تلقت الجزائر دعوة رسمية لحضور مؤتمر برلين الدولي، والذي يعقد هذا الشهر لمناقشة الأزمة الليبية، بعد نجاح ضغوط جزائرية وتركية في فرض حضور الجزائر، وذلك بالتزامن مع "إنزال دبلوماسي" تركي ليبي.
وأعلنت الرئاسة الجزائرية أن الرئيس عبد المجيد تبون تلقى، خلال اتصال هاتفي من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، تهنئة على انتخابه رئيساً للجمهورية، وتعزية للجزائر في وفاة الفريق أحمد قايد صالح، كما وجهت له الدعوة لزيارة ألمانيا، والتي يرتقب أن تتزامن مع مؤتمر برلين حول ليبيا.
وذكر البيان أن تبون وميركل "تبادلا تحليلاً حول الأوضاع في ليبيا وآفاق إحلال السلام فيها، واتفقا على الدعوة للتعجيل بإيجاد حل سياسي للأزمة الليبية، والوقف الفوري للنزاع المسلح، ووضع حد للتدخلات العسكرية الأجنبية".
وكان الرئيس تبون قد أصر على حضور الجزائر في كل المسارات والخطط الدولية لحل الأزمة في ليبيا.
وقال الرئيس الجزائري في خطابه السياسي الأول، خلال حفل تنصيبه في 19 ديسمبر/كانون الأول الماضي، إن "الجزائر يجب أن تكون شريكة في أي مسار لحل الأزمة"، وإنها "لن تقبل أبدا أن يتم إبعادها عن أي حل في ليبيا"، مضيفا "نحن معنيون باستقرار ليبيا أحب من حب وكره من كره".
وكانت ألمانيا قد استبعدت في مرحلة أولى الجزائر من مؤتمر برلين، رغم أن مندوبا لها حضر اجتماعين من مجموع ستة اجتماعات تمهيدية للمؤتمر المقبل، قبل أن تصر تركيا التي تعد طرفا في المؤتمر على حضور الجزائر وتونس كدول جوار رئيسية لليبيا إلى المؤتمر، بحسب ما كان قد أعلن عنه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال زيارته التي قام بها قبل أسبوعين إلى تونس.
وعزا مراقبون دعوة ألمانيا الجزائر لحضور مؤتمر برلين إلى اقتناعها والدول بأهمية أن تلعب الجزائر دوراً بارزاً في الأزمة الليبية، ما من شأنه أن يعيد التوازن في الموقف الإقليمي، بعد انفراد مصر بالتأثير في الأزمة الليبية، واستغلال انشغال الجزائر بالوضع الداخلي، نتيجة الحراك الشعبي واستقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة والانتخابات الرئاسية.
وقال المحلل السياسي المهتم بالشأن الليبي أنيس سعودي، لـ"العربي الجديد"، إن "ألمانيا، التي تجتهد في البحث عن حل جدي للأزمة في ليبيا، أدركت أن الجزائر باتت أكثر استعدادا للعب دور محوري في الحل، خاصة على صعيد التوافق في الموقف بين الجزائر وألمانيا في علاقة بالحل السياسي ورفض الحل العسكري والتدخلات الأجنبية"، مشيرا إلى أن "انتخاب رئيس جديد للجزائر والتطورات الدرامية في ليبيا، والثقل الهام للجزائر، أتاح للأخيرة العودة إلى الساحة الإقليمية من باب الأزمة الليبية، وأطراف الأزمة تدرك ذلك جيدا، بما فيها حكومة طرابلس وتركيا".
السراج وجاووش أوغلو إلى الجزائر
في سياق الأزمة الليبية، وصل اليوم الاثنين وفد ليبي رفيع إلى الجزائر برئاسة رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فايز السراج، مرفوقاً بوزير الخارجية محمد الطاهر سيالة، ووزير الداخلية فتحي باشاغا، ووفد عسكري من غرفة عمليات حكومة الوفاق.
وكان في استقبال السراج والوفد المرافق له رئيس الحكومة الجزائرية عبد العزيز جراد، ووزير الخارجية صبري بوقادوم، ووزير الداخلية كمال بلجود.
وأجرى رئيس المجلس الرئاسي فايز سراج مباحثات مع جراد، حيث أطلعه على آخر التطورات الميدانية في ليبيا.
وذكرت تسريبات خاصة أن السراج أبلغ المسؤول الجزائري رغبة حكومة الوفاق في أن تقدم الجزائر على اتخاذ مواقف أكثر حزماً إزاء القصف الذي تتعرض له العاصمة طرابلس، واستهداف المدنيين من قبل قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، وممارسة أكبر ضغط ممكن على دول محور حفتر، خاصة مصر والإمارات، لوقف دعمها وتموينها لمليشياته.
ومن المقرر أن يلتقي السراج أيضاً الرئيس الجزائري.
وتتزامن زيارة الوفد الليبي مع زيارة لوزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو إلى الجزائر، تبدأ مساء الاثنين، وتستمر يومين.
ويلتقي جاووش أوغلو، خلال زيارته، الرئيس تبون، غداً الثلاثاء، حاملاً رسالة من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشأن الأزمة في ليبيا، ودوافع التدخل التركي الذي بدأ ميدانيا.
كما سيلتقي جاووش أوغلو السراج ووزير الخارجية الجزائري خلال فترة وجوده في الجزائر.
وقال المحلل السياسي علي بن حديد، لـ"العربي الجديد"، إن "اهتمام تركيا بشرح دوافع تدخلها للسلطة السياسية في الجزائر، وحرصها على توضيح الموقف وطمأنة الجزائر، وتفنيد التقارير التي تحدثت عن رغبة تركيا إرسال مقاتلين من الجيش السوري الحر للقتال في ليبيا، أمر يعكس أهمية الموقف الجزائري بالنسبة لتركيا من جهة، ولحكومة الوفاق من جهة أخرى، ولكون الموقف الجزائري مقبولا، ويمكن أن يسهم في حل الأزمة، وهو على نقيض الموقف المصري".