حصل رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أمس الإثنين، على تمديد إضافي مدته 14 يوماً من الرئيس الإسرائيلي رؤبين ريفلين لمواصلة مشاوراته الائتلافية مع مختلف الأحزاب لتشكيل حكومته الخامسة، في ظل مؤشرات تؤكد عزمه على تضمين نصوص قانونية ملزمة في اتفاق الائتلاف الحكومي القادم، تضمن تشريع قانون الحصانة البرلمانية، بما يحول دون تقديمه للمحاكمة ما دام يشغل منصب رئيس الحكومة.
وكشفت صحيفة "هآرتس" أمس، النقاب عن سعي نتنياهو لبلورة وصياغة قانون لتعديل قانون الحصانة البرلمانية، لإعادته إلى صيغته التي سادت حتى عام 2005، من جهة، وتعديل دستوري في صلاحيات المحكمة الإسرائيلية العليا يمنع المحكمة من مراقبة قرارات الحكومة والوزراء، لا سيما في حال رفضت لجنة الكنيست، التي يملك فيها نتنياهو أغلبية، طلبا برفع الحصانة عنه لتقديمه للمحاكمة.
وقد كثف رئيس الحكومة من مساعيه هذه في الوقت الذي واصل محاموه رفض تسلم ملفات التحقيقات من ديوان المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، بحجة عدم تلقيهم أيا من أتعابهم لغاية الآن، وذلك بهدف الضغط على المستشار القضائي للحكومة لتأجيل موعد جلسة الاستماع الرسمية لنتنياهو قبل تقديم لائحة الاتهام ضده رسميا.
وكان المستشار القضائي لحكومة الاحتلال حدد قبل الانتخابات موعد العاشر من تموز موعدا لجلسة الاستماع، لكن نتنياهو يراوغ حاليا أملا في تأجيل هذا الموعد بعدة أشهر بدعوى أن المدة التي حددها المستشار القضائي غير كافية للاستعداد لجلسة الاستماع الرسمية، وتوقع مراقبون أن يحصل نتنياهو في نهاية المطاف على تمديد لموعد جلسة الاستماع الرسمية إلى شهر سبتمبر/أيلول القادم.
في موازاة ذلك، اتضح من الأنباء التي تم تسريبها عن جلسات المفاوضات المختلفة مع الأحزاب المرشحة لتشكيل الائتلاف الحكومي القادم، أن نتنياهو يعتزم، إلى جانب تسريع تشريع تعديل الحصانة البرلمانية إدخال تعديلات قضائية تقلل من صلاحيات المحكمة الإسرائيلية العليا في نقض قوانين سنها الكنيست مثل قانون طرد عائلات منفذي العمليات الفدائية، وقوانين أخرى أعرب المستشار القضائي للحكومة سابقا أنها غير دستورية وتتناقض مع القانون الدولي وحتى مع القانون الداخلي في إسرائيل مثل قانون تشريع المستوطنات، وقانون ترحيل اللاجئين الأفارقة الذين يسميهم القانون الإسرائيلي "المتسللين ومهاجري العمل".
ومع أن نتنياهو حاول أمس نفي أن يكون هدف الحكومة القادمة تشريع قانون "الحصانة البرلمانية"، إلا أنه أقر أن حكومته القادمة ستسعى وفق خطوطها العريضة إلى ما سماه "تعزيز سلطة الحكومة في الحكم وإعادة السيادة للشعب"، بما يشكل استمرارا لخط نتنياهو الدعائي خلال الانتخابات أن من يجب أن يقرر هو الناخب الإسرائيلي وليس أجهزة القضاء والشرطة والإعلام، "المنحاز أصلا لليسار ويسعى دون كلل لإسقاط حكومة اليمين وليس فقط شخص نتنياهو".
وقد أعلن نتنياهو أمس، أنه يعتزم تمديد دورة الصيف للكنيست، لإكمال تشريعات قانونية وصفها بالمهمة. وادعى نتنياهو أن "سياستي كانت دائما الحفاظ على قضاء قوي ومستقل، ولكن هذا لا يعني أن المحكمة قادرة على كل شيء".
ويدعي نتنياهو واليمين المناصر له، أن هناك حاجة للموازنة بين مختلف سلطات الحكم الثلاث، "التشريعية والتنفيذية والقضائية"، ووقف ما يسمى في إسرائيل "بالقضاء الفعال" في إشارة إلى نزوع المحكمة الإسرائيلية العليا في العقدين الأخيرين، ومنذ أواخر التسعينات إلى التدخل في قرارات الحكومة وقوانين الكنيست التي تتناقض مع قانون أساسي "كرامة الإنسان وحريته".
وتشير تصريحات نتنياهو إلى حدوث تغيير في موقف نتنياهو المحافظ، في السنوات الأخيرة، الذي ظل رغم التحريض المتواصل ضد جهاز القضاء، يعارض خطوات تشريعية حثيثة لتقييد صلاحيات المحكمة العليا، لكن هذا الموقف تغير الآن بفعل خوف نتنياهو من أن يؤدي تدخل المحكمة في حال لم يتم إدخال تعديل دستوري، إلى إلزام الكنيست برفع الحصانة البرلمانية عنه وتقديمه للمحكمة.
ويشكل إعلان نتنياهو عزمه تسريع عملية التشريع وإجراء تعديلات قانونية ودستورية، بما في ذلك إقرار فقرة في قانون أساس القضاء، تتيح للكنيست "التغلب على عائق المحكمة العليا"، وإعادة تشريع قوانين سبق للمحكمة أن ألغتها، ستارا من أجل تمرير التعديل الذي يتيح للكنيست، بفعل الأغلبية التي يملكها في لجنة الكنيست، رفض رفع الحصانة عنه.
ويستند نتنياهو في مساعيه هذه إلى الدعم الذي يلقاه أساسا من اتحاد أحزاب اليمين الديني الصهيوني ومن حزبي شاس ويهدوت هتوراة الحريديين، مقابل منح نتنياهو لهذه الأحزاب، تنازلات كبيرة وتلبية مطالبها الائتلافية، ولا سيما ما يتعلق بقضايا الدين والدولة ووقف تشريع قانون التجنيد وفقا لمطالب الحريديم، وبدء خطوات تشريعية فعلية لضم المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية وبسط السيادة الإسرائيلية عليها، بما فيها المستوطنات المعزولة، وفقا لمطلب تحالف أحزاب اليمين الديني الصهيوني الذي يقوده زعيم البيت اليهودي الحاخام رافي بيرتس.