10 اغسطس 2019
مَنِ السابقُ ومَنِ اللاحق؟
لماذا لم ترَ كائناتٌ مِنْ مثلِ "الطوبة" و"سْراقْ الزيتْ" مثلاً، نورَ الحياة إلا حينِ سادتِ القُمامةُ والقواديسُ والرأسمالية، تحت الأرضِ وفوق الأرض؟ أو أليستِ "الطوبة" مثلاً كائناً رأسمالياً بامتياز، كما "سْراقْ الزيتْ" طبعاً... وكل السراق الكبار من ذوي الياقات الملونة وغيرها، سواء عندنا أو أينما سادتْ سلطةُ القواديسُ والرأسمالية، تحت الأرضِ وفوق الأرض؟ فمَنِ السابق إذن؛ الرأسمالية أم القُمامةُ و"الطوبة" و"سراق الزيت"؟
سؤالٌ أيقظه في رأسي "هجوم الصراصير السوداء الطائرة" أخيرا على مكة المكرمة في السعودية، وفيديو قصير على "يوتوب"، يُظهرُ تلك الفأرة الضخمة المحظوظة، وهي تلوي شواربها خلف أصنافِ وأشكالِ الخبزِ المختلفةِ المرتبةِ فوق رفوفٍ أنيقة، وقد زَينَتْها إشاراتُ الأثمان المرتفعة مع لمعانُ معاييرِ الجودة أيضاً (يا عيني على الإتِيكِيتْ!).
ابنتي دُرة منذ أنْ صارتْ تعي هذا الوجود، بل حتى وهي في الثامنة عشرة من عمرها الآن، لا زالتْ تتساءل؛ مَنْ يكون خالق هذين الكائنين العجيبين؟ كنتُ أجيبُ عن سؤالها هذا، ولا أزال؛ لقد طلعتِ "الطوبة" وكذلك "سراق الزيت" من رحمِ القواديس التي تحت الأرض وتحت حياة البشر، لما سادتِ الرأسمالية فوق الأرض وفوق رؤوسِ البشر.
كانتْ دُرة تضحك، وهي صغيرة كلما كررتُ عباراتي هذه على مسمعها، متفاعلاً مع سؤالها الوجودي هذا. وفي كل الزياراتِ السابقةِ لقريتنا النائية (مسقط رأسي) الواقعةِ بين سفوحِ البساطة وصمتِ الجبال، وقبل أنْ تجتاحها لعنةُ القواديس والقمامة، لم تكن درة ترى "الطوبة" و"سراق الزيت"، فتقول؛ ربما معك الحق يا أبي. وحين كبرتْ قليلاً، صارتْ لا تستبعد وجود كائنات فضائية شريرة، تقف وراء ظهورِ مخلوقاتٍ غريبةٍ من هذا القبيل وغيرها، في حياتنا وحيوات باقي الكائنات الطبيعية.
أما الآن، و"دُرة" في سن الثامنة عشرة تماماً، فقد اقتنعتْ أن مثل هذه الكائنات القبيحة كما الأعمال القبيحة كلها هي من صنع كائناتٍ تشبه البشر، من "الطوبة" و"سراقْ الزيت" إلى سراق عرق الكادحين وسراق آمال الناس والشعوب وسراق أحلام الأفراد والجماعات والأوطان وسراق الثروات وسراق الثورات أيضاً، فهل هي عصارةُ الرأسمالية والتبعية لها، يا ابنتي؟
تجيبني: هل قال ماركس هذا؟ أم هو الديالكتيك المعاصر، يا أبي؟
فأقول، باسماً مثلها: ربما فاتتْ ماركس أمورٌ كثيرة.. ربما لم تكن الرأسمالية في حياته قد سادتْ تحت الأرض وفوق الأرض، كما هي الآن، وربما سُرقتْ أحلامه ومعها تنبؤاته أيضاً.
تختمُ درة هذا الحديثَ حزينةً؛ وربما أيضاً، لم تكن في عصر ماركس كل هذه "الروبُوهات" التي صارتْ تحكمُ البشرَ وتُسيرُ عقلَ العالم.
ابنتي دُرة منذ أنْ صارتْ تعي هذا الوجود، بل حتى وهي في الثامنة عشرة من عمرها الآن، لا زالتْ تتساءل؛ مَنْ يكون خالق هذين الكائنين العجيبين؟ كنتُ أجيبُ عن سؤالها هذا، ولا أزال؛ لقد طلعتِ "الطوبة" وكذلك "سراق الزيت" من رحمِ القواديس التي تحت الأرض وتحت حياة البشر، لما سادتِ الرأسمالية فوق الأرض وفوق رؤوسِ البشر.
كانتْ دُرة تضحك، وهي صغيرة كلما كررتُ عباراتي هذه على مسمعها، متفاعلاً مع سؤالها الوجودي هذا. وفي كل الزياراتِ السابقةِ لقريتنا النائية (مسقط رأسي) الواقعةِ بين سفوحِ البساطة وصمتِ الجبال، وقبل أنْ تجتاحها لعنةُ القواديس والقمامة، لم تكن درة ترى "الطوبة" و"سراق الزيت"، فتقول؛ ربما معك الحق يا أبي. وحين كبرتْ قليلاً، صارتْ لا تستبعد وجود كائنات فضائية شريرة، تقف وراء ظهورِ مخلوقاتٍ غريبةٍ من هذا القبيل وغيرها، في حياتنا وحيوات باقي الكائنات الطبيعية.
أما الآن، و"دُرة" في سن الثامنة عشرة تماماً، فقد اقتنعتْ أن مثل هذه الكائنات القبيحة كما الأعمال القبيحة كلها هي من صنع كائناتٍ تشبه البشر، من "الطوبة" و"سراقْ الزيت" إلى سراق عرق الكادحين وسراق آمال الناس والشعوب وسراق أحلام الأفراد والجماعات والأوطان وسراق الثروات وسراق الثورات أيضاً، فهل هي عصارةُ الرأسمالية والتبعية لها، يا ابنتي؟
تجيبني: هل قال ماركس هذا؟ أم هو الديالكتيك المعاصر، يا أبي؟
فأقول، باسماً مثلها: ربما فاتتْ ماركس أمورٌ كثيرة.. ربما لم تكن الرأسمالية في حياته قد سادتْ تحت الأرض وفوق الأرض، كما هي الآن، وربما سُرقتْ أحلامه ومعها تنبؤاته أيضاً.
تختمُ درة هذا الحديثَ حزينةً؛ وربما أيضاً، لم تكن في عصر ماركس كل هذه "الروبُوهات" التي صارتْ تحكمُ البشرَ وتُسيرُ عقلَ العالم.
مقالات أخرى
16 يونيو 2019
10 مارس 2019
27 ديسمبر 2018