نتائج سياسية لتقدّم المعارضة السورية ميدانياً

27 ابريل 2015
حققت المعارضة السورية تقدُّماً ميدانيّاً واسعاً (صالح محمود ليلى/الأناضول)
+ الخط -

وسط تعتيم كبير حول تحضيرات السعودية لمؤتمر شامل يجمع المعارضة السورية في الرياض، حصلت "العربي الجديد" على معلومات، من مصادر خاصة في المعارضة السورية، تفيد بأن هذا المؤتمر سيكون شاملاً لمختلف أطياف المعارضة السورية من قوى سياسية وفصائل عسكرية على الأرض، من دون تحديد موعده بعد، ومن المحتمل أن تكون أولى أهدافه ربط الفصائل العسكرية في سورية كافة على الأرض بأجندة سياسية، تحضيراً لمؤتمر "جنيف 3".

يبدو أن هذا المؤتمر لن يكون كسابقه من المؤتمرات، التي حاولت جمع أطياف المعارضة السورية، إذ بدأ الحديث عن هذا المؤتمر بعد زيارة سرّية أجراها رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، خالد الخوجة، إلى السعودية بداية الشهر الجاري، تبعتها زيارة "الائتلاف" إلى الدوحة، وسط تغييرات متسارعة على الأرض لصالح المعارضة السورية، وتحرير العديد من المدن آخرها إدلب وجسر الشغور. ولعل الوضع الميداني المتقدم استدعى توحيد كل جهود الفصائل وربطها بحامل سياسي جاهز لأي تفاوض محتمل سواء بـ"جنيف 3"، أو غيره، وهو ما يسعى إليه مؤتمر الرياض.

اقرأ أيضاً: دي ميستورا يوجه دعوات للمعارضة السورية والنظام لمحادثات "منفصلة"

ولعلّ التطور الميداني على الأرض السورية لم يخرج بعيداً عن نطاق عمليات "عاصفة الحزم"، إذ يؤكد مصدر من المعارضة السورية مقرّب من السعودية أنّ "(عاصفة الحزم) كانت إلهاء للنظام الإيراني في اليمن وتوجيه الضربات الأساسية في سورية". وقد يحمل حديث المصدر شيئاً من الصحة بقياس النتائج التي حققتها "عاصفة الحزم" في اليمن مقارنة بسورية، إضافة إلى تصريحات وزير الخارجية السعودي، سعود الفيصل، والتي تلت الإعلان عن توقف "عاصفة الحزم"، وأكد من خلالها أن "عاصفة الحزم حققت نتائجها"، ولعلّ النتائج التي يشير إليها الفيصل تبدت في سورية أكثر منها في اليمن.

ومنذ بداية "عاصفة الحزم"، تم تحرير معبر نصيب ومدينتي إدلب وجسر الشغور، والأهم من ذلك صدّ الحملة الإيرانية المستمرة على الجنوب، والتي أكدت مصادر خاصة من داخل نظام بشار الأسد لـ"العربي الجديد" أنها لم تؤت أيٌّ من نتائجها أُكُلَها على الرغم من الحشد الإيراني الضخم، وإنما خسائر مستمرة كان آخرها للإيرانيين في منطقة اللجاة".

وقد تكون الدعوة لهذا المؤتمر، بعد التقدّم السريع على الأرض، تتماشى مع سياسة النظام السوري، التي عبرت عنها مستشارة الرئيس السوري، بثينة شعبان، خلال مؤتمر "جنيف 2"، حين أعلنت أن "التطورات الميدانية هي من تحدّد مسارات المفاوضات السياسية". وقد يكون هذا ما تتبعه السعودية في مؤتمر الرياض بعد تلك الانتصارات الميدانية على الأرض السورية، وذلك من خلال جمع مختلف الفصائل العسكرية وتوحيد أطياف المعارضة السياسية، لإيجاد تمثيل حقيقي قادر على تحصيل أكبر قدر من مكاسب سياسية بما يتناسب مع المكاسب الميدانية.

من جهة ثانية، يمكن استنتاج ملامح هذا المؤتمر من خلال التحركات الأخيرة لـ"الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة" السورية؛ فبعد زيارة خالد الخوجة إلى السعودية، سعى "الائتلاف" إلى التواصل مع مختلف الفصائل على الأرض السورية، إضافة إلى مختلف منظمات المجتمع المدني والقوة الثورية في الداخل، والتواصل مع قادة من "جيش الفتح"، بحسب مصدر من الأخير لـ"العربي الجديد"، في مقابل التحرك السياسي اللافت للائتلاف بخصوص دعوة المبعوث الدولي، ستيفان دي مستورا، للائتلاف لحضور اجتماعات تشاورية ثنائية في جنيف تسبق مؤتمر "جنيف 3".

وأوضح مصدر من داخل "الائتلاف"، فضل عدم نشر اسمه، لـ"العربي الجديد"، أن "الهيئة السياسية في (الائتلاف) تسير من خلال مناقشاتها، في اليومين الماضيين، إلى رفض دعوة دي ميستورا، لعدم جدواها، ولكونها أقرب لمؤتمر القاهرة وموسكو، إذ تمت الدعوات بصفة شخصية وليس كأجسام سياسية، كما أنه محاولة للالتفاف على بيان (جنيف1)، لكن بطابع دولي هذه المرّة".

وقد يكون مردّ رفض "الائتلاف" هذه الدعوات، هو الخيارات السياسية المتاحة التي فرضها

الواقع العسكري المتقدم على الأرض، وأول تلك الخيارات مؤتمر الرياض، والذي يؤكد المصدر نفسه أن "الأهداف التي تتبدى إلى الآن من مؤتمر الرياض هي تثبيت بيان جنيف1، ورفض الأسد في أية عملية سياسية".

من جانبه، يوضح نائب رئيس الائتلاف، هشام مروة، لـ"العربي الجديد"، أن "الائتلاف ليس قلقاً بخصوص أي مؤتمر يُعقد لتمثيل المعارضة وتوحيد رؤاها، بل نرحب به كجزء وشريك فيه في حال تم، وذلك لما تفرضه ضرورة المرحلة من تواصل مع مختلف مكونات وتيارات المعارضة السورية"، مشيراً إلى "أننا قاطعنا مؤتمر موسكو لأننا لم نلمس جدية من النظام والجانب الروسي. أما مؤتمر القاهرة فنحن لم نُدعَ إليه ولم يكن واضحاً بما يكفي، ولكننا نرحب بأي مؤتمر يعمل على تقريب وجهات النظر بين أطياف المعارضة السورية".

ولعل السعودية والمعارضة السورية يتحركان في ظرف ملائم جداً، من حيث المناخ السياسي، نتيجة التقارب السعودي القطري التركي في هذه الفترة بالذات والحشد العربي الذي عمدت إليه السعودية في (عاصفة الحزم)، إضافة للوضع الميداني المتطور لصالح المعارضة السورية لدرجة التهديد المباشر للساحل بعد سقوط مدينة جسر الشغور، مقابل ما يمر به النظام من صعوبات حقيقية تواجهه.

وإلى جانب  الخسائر العسكرية للنظام في الجنوب والشمال، فإن الاقتصاد السوري وصل إلى أسوأ مراحله من انهيار الليرة السورية أمام الدولار الأميركي، وسط عجز المصرف المركزي السوري عن التدخل، ناهيك عن التآكل الداخلي في بنية النظام من قيادات وحاضنة من الطائفة العلوية.

ومن خلال متابعة خطاب الإعلام السوري، يستشف أن تحرير جسر الشغور وإدلب، غيّر حتى لهجة التصريحات الأميركية، فقد أكد السفير الأميركي السابق لدى سورية، روبرت فورد، في مقال نشره معهد الشرق الأوسط للدراسات في واشنطن، قبل يومين، على مجموعة نقاط أسماها "مؤشرات على بداية نهاية النظام السوري"، ومنها تحرير إدلب وبصرى ونصيب، هشاشة في حلب، اضطرابات داخل السلطة (هرب حافظ مخلوف، ومقتل منذر الأسد ورستم غزالة وعزل شحادة) وتذمر كبير بين العلويين، وفشل حملات التجنيد الإجباري في دمشق واللاذقية، عودة المقاتلين الشيعة العراقيين إلى العراق، فشل محاولة النظام استمالة الدروز"، مشيراً إلى أن الدعم الروسي والإيراني في هذه الفترة لإطالة أمد النزاع فقط.

اقرأ أيضاً: جنيف 3 بمشاركة إيران و"أطراف لها علاقات بالنصرة وداعش"