لماذا تحتاج المكتبة العربية إلى موسوعات؟ وما هي الأهمية الثقافية والأكاديمية والفلسفية لوجود موسوعة عن الفلاسفة بالذات؟ السؤال يثيره صدور مجلّدين من "موسوعة الفلاسفة العرب المعاصرين"، مؤخّراً، عن "ملتقى الفلاسفة العرب" في القاهرة، وقد أشرف عليها وقدّمها الأكاديميون أحمد عبد الحليم عطية وسعيد توفيق من مصر، وبن مزيان بن شرقي من الجزائر، وعبد الستار الراوي من العراق.
يُمكن فهم أهمّية هذه الموسوعة بالذات من مقدّمة توفيق، الذي يقول إن الموسوعة "لم تتورّط في هذه الخطايا الشائعة في عصرنا؛ بحيث تصنّف الكتاب والمفكّرين في فئات، وتضعهم في درجات. كلّا، لم تلجأ هذه الموسوعة الى شيء من ذلك التزييف في المشهد الثقافي العربي. لم تلجأ الموسوعة إلى شيء من ذلك، فلم تسعَ إلى إعلاء شخصية على حساب أخرى، ولا اتجاه على حساب آخر، وانما لجأت الى منهج مبسط للغاية، وهو: ذكر أسماء الشخصيات التي ساهمت في الدرس الفلسفي إبداعاً أو تأويلاً أو نقداً، أو حتى عرضاً وشرحاً".
تتميّز هذه الموسوعة عن أي محاولة سبقتها بأنها تحرّرت من ما يمكن تسميته، طبقات الفلاسفة، ولم تنطلق في تصنيفاتها من النخب التي كرّستها ظروف أو مدارس بعينها، وكذلك لم تصنف الكتابات الفلسفية وفقاً لتوجهاتها، لعلم القائمين عليها أن التصنيف في هذه الحالة سيتأثّر حتماً بتوجّهاتهم هم أنفسهم وتفضيلاتهم وتياراتهم.
أهمّية الموسوعة تكمن في التفاتها إلى تاريخ الفلسفة العربية الحديث، والذي قلّما تمّ الالتفات إليه وتصنيفه، إذا اهتمّت الموسوعات السابقة بتاريخ الفلسفة الإسلامية القديم والتراث الفكري أكثر من التنبّه إلى ضرورة تفنيد الماضي الفلسفي القريب، إلى جانب قراءة راهن هذا الحقل المعرفي، ضمن أعمال منهجية تفيد الدارسين والباحثين في تاريخ الفلسفة العربية المعاصرة.