نائب تونسي يطالب فرنسا بالاعتذار عن الجرائم التي ارتكبتها خلال الاحتلال

14 مايو 2020
طرح اللائحة يأتي بالتزامن مع الذكرى الـ139 للاحتلال(فرانس برس)
+ الخط -
كشف النائب التونسي ورئيس "كتلة ائتلاف الكرامة"، سيف الدين مخلوف، عن تقديمه مشروع لائحة تتعلق بمطالبة فرنسا بالاعتذار عن الجرائم التي ارتكبتها خلال فترة الاحتلال ونهب ثروات تونس.

ولفت مخلوف إلى أن طرح اللائحة يأتي بالتزامن مع الذكرى الـ139 للاحتلال الفرنسي لتونس، والذكرى الـ56 للجلاء الزراعي عن الأراضي التونسية، مطالبا بعرضها والمصادقة عليها خلال شهر.

وقال مخلوف "اليوم جاء الوقت لكي تعتذر فرنسا من الشعب التونسي"، داعيا السلطات الفرنسية إلى نشر أرشيف تلك الفترة ووضعه في ذمة الدولة التونسية والباحثين، واصفا الاعتذار من الشعب التونسي عن جرائم تلك الحقبة بـ"النبيل"، والذي ستكون له آثار إيجابية للعلاقات بين الشعبين التونسي والفرنسي، حسب تقديره.

وجاء في نص لائحة المطالبة بالاعتذار أنه "إيمانا بحق شهداء تونس وجرحاها وكل الذين ناضلوا بصدق لتحرير البلاد وطرد المستعمر الفرنسي الذي جثم على أرضنا بين 12 مايو 1881 تاريخ إمضاء معاهدة الحماية و12 مايو 1964 تاريخ إمضاء اتفاقية الجلاء الزراعي، اقترف خلالها كل أشكال القتل والاغتيال والاغتصاب والتعذيب والنفي والتهجير القسري ونهب الثروات الطبيعية والأملاك الخاصة للتونسيين، ثم أمضى بعد جلاء عسكره في 1963 زهاء نصف قرن في مساندة الاستبداد والديكتاتورية، انتهت بمجاهرته باستعداده لمزيد من تسليح نظام بن علي بهدف وأد ثورة الحرية والكرامة".

وتضيف اللائحة "اقتناعا من ممثلي الشعب بأن جروح الماضي لا يمكن أن تندمل إلا بعد تطهيرها معنويا بإصدار اعتذار رسمي وعلني من الدولة الفرنسية للشعب التونسي عن كل الجرائم التي ارتكبتها في حقه منذ سنة 1881، وأن هذا الاعتذار من شأنه أن يطوي هذه الصفحة السوداء من تاريخ الدولتين وأن يعزز العلاقات التاريخية والمتينة بين الشعبين التونسي والفرنسي".

وقالت أستاذة القانون الدستوري منى كريم، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب ينظم إصدار اللوائح في البند 141 الذي يعطي لكل رئيس كتلة في مجلس نواب الشعب إمكانية التقدّم بلائحة لمناقشتها والمصادقة عليها في الجلسة العامة للمجلس، بهدف إعلان موقف حول موضوع وحيد، على ألا يتعلق محتوى اللائحة بإحدى اللوائح المنظمة في النظام الداخلي.

وبينت كريم أنه "بمجرد تلقّي رئيس البرلمان راشد الغنوشي للائحة، يتولى إعلام قيس سعيد رئيس الجمهورية وإلياس الفخفاخ رئيس الحكومة بها فورا، ويدعو رؤساء الكتل، وعددها تسعة، في أجل أسبوع من تاريخ تقديمها، وذلك للنظر في إمكانية تعديلها، وتعرض على النقاش والمصادقة في جلسة عامة من دون المرور باللجان، في أجل لا يتجاوز شهرا من تاريخ تقديمها".

ولفتت إلى أنه "لا تقبل مقترحات التعديل في شأن هذه اللوائح من قبل النواب إلا بموافقة أصحاب المبادرة. كما تتولى الجلسة العامة المصادقة على مشروع اللائحة بالأغلبية المطلقة لأعضائها، أي 109 نواب على الأقل، ثم يتم نشرها بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية".

وذكرت كريم أنه منذ المصادقة على دستور 2014 تم إصدار لائحة خلال عهدة المجلس التشريعي السابقة، إذ تم التصويت على لائحة متعلقة بدعم القضية الفلسطينية ومناصرتها في عام 2016.



موقف دبلوماسي

من جانبه، اعتبر المحلل محمد الغواري، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن محتوى اللائحة يحمل موقفا دبلوماسيا ويدخل في نطاق السياسة الخارجية للبلاد، وهو مجال اختصاص حصري لرئيس الجمهورية قيس سعيد.

ورجح الغواري أن يتم رد اللائحة من سعيد، لاعتبار تدخّلها الصارخ في صلاحياته التي منحها له الدستور، بوصفه مسؤولا عن السياسة الخارجية وقائدا لسفينة الدبلوماسية التونسية والمخول ليصدح بمواقف البلاد وليعبر عن توجهاتها.

وأضاف المحلل أن هذه اللائحة "ستزيد من تعكّر العلاقة بين سعيد ومخلوف، بعد ما شهده البرلمان من تصعيد ولوم ووعيد بسحب الثقة من رئيس الجمهورية"، متوقعاً أن تكون اللائحة "مجرد مناورة سياسية من ائتلاف الكرامة، فحتى وإن لم تحظ بالقبول ولم يتم إصدارها فستساهم في تلميع صورة ائتلاف الكتلة، وفي ملء رصيده السياسي من خلال دغدغة مشاعر أنصاره المتعطشين لرد الاعتبار لشهداء تونس".

ورجح الغواري أن يكون مصير لائحة ائتلاف الكرامة شبيها بمصير لائحة الحزب الدستوري الحر التي تهدفُ إلى إعلان رفض البرلمان للتدخّل الخارجي في ليبيا ومناهضته لتشكيل قاعدة لوجستيّة داخل التراب التونسي قصد تسهيل تنفيذ هذا التدخّل. وقد طالب عدد من رؤساء الكتل عند دراستها بضرورة تعديل اللائحة بما يحقّق عنصر التوازن، وبما يكرّس الموقف الرسمي التونسي الرافض للتدخل الأجنبي في ليبيا.

المساهمون