يلقي النازيون الجدد التهم على المهاجرين واللاجئين في الجرائم المرتكبة عادة في ألمانيا. كما يقدم عناصر "الحركة الوطنية الاشتراكية تحت الأرض" NUS الألمانية المتطرفة أنفسهم بأنهم صفوة المجتمع "الآري"، الذين لا يرتكبون أية أخطاء. لكن شيئا فشيئا بدأت ملامح الإجرام تتكشف عند أعضاء تلك الحركة النازية في ألمانيا وبعض دول الشمال.
العام الماضي، عُثر على رفات طفلة، كانت اختفت في بافاريا عام 2001 وكانت في التاسعة من عمرها. وعند فحص رفات الطفلة بيغي كنوبلوتشس في يوليو /تموز الماضي في غابة تبعد نحو 1.5 كم من مدينة وايزنباغ، حيث انتحر العضوان في الحركة النازية أوفه بورنهاردت وموندلوس آوى، ووجدت بقايا من الحمض النووي (دي أن إيه) لأوفه. هذا الاكتشاف أثار الكثير من الجدل أمس الجمعة، والتساؤل عن كيفية وصول آثار الحمض النووي إلى بقايا جثة الفتاة بيغي.
ووفقا للشرطة الألمانية، فإنها "ليست المرة الأولى التي يجري الربط بين النازيين واختطاف وتعذيب الأطفال". وبحسب ما ذهبت إليه الصحف الألمانية أمس، فإن "حالة من الصدمة والذهول أصابت حتى المحققين في قضايا اختفاء الأطفال".
وفي عام 1993، اختفى من يانا الطفل بيرند بيكمان، وكان في التاسعة يومها، ووجدت جثته بعد 12 يوما من اختفائه. وبيّن فحص الجثة وجود آثار تعذيب واستغلال قبل الموت، كما وجدت الشرطة قرب الجثة أدلة تشير إلى شخص أطلق عليه "انريكو تي" وكان أيضا صديق النازي بورنهاردت. وبعد التحقيق مع أنريكو عام 2012، قال الأخير إن الأدلة تعود لبورنهاردت الذي انتحر.
حين اختفت الطفلة بيغي قبل 15 عاما، كان هذا الإرهابي بورنهاردت وزميل له مطاردين من قبل الشرطة والاستخبارات الألمانية بعد سلسلة من الجرائم التي راح ضحيتها أكثر من 10 من المهاجرين، جلهم من الأتراك، خلال فترة ممتدة من 2000 إلى 2007، وبعد محاصرتهم انتحر النازيان في إحدى الغابات.
والناجية من تلك الخلية الإرهابية بيتي شاوبي ما تزال تخضع لمحاكمات في ميونخ. وكانت شاوبي التزمت الصمت منذ القبض عليها قبل 5 أعوام، لكنها منذ شهر سبتمبر/أيلول الماضي بدأت تدلي باعترافات، ومنها ما يتعلق بما اسمته "الأيدولوجية" التي آمنت بها، كما أنها نددت للمرة الأولى بجرائم الاغتيال التي تعرض لها هؤلاء الأجانب.
وبحسب ما يتكشف، فإن بيتي شاوبي شوهدت مع "طفلة صغيرة في الرابعة أو الخامسة" في 2011، وكانت تناديها "أمي". ولهذا يبدو أن الصدمة التي تسري في المجتمع الألماني ترتبط بعمليات اختفاء يخشى أن يكون النازيون نفذوها بحق الأطفال، وقتلوهم لاحقا. وعند محاصرة المطلوبين، بورنهادت وإيوي في 2011، وانتحارهما في بيت متنقل، تركا الكثير من الأدلة المتعلقة بأشياء تعود لأطفال، دون ربط سلطات التحقيق في حينه بين اختفاء الأطفال وتلك المجموعة النازية.
وبعد القبض على النازية بيتي فحصت الشرطة حاسوبها الشخصي، وتبيّن أنها تحتفظ بعدد من الأفلام الإباحية لأطفال يعتقد أن صديقها النازي في الخلية بورنهاردت كان يستخدمها.
ويثار الغضب مجدداً بسبب توقف البحث في تلك القضية عام 2013، لأن الادعاء في حينه اعتبر أن "هذه القضايا لن تضيف الكثير على محاكمة شاوبي المتهمة بارتكاب أعمال إرهابية". ليتبين اليوم مدى ارتباط تلك الخلية بعمليات اختطاف وقتل أطفال ألمان.
في 2014، حُكم بالسجن خمس سنوات على عضو آخر في الحركة النازية الجديدة في المانيا، هو تينو براندت، لارتكابه فظائع بحق طفل صغير و"تسليمه لرجال آخرين" وفق ما جاء في حيثيات القضية التي حملت 66 اتهاما. ليس ذلك فحسب، فتينو عمل أيضا "كعميل متخف" لجهاز الاستخبارات الألمانية لاختراق البيئة النازية، والتبليغ عن الأعضاء.