ناس الغيوان.. نموذج للفن الملتزم والأصيل

03 نوفمبر 2014
+ الخط -

تعتبر مجموعة ناس الغيوان مدرسة حقيقية للغناء الملتزم، المرتبط بهموم الجماهير الشعبية التي كانت ترزح تحت نير القمع. فقد كانت أغانيها لساناً حقيقياً يعبر عما يجول في خواطر الناس، في زمن مغربي لم يكن أحد يجرؤ على رفع عقيرته بالصراخ في وجه النظام. فحسب ما عايـنه ''الجيل الغيواني'' من أحداث، كان الناس يخفضون أصواتهم، ويلتفتون يميناً ويساراً، عندما يريدون التكلم في موضوع سياسي، خوفاً من أن يلتقط المخبرون أصواتهم.

مـــن منا لا يتذكر الروائع الغيوانية الشهيرة: ''مهومة''، ''الصينية''، ''السيف البتار''، ''غير خدوني"، وغيرها من الأغاني الخالدة التي تغنى بها الصغير والكبير. لقد أحدثت هذه المجموعة ثورة حقيقية في الوسط الفني الذي كان خاضعاً في السبعينيات لسيطرة الأغنية العصرية، فلا أحد كان يظن أن تلك الكلمات ستصبح، في يوم من الأيام، قولاً وفناً وهتافاً من الملايين من الجماهير العربية والمغربية.

إنها قوة الإرادة التي تميز بها أعضاء المجموعة (بوجميع أحكور، العربي باطما، علال يعلا، عمر السيد وعبد الرحمن قيروش)، وهذا ما يؤكده المرحوم العربي باطما في سيرته الذاتية "الرحيل"، حيث يقـــول: لم يكن همنا مادياً في أي يوم، بل كان همنا الدفع بالفرقة وإعلاؤها في الوسط الفني العالمي".

أبدعت الظاهرة الغيوانية في مواضيع شتى، فقد غنت للأمل والسلام، وناهضت الظلم والحرمان، كما غنت للقضية الفلسطينية وللإنسان العربي والأمازيغي والأفريقي. إلا أنه وعلى الرغم من الضربات القوية التي تلقتها المجموعة، بوفاة المرحوم بوجميع أحكور، في 24 أكتوبر/تشرين الأول 1974، والمرحوم العربي باطما في 7 فبراير/شباط 1997، فإن "الغيوان" ما زالت محافظة على أصالتها ومخلصة لجذورها، على الرغم من المرض والمعاناة التي يعيشها بعض أفرادها.

حققت الظاهرة الغيوانية طــموح مؤسسيها، ومهدت لميلاد مجموعات ملتزمة أخرى (جـيل جيلالة، المشاهب، السهام ...) ، كما أرَّخت لمرحلة مهمة من تاريخ المغرب الحديث.

C889CE5C-4284-433F-9F64-4EAE58CA3FFC
C889CE5C-4284-433F-9F64-4EAE58CA3FFC
عبد الفتاح عزاوي (المغرب)
عبد الفتاح عزاوي (المغرب)