موناكو والفضائح... الملياردير الروسي صاحب التاريخ المشبوه

08 نوفمبر 2018
ريبولوفليف الشخصية الكروية المثيرة للاهتمام (Getty)
+ الخط -
العمل في عالم كرة القدم يحتاج إلى الكثير من الذكاء والتخطيط، وفي حال كنت رجل أعمالٍ كبيرا، فإن ذلك سيساعدك لتحقيق ما تريده، هذا بالضبط ما ينطبق على الملياردير الروسي ديميتري ريبولوفليف، رئيس نادي موناكو، الذي تدور حوله الشبهات في الأيام القليلة الماضية.

وكشف "فوتبول ليكس"، الموقع المتخصص في نشر وثائق فساد كرة القدم، بأن نادي موناكو استفاد من مبالغ مالية ضخمة على شكل رعاية، لكنها كانت قادمة من قبل الملياردير الروسي، وذلك لإنعاش خزينته في عام 2014 وإبرام صفقات كبيرة من دون التعرض لعقوبات بسبب سياسة اللعب المالي النظيف.

وبحسب المصدر عينه، فإن ريبولوفليف قام بإبرام عقدٍ وهمي مع شركة "إيه آي إم" الواقعة في هونغ كونغ، والتي تعهدت بتزويد موناكو بمبلغ مليار و400 مليون يورو على مدار عشر سنوات، لكن في الوقت عينه قام بتوقيع عقد مع شركة في جزر العذراء البريطانية، والتي يمتلكها الرجل الروسي.

ولا يمكن استبعاد ما قالته فوتبول ليكس عن ريبولوفليف، فالماضي دائماً ما كان مثيراً للجدل..

ادعاءات القتل والحكم

في عام 1995، نقل ريبولوفليف أفراد عائلته إلى جنيف في سويسرا، خوفاً على أمنهم وسط الفوضى الداخلية في أعقاب زوال الاتحاد السوفييتي خلال ذلك الوقت. وفي مايو/أيار من نفس العام اتهم ريبولوفليف بالتآمر لقتل رجل أعمال منافس له يدعى إيفنجي بانتيليمونوف، وتم القبض عليه لاحقاً، وقضى 11 شهراً في السجن قبل أن تتم تبرئته تماماً من المحكمة لعدم وجود أدلة كافية، وذلك بعدما تراجع الشاهد الوحيد عن أقواله على خلفية تدخل أندري بوكميلكين، شقيق أحد الأعضاء الممثلين لمنطقة بيرم في الدوما (مجلس النواب في الجمعية الاتحادية لروسيا)، إضافة للحاكم المحلي آنذاك جينداي إيغومينوف.

في عام 1997، تمت تبرئة ريبولوفليف من قبل المحاكم على ثلاثة مستويات، بما في ذلك المحكمة العليا، وذكر حينها رجل الأعمال الروسي، أنه تعرض للابتزاز داخل السجن لبيع أسهم شركته مقابل حصوله على الحرية لكنه رفض ذلك على حد قوله.


الطلاق الشهير

في عام 1987 تزوج ريبولوفليف من إيلينا روبيلوفليفا، واستمرا معاً حتى عام 2008، وحين قررا الانفصال، رفضت الزوجة تسوية بقيمة مليار دولار أميركي، مطالبة بمبلغ 4,5 مليارات دولار.

في تلك الفترة ظهرت أكثر العلامات إثارة للجدل، وذلك بعد الرسالة التي بعثتها روبيلوفليفا إلى المدعي العام في جنيف بديسمبر/ كانون الأول 2008، حذرت خلالها، أنها في حال تعرضت لأي مكروه، فيجب أن يكون زوجها ديمتري على رأس قائمة المشتبه بهم، ويبدو أنها كانت تعلم ربما عن أساليبه غير التقليدية في التعامل مع المشاكل التي تضايقه.

في شهر مايو/ أيار عام 2014، منحت محكمة جنيف الزوجة السابقة لريبولوفليف مبلغاً قياسياً بلغ 4.8 مليارات دولار. كان من الممكن أن يكون هذا الرقم أعلى تسوية للطلاق في التاريخ في ذلك الوقت. ومع ذلك، نجح محامو ريبولوفليف في الطعن في حكم 2014 الصادر في يونيو 2015.

ونقضت محكمة جنيف القرار السابق، حيث حكمت بأن المبلغ الذي ستحصل عليه ريبولوفليفا قد خُفض إلى 564 مليون فرنك سويسري، أي أقلّ بكثير من مبلغ 800 مليون فرنك سويسري الذي قدمه ريبولوفليف مرارًا وتكرارًا لها.

علاقته بحملة ترامب الانتخابية

انتقل ريبولوفليف من روسيا إلى جنيف، ثم من قبرص إلى موناكو، وبات هناك رئيسا لنادي الإمارة الفرنسية عام 2011، وحاول إخفاء ماضيه المشبوه، من أجل الحصول على جواز سفر موناكو "مونيجاس".

في عام 2015 توصل ريبولوفليف لحلٍ مع زوجته السابقة وأنهي الطلاق بشكل ودي، ليظهر الروسي بعدها كشخص مركزي في الجدل الذي يحيط بتواطؤ الكرملين في حملة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ودعمه اللامتناهي للوصول إلى مقعده الحالي بأساليب مختلفة من خلال بث أخبار كاذبة حول منافسيه على سبيل المثال.

في البداية علينا العودة إلى عام 2008، وقيام ريبولوفليف بدفع مبلغ 95 مليون دولار أميركي لشراء عقار على شاطئ البحر في ولاية فلوريدا وتعود ملكية العقار لترامب. هذا الأمر أثار انتباه المحققين الفيدراليين والكونغرس بعد الانتخابات الأميركية في 2016، ليقوموا بدراسة المعاملات المزعومة بين العناصر الروسية والأعضاء في الدائرة الداخلية لترامب.

لم يكن ريبولوفليف نشطاً في السياسة الروسية، وأمضى معظم العقدين الماضيين في الخارج، لكنه من المعروف قربه من يوري ترونتيف، وهو مستشار كبير لدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وكان في السابق رئيساً لبلدية بيرم، المدينة الواقعة في جبال الأورال، حيث ترعرع الملياردير الروسي. بعد ذلك حامت الشكوك في الفترة الماضية كثيراً حول ريبولوفليف وعلاقته بترامب، فخلال الحملة الانتخابية الأميركية، تم رصد طائرة خاصة من نوع ايرباص - تحمل شعار M-KATE - في نفس مكان وجود ترامب أثناء التجمعات الانتخابية.

هبطت الطائرتان في غضون ساعة من بعضهما البعض في أوائل نوفمبر 2016، في مطار شارلوت الدولي، في ولاية كارولينا الشمالية. شارك ترامب في تجمع انتخابي قريب، وقال ريبولوفليف إن هذه "مصادفة محضة" وإنه لم يلتق قط بترامب.

وقال المتحدث باسم الحكومة إن "الأوليغارشي" (الثري وصاحب السلطة أو المقرب منها)، يُسافر على نطاقٍ واسع في الولايات المتحدة، بما في ذلك نيويورك ولوس أنجليس، لأسباب تتعلق "بالعمل والمتعة".

بالإضافة إلى ذلك، تم اكتشاف اليخت الفاخر الخاص بريبولوفليف، والذي يدعى "My Anna" في دوبروفنيك بكرواتيا خلال شهر أغسطس 2016، في نفس الوقت الذي كانت تزور إيفانكا ترامب وزوجها جاريد كوشنر المنطقة في العطلة الخاصة بهما. يقول ريبولوفليف إنه لم يلتق قط بكوشنر، وهو مستشار بارز في البيت الأبيض، وصهر دونالد ترامب.

قضايا من هنا وهناك

أمرٌ آخر غريب ارتبط اسم ريبولوفليف به، وهو استقالة وزير العدل السابق في موناكو، فيليب نارمينو، في شهر سبتمبر 2017، بعدما واجه أسئلة من المدعين العامين، بتلقيه هدايا من الملياردير الروسي. ولريبولوفليف علاقة بعالم الفن، إذ يعتبر الرجل الروسي عاشقاً للوحات والرسم، فمجموعته تضم لوحات بول غوغان وأوغست رودان وأميديو موديالييني وبيكاسو وهنري ومارك روثكو.

في شهر فبراير/شباط 2015، أفيد أن ريبولوفليف كان ضحية لعملية تزوير فنية معقدة، وزُعم أن من ارتكبها كان تاجر الأعمال الفنية إيفيس بوفييه، والذي تم اتهامه بالاحتيال والتواطؤ في غسيل الأموال. في عام 2016، كان ريبولوفليف مرة أخرى في دائرة الجدل، بعد زعمه شراء ثلاث من لوحات بيكاسو المسروقة من تاجر الفن أوليفر توماس.

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2018 أطلق ريبولوفليف دعوى قضائية في محكمة مانهاتن الفيدرالية ضد دار سوذبي للمزادات، والتي تعتبر من أقدم دور المزادات في العالم، زاعماً أن "سوذبيز" ساعدت في أكبر احتيال فني في التاريخ. كلّ هذه الأمور تقودنا إلى مكانٍ واحد، إلى أمرٍ ربما يكون صحيحاً، وهو أن رئيس موناكو قام بطريقته الخاصة بخداع الهيئات الإشرافية بالاتحاد الأوروبي لكرة القدم من أجل التهرب من قانون اللعب المالي النظيف.