أكد نقيب الصحافيين التونسيين، ناجي البغوري، في تصريح لـ"العربي الجديد" أنّ الوضع الإعلامي في تونس كارثي، مبيّناً أن العديد من الصعوبات تعترض العمل الإعلامي، سواء في المؤسسات العمومية (الرسمية) أو الخاصة، ومنها المالية وكذلك التضييق على الحريات.
وفسّر البغوري ذلك بالإشارة إلى أنّ استقالة المدير العام للإذاعة التونسية (مؤسسة رسمية) مردّه بالأساس عدم منح الحكومة التونسية المؤسسة الأموال اللازمة لتأمين السير الطبيعي لعملها، مبيناً أن الأمر ذاته ينطبق على المؤسسات الإعلامية العمومية الأخرى مثل دار "سنيب لابراس" التي تصدر صحيفتين يوميتين واحدة باللغة العربية "الصحافة اليوم" وأخرى باللغة الفرنسية "لابراس" LaPresse أو التلفزيون التونسي بقناتيه الأولى والثانية أو "وكالة تونس إفريقيا للأنباء".
وكانت مؤسسة "سنيب لابراس" تفاقمت مشاكلها وديونها وباتت عاجزة عن دفع رواتب العاملين فيها، وعن دفع إيجار المبنى الذي انتقلت إليه، وذلك بالرغم من تخفيض معدّل طباعة الجريدة ومعضلة توزيعها، فقامت بتسريح موظفين، وإحالة عدد منهم للتقاعد المبكر.
يذكر أيضاً أن الصحافة الورقية في تونس تعيش أزمة مالية خانقة أدت إلى إغلاق الكثير من الصحف والمنشورات الورقية التي تراجع عددها من 255 مطبوعة سنة 2010 إلى أقل من 55 مطبوعة سنة 2018.
وأضاف البغوري أن المؤسسات الإعلامية الخاصة تعاني هي الأخرى من نفس المشاكل المالية رغم الوعود التي قطعتها الحكومة التونسية على نفسها بالمساعدة على الخروج من هذه الوضعية، لكنها لم تفِ بوعودها حتى الآن، وهو ما يدعو إلى التساؤل عن أسباب ذلك، خصوصاً بعد توقيع الاتفاقية الإطارية للعمل الإعلامي.
هذه الوضعية انعكست على الصحافيين الذين يجدون صعوبة في الحصول على أجورهم، خاصة أنّ الكثير منهم يعانون من أوضاع اجتماعية صعبة، وفقاً للبغوري الذي يقول إنّ من بينها
أما على مستوى الحريات، فقد انتقد البغوري التضييق الذي تمارسه الحكومة على بعض المدونين، معتبراً أنه "لا يجوز سجن مدونة لمجرّد أنها كتبت تدوينة عبّرت فيها عن رأيها في بعض القضايا العامة"، معتبرا ذلك تراجعا خطيراً في مجال الحريات ومؤشرًا سلبياً عن الوضعية التي يعيشها بعض المدونين في تونس.
البغوري عبّر عن تشاؤمه من التطورات المستقبلية للإعلام التونسي، مبيناً أنه هناك رغبة من الحكومة التونسية في إيجاد إعلام أحادي الصوت، وهو ما يمثّل مخاطر كبرى على الديمقراطية التونسية. إذ بيّن أنّ الانتخابات لا تزوَّر في الصناديق فقط، بل أيضاً من خلال توجيه الرأي العام عن طريق إعلام غير تعددي ويفتقد للحيادية والاستقلالية.
ووجّه نقيب الصحافيين التونسيين نداءً لرئيس الحكومة التونسية، يوسف الشاهد، لتحمل مسؤولياته في هذا الظرف الصعب الذي يمر به الإعلام التونسي. مضيفاً أن كل السيناريوهات التحرك من قبل النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين تبقى ممكنة ومنها الإضراب العام في القطاع الإعلامي الذي سبق وأن تمّ اتخاذ القرار في شأنه ليتم تعليقه لاحقاً دون إلغائه.
وبيّن أن النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين ستعقد اجتماعاً لهيئتها الإدارية الموسعة الأسبوع المقبل لتتخذ القرارات اللازمة في هذا الشأن.
الإعلام التونسي الذي عرف تحولات كبرى بعد الثورة التونسية، لعل أهمها ارتفاع هامش الحرية، تبقى محدودية سوق الإعلانات التجارية التونسية العائق الأكبر أمام تطوره، من حيث جودة البرامج ومنشوراته. كما أن هذا العائق قد يكون مدخلاً للمال السياسي والفاسد حتى تحافظ هذه المؤسسات على استمراريتها، لكنّها، في المقابل، تفقد استقلاليتها.