيه إلى اليوم الذي لا يهم ما إذا كان الفيلم بلغة أجنبية أم لا، ولن يعتبر في وقت لاحق أنه من الغريب فوز فيلم أجنبي" بـ "أوسكار".

يأتي فوز بونغ التاريخي بعد عام من الذكرى المئوية للسينما الكورية الجنوبية، وتفتخر البلاد بامتلاكها صناعة سينمائية تحتل المرتبة الخامسة عالمياً، وأصبحت بارزة بشكل متزايد خلال المهرجانات في السنوات والعقود الأخيرة. عام 2004 حاز فيلم "أولد بوي" للمخرج بارك تشان-ووك الجائزة الكبرى في "مهرجان كانّ السينمائي"، كما حصل فيلم "بييتا" للمخرج كيم كي-دوك في 2012 على جائزة "الأسد الذهبي" في مهرجان البندقية.

حقق المخرجون الكوريون الجنوبيون نجاحاً كبيراً في هوليوود، تحديداً مع فيلم "ستوكر" من إخراج بارك عام 2013 ومن بطولة نيكول كيدمان وميا واسيكوفسكا.

على عكس جارتها الصين حيث تخضع الأفلام والمحتوى الإبداعي للرقابة، يتمتع الجنوب بالقوة الناعمة الدبلوماسية بفضل صادراته الثقافية في مجالات متعددة مع أمثلة بارزة من الـ "كاي بوب" و"بي تي إس".

شهدت السينما الكورية نهضة خلال التسعينيات مع حلول الديمقراطية بعد عقود من الحكم العسكري. عام 2007 قال الرئيس السابق اليميني، كيم داي جونغ، للمسؤولين الحكوميين "وفروا الدعم المالي للفنانين، لكن لا تتدخلوا إطلاقاً في ما يفعلونه. بمجرد تدخل الحكومة، ستنهار الصناعة الإبداعية".

قال الأستاذ في "جامعة سونغسيل" الكورية، جايسن بيشيرفيز، إن جائزة "أوسكار" التي نالها فيلم بونغ "هي فرصة مهمة لصناعة الأفلام الكورية، لتظهر ثروتها من المواهب التي تزدهر منذ عقود".


وأثار فوز فيلم "بارازيت" بجائزة أفضل فيلم ردود فعل عاطفية من الجالية الآسيوية في أميركا الشمالية، ومن أبرزها الكاتب الكوري الأميركي مين جين لي والممثلة في هوليوود ساندرا أوه. قال مايكل هورت، وهو عالم اجتماع في "جامعة سيول"، إن التمثيل الآسيوي "لا يزال ضئيلاً إلى حد كبير" رغم نجاح فيلم "كريزي ريتش إيجينز" في 2018 الذي كان كل فريق عمله من الآسيويين. وأوضح أن فوز بونغ شكّل "خطوة إلى الأمام" بالنسبة إلى الجالية الآسيوية، مضيفاً أن عدداً كبيراً منها ما زال يشعر بأن لا وجود له في أميركا الشمالية.

قال كيران مين، وهو كوري أميركي ترعرع في ضواحي كونيتيكت مع "ضغط كبير" للتأقلم، إن مشاهدته بونغ يلقي خطابه في حفلة توزيع جوائز "أوسكار" كان أمراً "لا ينسى". وتابع لوكالة "فرانس برس": "حصد بارازيت الجوائز فيما يروي قصة كورية مع ممثلين كوريين باللغة الكورية. وهو أثبت أن مثل هذا النجاح يمكن أن يحققه هنا في أميركا فيلم آسيوي".

(فرانس برس)

المساهمون