موسيقى ما بعد الربيع العربي

23 نوفمبر 2016
انتقدت فرقة "أطفال الشوارع" المصرية نظام السيسي الحاكم (فيسبوك)
+ الخط -
ظهرت في دول المغرب العربي عدة فرق موسيقية غزت المحافل الشبابية بعد ثورات الربيع العربي، وشكلت أغانيها شعارات للمتظاهرين، ألهبت حماستهم وشحذت هممهم، واستطاع عدد من هذه الفرق الاستمرار في نهجه المنتقد للنظام والرافض للظلم والفساد بينما توقفت أخرى مكتفية بما حققته من شهرة في طريق بحثها عن الأضواء واستغلال موجة الثورة.

وقدمت هذه الفرق أعمالاً فنيّة غير مألوفة تنتقد وتسخر وتحرض، حتى في الدول التي لم تعرف ثورات ظهرت فيها فرق فنية مشابهة ومواكبة لأحداث ثورات الربيع العربي. وتنوعت الأساليب الغنائية ما بين الشعبي والشبابي و"الراب"، واختارت أخرى الدمج بين أنواع موسيقية مختلفة مع كلمات تعبر عن مشاكل الجيل الحالي.

ففي موريتانيا، تعتبر فرقة "أولاد البلاد" من أشهر الفرقة الموسيقية التي استطاعت تحقيق شعبية جارفة خاصة في الأوساط الشعبية الفقيرة في فترة الربيع العربي، وقلبت الموازين وغيّرت المعادلات في بلد محافظ اجتماعياً وفنياً ترتبط ممارسة الفن فيه بطبقة اجتماعية "إيكاون" تصنف رابعة في التراتبية الاجتماعية الطاغية في موريتانيا.
وتأسست فرقة "أولاد البلاد" منذ حوالي عقد من الزمن، وتتبنى اللون الموسيقي الخاص بموسيقى "الراب". حققت الفرقة انتشاراً واسعاً في أوساط الشباب بفضل أغانيها الشعبية المنتقدة للوضع الاجتماعي والاقتصادي بالبلاد.
وتمتلك الفرقة المكونة من أربعة فنانين إمكانات فنية كبيرة، فكل عضو من أعضائها يؤلف ويلحن ويغني ويوزع. ومنذ اندلاع ثورات الربيع العربي، استأثرت الفرقة بالمشهد الغنائي في موريتانيا، وحققت شهرة كبيرة مستغلة الصراع بين النظام والمعارضة لإنتاج أغان تنتقد الظلم والفساد والتهميش.
وعانت الفرقة من التضييق بعد الأغاني المنتقدة للنظام، ومن بينها "كيم" (ارحل) و"المسكين" و"رئيس الفقراء" و"رسالة". واعتبرت الفرقة أن ما تعرضوا له هو تصفية حسابات. وأمام إصرار أعضاء الفرقة على الاستمرار وإنتاج أغان تهاجم النظام الحاكم، تم اتهامهم بتعاطي المخدرات والاغتصاب، مما دفعهم إلى الرحيل مكرهين إلى السينغال حيث يواصلون إصدار أغانٍ تتمرد على الواقع وتنتقد للنظام.
وفي تونس، البلد الذي انطلق منه الربيع العربي، ظهر عدد من الفرق التي اهتمت بهموم الشعب، فيما استغلت فرق أخرى، ظهرت قبل الثورة، الموجة الجديدة ورفع مستوى الحريات، لإبداع أغان ناقشت مواضيع البطالة والزواج والهجرة والحرية، وانتقدت السلطات التونسية في طريقة تعاملها مع مشاكل الشعب. ومن بينها فرقة "ماسكوت" التي انخرطت في مسار الثورة وقدمت أغاني جميلة مثل "بنات اليوم" و"أنا راحل"، كما ظهرت فرقة "مهدي أرتو"، والتي حققت نجاحاً كبيراً بأغاني "أنا عايز أتجوز" و"أوباما" و"رسالة إلى المشير".

وتعيش تونس حالة ازدهار موسيقي، وازدياداً ملحوظاً في تأسيس الفرق الغنائية الشبابية، وعودة للفرق الموسيقية التي أرغمتها السلطة في السابق على الانطواء، وهجر الساحة الفنية. فيما أرغِمَت فرق أخرى على "الغناء الثوري" حتى لا تتخلف عن الركب، وتنال حصتها من سلسلة الأغاني التي جاءت بعد الثورة دون أن يكون لديها التزام حقيقي بقضايا التونسيين في هذه الفترة.
ورغم الأوضاع الصعبة في ليبيا فقد ظهرت فرق موسيقية تعبر عن مشاغل ومشاكل الليبيين وتمزج بين الأمثال والقصائد العربية القديمة، منها فرقة "ليبيا الحرية" التي تتناول في أغانيها موضوع الشهداء والحرية.

المساهمون