مياه الشرب المعبأة في لبنان.. كنز خارج الرقابة

11 يوليو 2014
لا رقابة على المياه المعبأة (سبنسر بلات/getty)
+ الخط -
يتكبد المواطن اللبناني فاتورة إضافية يومية، لكي يستطيع تأمين مياه الشرب. أما السبب فهو تقنين المياه الشديد، اضافة الى سوء نوعية مياه الشرب التي توصلها مؤسسات المياه الحكومية الى المنازل. 
بين فترة وأخرى، تصدر مؤسسات المياه بيانات تؤكد فيها خلوّ مياهها من الجراثيم وصلاحيتها للاستهلاك البشري. إلا أن احداً لا يعير انتباهاً الى شبكات المياه المهترئة وإلى طعم مياه الشرب التي يخاف سكان لبنان، وبيروت تحديداً من تقديمها للأطفال.

هذا الواقع، أدى الى انتشار مئات محال المياه المعبأة، غير القانونية، التي تقدم للمواطنين البدائل، والتي أثبتت الدراسات أن مياهها لا تقل سوءاً عن المياه الحكومية.

 

أسعار عشوائية

وتتحرك اسعار المياه المعبأة في لبنان وفق أهواء التجار، حيث تبدأ الاسعار من 1000 ليرة ( 65 سنتاً) لكل عشرة ليترات مياه في المناطق الشعبية والاحياء الفقيرة، وصولاً الى 3000 ليرة (2 دولار) لكل عشرة ليترات من المياه لبعض الشركات التي حصلت على تراخيص من قبل وزارة الصحة اللبنانية...


وبعملية حسابية بسيطة، نلاحظ أن سعر كل ليتر مياه يترواح بين 100 ليرة في الحد الادنى و300 ليرة في حده الاقصى، حيث تبيع الشركات قوارير مياه سعة 20 ليتراً بسعر 6000 ليرة، فيما تعمد شركات اخرى، مياه "الشلال" على سبيل المثال، والتي حصلت على تراخيص من قبل وزارة الصحة اللبنانية، الى بيع 20 ليتر مياه بسعر 2500 ليرة.

تفاوت الاسعار بين الشركات يضع علامة استفهام حول نوعية المياه المعبأة المباعة داخل الاراضي اللبنانية.


أرباح خيالية

 من جهة أخرى، تؤكد الدراسات الطبية أن الانسان يحتاج الى 2.5 ليتر يومياً، ما يعني أن كل مواطن لبناني يدفع يومياً تكلفة تصل الى 250 ليرة في الحد الادنى للاسعار على اساس 100 ليرة لكل ليتر، و750 ليرة في الحد الاقصى على أساس 300 ليرة لكل ليتر مياه.

مما يعني أن المواطن يستهلك اسبوعياً، 17.5 ليتراً بمعدل 1750 ليرة في السعر الادنى، و5250 ليرة للحد الاقصى (3.5 دولارات تقريباً)، وبالتالي ينفق كل مواطن سنوياً حوالي 252 الف ليرة (168 دولاراً). فماذا عن فاتورة تدفعها اسرة مؤلفة من 4 أو 5 اشخاص سنوياً؟

هذه الارباح تجنيها المحال التحارية التي اخذت على عاتقها بيع مياه الشرب المعبأة الى اللبنانيين بعد تقديم الدولة اللبنانية استقالتها عن واجباتها، فاتحة الباب واسعاً أمام التجار، لإرغام اللبنانيين على دفع فاتورة تضاف الى قائمة الفواتير التي يدفعها المواطن بسبب غياب دور الدولة في تأمين الاحتياجات الاساسية.


غياب الجودة

بالاضافة الى دفع المواطن فواتير مرتفعة للحصول على مياه للشرب، فإن صلاحية هذه المياه المعبأة وجودتها توضعان برسم الوزارات المعنية، حيث أكدت عضو جمعية حماية المستهلك ندى نعمة أن عملية بيع المياه في لبنان تتم خارج اطر المراقبة، ولا تتمتع بمعايير السلامة والصحة العالمية.

وقالت لـ"العربي الجديد": تسود الفوضى في قطاع مياه الشرب في لبنان، بسبب غياب التوزيع العادل للمياه من قبل الدولة، الأمر الذي تسبب في انتشار محلات بيع المياه المعبأة والتي يغلب على معظمها غياب التراخيص من قبل وزارة الصحة، بالاضافة الى بيعها مياهاً غير صالحة للاستهلاك".

وأضافت: "هناك أكثر من 1000 محل لبيع المياه داخل الاراضي اللبنانية تعمل في ظل غياب المراقبة، حيث نجهل مصدر مياههم التي تباع للمواطنين، بالاضافة الى أن أكثر من 80 في المئة من هذه المحال لا تمتلك تراخيص للعمل، ولا تخضع للرقابة، ومعظمها يفتقر الى أدنى معايير النظافة وأساليب التعقيم".

مياه غير صالحة للاستهلاك

وأوضحت نعمة أنه جرت محاولات عديدة لإصدار قوانين تنظم عملية بيع المياه، لكنها لم تبصر النور، عازية السبب الى رفض جهات سياسية لتنظيم عمليات البيع بسبب المنافع المادية التي تحصل عليها.

وقالت:"إن جمعية حماية المستهلك عمدت الى إجراء دراسات حول صلاحية مياه الشرب المباعة في لبنان بعد ظهور اصابات لدى المواطنين حيث تم جمع 338 عينة في الفترة ما بين 17/7/2003 و8/6/2004. وتبين بنتيجة الفحص، أن 83.1 % من مجموع العينات، مطابقة للمواصفات، و16.9 % غير مطابقة للمواصفات حيث تحتوي على نسب عالية من الكلور، ونسب عالية من النيترات بالإضافة الى وجود نسب عالية او منخفضة من  شوارد الهيدورجين pH.

واشارت نعمة إلى أنه من هذه العينات 34 عينة غير صالحة للشرب، لأنها تحتوي على احياء قولونية اجمالية، واحياء قولونية برازية، ونسب عالية من الكلور، ونسب عالية من النيترات، ويباع منها يومياً اكثر من 31 ألفاً و625 ليتراً من المياه. 

غرافيك 



المساهمون