مونديال الأحلام الخضراء

12 يونيو 2014
+ الخط -

سنعيش منذ اليوم شهراً مختلفاً، هو ليس كباقي الشهور لأنه لا يتكرر إلا كل أربعة أعوام، وفي كل مرة يأتي فيها، فإنه يحضر بنكهة جديدة، ويأخذنا إلى عوالم لم يسبق لنا أن عشناها، ويفرض علينا نمطاً من السلوك يكسر وقارنا ويبدل إيقاعنا، ويخلطنا مع بشر ليس من عادتنا أن نتشارك معهم إلا وسائل المواصلات، وكوارث الطقس.

إنه "المونديال"، الذي سيحلق بنا في عوالم كرة القدم ويعيدنا إلى طفولة الكرة الأولى، لنركض حتى الفرح والبكاء مع لاعبين، يمثلوننا كثيراً، لأنهم ينفذون إلى أحلامنا التي نجري خلفها، ونحن نكبر، ونبتعد رويداً رويداً عن الملاعب التي رمينا فيها الكرة في ملاعب الآخرين وظلت هناك.

بدءاً من اليوم سيكون لكل منا أبطاله، الذين يركضون وراء الكرة، سيطاردهم لوحده، ولن يستطيع أحد أن يصادر منه فرحه بهم، ولا أن يعتقل أحلامه بهم. ستكون الاحلام عادلة ومشروعة، ومقسومة بالقسطاط بين الناس، الصغار والكبار، الأغنياء والفقراء، الرجال والنساء. الكل سوف يحاول أن يجد لنفسه فسحة خاصة به في هذا المونديال.

سوف نختلف ونتفق، وننشغل بالمتابعة والتحليل، وبعضنا سوف يتحول إلى محلل رياضي، لكننا سوف نلتقي عند متعة الفرجة التي تعيدنا إلى طفولة بيضاء، كما هو الهدف الذي سوف يسجله أول لاعب هذا المساء.

"مونديال" هذا العام يختلف عن غيره كثيراً، هو مونديال البرازيل، القارة الخضراء، بلد التعددية الاثنية والثقافية، أرض الاختلاط، والتسامح، الفقر والنبالة، وفن الكرة والرقص. ولذا ننتظر منه الكثير، ليس فقط كرات يسددها الهدافون المهرة في الشباك، نريد ما هو أكثر من المتعة والفرح، نطمح لأن تلهم البرازيل عالم اليوم، أن ترشده إلى مفاتيح الروح الرياضية في عالم تطغى فيه لغة القوة، وتفرخ فيه الحروب في كل مكان من كوكبنا.

المساهمون