وفي العلن أيضاً يتحدثون هم ودوائر الإعلام في دولهم عن معركة سياسية يخوضونها في واشنطن لتحريك مياه القضية الراكدة، متناسين أنها مياه متحركة لكن لصالح الإسرائيليين، ويتحصنون في معركتهم بإجماع عربي انتهت إليه قمة البحر الميت التي عقدت في 29 مارس/آذار الماضي، على مرمى حجر أو نظرة من الأرض المحتلة، وقد وضعت القضية الفلسطينية على رأس بيانها الختامي.
الحماسة المعلنة، تصطدم ببرود أميركي معلن، ويشكك في صدقيتها التصريحات المعلنة أيضاً والصادرة عن البيت الأبيض، والتي تطرح المسألة الفلسطينية بنداً ثانوياً على جدول المباحثات التي عقدت، والمُنتظر عقدها، لا يتعدى وجودها مجاملة للضيف أو محاولة للضغط بما ينسجم والرؤية الإسرائيلية.
بالنظر إلى قرارات قمة البحر الميت، فإنها لم تقدم جديداً فيما يتصل بالقضية الفلسطينية، سوى إعادة الترتيب على جدول قرارات البيان الختامي، والتمسك بثوابت الحد الأدنى التي أكدت عليها قمم عهد السلام، من دون طرح آليات عمل جديدة تضمن تحقيق هذه الثوابت التي بات تحقيقها مستحيلاً بالنظر إلى سياسة الأمر الواقع التي فرضتها إسرائيل على الأرض بدعم أو تواطؤ أميركي.
لدى القادة العرب المختلفين إلى أبعد الحدود، والمنغلقين على مواقفهم وتوجهاتهم، واللاهثين وراء مصالحهم المرتبطة عضوياً بالحليف الأميركي، الكثير من القضايا لطرحها على الطاولة في موسم حجيجهم الربيعي، وليس من بينها الفلسطينية، وأقلها فإنها لا تمثل أولوية صادقة، وغالباً تحضر بنسب متباينة في إطار صفقات لانتزاع مواقف تجاه قضايا أخرى.
بالضرورة فإن إعادة مركزية القضية الفلسطينية، تتجاوز إعادة ترتيبها على مقررات البيان الختامي، لصالح تبني رؤية عربية واضحة لمستقبلها مفصولة تماماً عن الرؤية الأميركية المنتظر تبلورها، والتي لن يقطف منها العرب سوى مزيد من الفشل.