أجج كل من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، مساء اليوم الأحد، التحريض ضد النائب الفلسطيني عن التجمع الوطني الديمقراطي، باسل غطاس. وأعلن نتنياهو أنه "إذا ثبتت صحة الشبهات ضد النائب غطاس، فإننا أمام مخالفة أمنية خطيرة ضد أمن الدولة ومواطنيها، ومن يمس بأمن الدولة يجب أن يعاقب بشدة، وممنوع أن يكون نائباً في الكنيست".
وجاء تصريح نتنياهو هذا بعد ساعات قليلة من تسريب أنباء عن أن الشرطة الإسرائيلية تشتبه بقيام غطاس بنقل شاحن لأسرى فلسطينيين في المعتقلات الإسرائيلية، خلال زياراته لهم.
وكانت الدعوة التي وجهت للنائب في بداية الأمر، كما وصلته، كانت للمثول للتحقيق ضمن الملف السياسي الذي أعدته السلطات الإسرائيلية لملاحقة حزب التجمع الوطني.
ويدعي الاحتلال بأن "أوجه الخلل التي تكشفت في إدارة الحملة الانتخابية في عام 2013" تتجاوز البعد الإداري، إلى اتهام الحزب بحملة واسعة لتضليل السلطات الإسرائيلية من خلال تزوير مسندات مالية بشأن حملة التبرعات التي قام بها الحزب بعد الانتخابات في صفوف الفلسطينيين في الداخل.
وقال النائب غطاس في بيان عممه، مساء اليوم، على وسائل الإعلام في الداخل: "الاتهامات الإسرائيلية لي هي جزء من الملاحقة السياسية لقيادة الجماهير العربية وجزء من ملاحقة التجمع الوطني الديمقراطي والعمل السياسي بشكل عام. الشرطة والمؤسسة الإسرائيلية تحاول أن تكسر شوكة العرب في هذه البلاد وتحاول أن تُخضع التجمع وتضرب نشاطه السياسي".
وأضاف أن "الشرطة توجهت لي قبل عدة أيام للمثول للتحقيق في وحدة لاهف، ولم يعين موعد للتحقيق إلى الآن. زيارة الأسرى الفلسطينيين والاطمئنان عليهم هي حق لنا وواجب علينا لم ولن نتخلى عنه. هذه الزيارات يتم تنسيقها للنواب العرب مقابل مصلحة السجون وبمصادقة وزير الأمن الداخلي، ولذلك لن ترهبنا تلفيقات وملاحقات الشرطة الباطلة. لا يوجد لدي ما أخفي، وسأستمر بتمثيل المواطنين العرب من موقعي بكل فخر وعنفوان".
وسبق لنتنياهو أن قاد شخصياً حملات التحريض الدموي ضد نواب التجمع الوطني الديمقراطي أواسط شهر فبراير/ شباط الماضي بعد أن كان نواب التجمع قد لبوا دعوة أهالي وذوي شهداء الفلسطينيين من القدس المحتلة، والذين تحتجز السلطات الإسرائيلية جثامينهم، وقاموا بالاجتماع بهم لبحث سبل الضغط على حكومة الاحتلال لتسليمهم جثامين أبنائهم لدفنها.
وأعلن نتنياهو خلال افتتاح دورة الربيع للكنيست في مارس/آذار الماضي، وعلى خلفية الاجتماع المذكور، أن نواب التجمع لا يستحقون أن يكونوا في الكنيست. وطالب الجمهور الإسرائيلي، في خطوة خارجة عن المألوف، بأن يقدموا شكاوى للجنة السلوكيات البرلمانية ضد نواب التجمع. كما أعلن تأييده مشروع قانون الإقصاء لعزل نواب من الكنيست بأغلبية ثلثي أعضاء الكنيست، في حال أقدموا على نشاط "مؤيد للإرهاب".
تحريض ضد عزمي بشارة
وانضم وزير الأمن الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، هو الآخر، إلى مسلسل التحريض الدموي ضد باسل غطاس وعموم النواب العرب. وكتب ليبرمان على صفحته عبر فيسبوك إننا "أمام دليل ضمن سلسلة من الأدلة التي تثبت أن القائمة المشتركة (قائمة الأحزاب العربية في الكنيست)، هي عملياً قائمة الجواسيس والخونة المشتركة، بدءاً من عزمي بشارة وحتى باسل غطاس، مروراً بممثلة السفينة ما في مرمرة في إسرائيل، حنين زعبي وباقي رفاقهم. سنواصل العمل حتى لا يبقوا ليس فقط جزءاً من الكنيست وإنما ألا يبقوا مواطني دولة إسرائيل".
أما وزير الأمن الداخلي، جلعاد أردان، فادعى أن "الشبهات ضد النائب باسل غطاس هي خطيرة للغاية وأنه لو لم يكن غطاس نائباً في الكنيست لكان رهن الاعتقال على ضوء خطورة الشبهات ضده".
وأضاف أنه "على ضوء زيارات نواب الكنيست العرب للأسرى الفلسطينيين، فقد تعزز عندي الاعتقاد بأنه على الرغم من الحصانة البرلمانية الممنوحة لهم لا مكان للسماح لهم بزيارة الأسرى، فمثل هذه الزيارات تنطوي على خطر المس بأمن الدولة، وسأعمل على وقفها".
وسبق للنائب باسل غطاس أن تعرض لحملة تحريض عنصري مشابهة في يونيو/ حزيران من العام الماضي، عندما شارك في أسطول الحرية الذي انطلق من السويد باتجاه غزة، وقامت سلطات الاحتلال بالتحقيق معه.
وبرزت في سياق تأجيج الأجواء ضد غطاس إشارة موقع "يديعوت أحرونوت" إلى صلة القرابة التي تجمع بين غطاس والمفكر العربي عزمي بشارة، قائد حزب التجمع الوطني في الداخل، مع الادعاء بأن بشارة اشتبه به خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان عام 2006 بنقل معلومات ضد أمن الدولة إلى حزب الله.
وتعرض بشارة منذ تأسيس الحزب وقيادته له إلى حملة ملاحقات متواصلة من قبل السلطات الإسرائيلية، والتي اعتبرت أن حزب التجمع يشكل خطراً استراتيجياً على إسرائيل. واضطر بشارة في مارس/آذار عام 2007 إلى الخروج للمنفى القسري.
وتشكل الأنباء التي نقلتها وسائل الإعلام الإسرائيلية، اليوم، عن الشبهات التي تنسبها السلطات الإسرائيلية إلى باسل غطاس حلقة في مسلسل ملاحقة التجمع الوطني الديمقراطي. وكان الأخير قد تسلّم كتاباً للمثول للتحقيق في ملف مغاير، لكن الصحف العبرية كشفت أن الشبهات ضده هي الادعاء، بحسب استخبارات مصلحة السجون الإسرائيلية، بأنه نقل هواتف نقالة وشواحن بطارية للأسرى الفلسطينيين خلال زيارته لهم.
وكان التجمّع الوطني الديمقراطي قد أصدر، في وقت سابق اليوم، بياناً استنكر فيه استئناف الهجمة الإسرائيلية على التجمع، بما فيها التحقيق مع عضو المكب السياسي للحزب نيفين ابو رحمون.
وجاء في البيان الذي أصدره الحزب وعممه على وسائل الإعلام: "مجرّد دعوة نوّاب التجمع للتحقيق عمومًا، دعوة غطاس للتحقيق الآن خصوصًا، هو تصعيد آخر غير مبرر في حملة الملاحقة السياسية المسعورة ضد التجمع. ومحاولة استفزازية للمسّ بسمعة الحزب وبنشاطه الجاري، بعدما أُثبت أن الموضوع برمته هو من اختصاص وصلاحية مراقب الدولة، وأن عبث الشرطة به عن طريق استدعاء النواب والقيادات والكوادر في التجمع هو خطوة سياسية انتقامية إضافية ليس إلّا، تأتي بعد فشل الشرطة في ترهيب أعضاء وكوادر الحزب على مدار الأشهر الثلاثة الأخيرة".
وقال الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي، مطانس شحادة، إن "استدعاء الشرطة للنائب باسل غطاس للتحقيق واستمرار دعوة أعضاء الحزب مستنكر ومدان، وهدفة ضرب التجمع من خلال محاولة ترهيب وتشويه قياداته. التجمع موحد ضد حملة الملاحقة السياسية وإلى جانب قياداته وكوادره".
كذلك أشار إلى دور "كافة الأحزاب والمؤسسات العربية في الوقوف والتصدي لهذا الهجوم، وضرورة استمرار هذه اللحمة والوقفة المشتركة في التصدي للاعتداء على حرية العمل والتمثيل السياسي".